حول أهمية غرس الكلمات الحسنة في نفوس الأبناء

تحدثنا في المقالة السابقة عن أثر الكلمات في تنشئة الطفل وتشكيل شخصيته، إذ أن الألفاظ التي تقال أمام الطفل، وتتكرر وتعاد باستمرار على مسامعة، تعلُق في ذاكرته، وترسُخ في ذهنه، وتُصبح جزء من وعيه وقاموسه وألفاظه، وتُشكل سلوكه وتصرُفاته، وتُساهم في تشكيل شخصيته، وهو ما ينعكس على حياته الاجتماعية مستقبلاً، وتؤثر في علاقاته بالآخرين.

غير أن بعض الآباء يستسهل التلفظ بالكلمات الغير لائقة في التعامل مع الأبناء، ولا يبالون من تبعات هذا الأمر، فتراهم يتفوهون بالكلمات الجارحة والمؤذية في حال انفعالهم وغضبهم. كما أنهم لا يستنكرون ما يتلفظ به أبنائهم من كلمات سلبية، ولا يسعون إلى تقويمها وتصحيحها، أو العمل على تعديل السلوكيات السلبية والخاطئة التي يقعون فيها، وكيفية تفاديها مستقبلاً، وذلك عن طريق التوجيه بالطرق التربوية السليمة.

فإذا كان من الواجب حين يتلفظ الطفل بالعبارات اللطيفة والجميلة استحسانها منه، إلا أنه في حال تلفظه بالكلمات السلبية فيجب إظهار عدم قبولها منه، وتبيين خطأها، لأن عدم استنكار هذه الكلمات والسكوت عنها توحي للطفل بأنها كلمات جيدة ومقبولة ومرضيٌ عنها، وبالتالي يتفاعل معها ويسعى إلى تقليدها وتكراراها والتلفظ بها أمام الآخرين من حوله.

ويُرجع عبدالعزيز بن صالح المطوع «أسباب تفوّه الأبناء بتلك الكلمات السلبية إلى أسباب اجتماعية، خاصةً ردَّة فعل الوالدين في قبول أي كلمة يتفوه بها الطفل في مراحله العمرية؛ فعندما يتفوه بأي كلمة ينظر إلى من حوله، فإن وجد القبول من الوالدين، إما بابتسامة أو أي ردَّة فعل إيجابية، فإنها تتأصل بداخله رضاهم، ثم يُعزّز ذلك السلوك بداخله ويكرره في كل وقت، لكن عندما ينظر إليه الوالدان بنظرة حادة واستنكار، وكذلك عدم تقبل، يدرك أنه على خطأ، وبالتالي عدم إعادته أو تكراره، لذك فإن ردة الفعل الأولى هي الأساس في غرس القيم لدى الطفل».

خلاصة القول بأن على الآباء الحذر من إطلاق العبارات السلبية ضد أبنائهم، والعناية في اختيار المفردات المناسبة في مخاطبتهم، والحرص على تهذيب سلوكهم، وتشجيعهم على السلوكيات الحسنة، وامتداح السلوكيات الطيبة التي تصدر منهم، وزرع القيم والمبادئ في نفوسهم، وتربيتهم على التشبع بالقيم الأخلاقية الجميلة. بالإضافة إلى أهمية تعليمهم على استخدام الألفاظ الجميلة، وتنمية قاموسهم من الكلمات المهذبة، أو تلك التي تعزز ثقتهم بأنفسهم وحسن التصرف مع غيرهم، مع تشجيعهم على انتقاء الألفاظ السليمة التي ترتقي بهم، وتهيئهم لاستخدامها مستقبلاً في حياتهم.

إن انتقاء الألفاظ الجميلة والمهذبة في مخاطبة الآخرين، أو في التعامل معهم، تجعل الجميع يتودد من قائلها، ويتعامل معه برقي واحترام. إذ أن الكلام الطيب الحسن، أو الكلام السلبي، له انعكاساته على النفس البشرية، وفي العلاقة بين الناس. فالألفاظ النابية والفاحشة تؤدي الى التنافر والخصومة والكراهية بين الناس، كأفراد وأسر، أو كجماعات بشرية، بينما الكلمات الجميلة تقرب بين الناس، وتؤلف بين قلوبهم، وتحببهم إلى بعض.