الخيمة الشعرية تتألق في مدرسة التهذيب المتوسطة

شبكة أم الحمام تقرير : الأستاذ فاضل آل هلال

في أصبوحة اليوم العالمي للغة العربية ( الاثنين 30 / 3 / 1439هـ  18/ 12 / 2017م ) تألقت مدرسة التهذيب المتوسطة الأهلية شعراً تحت سقف خيمتها التي ظللت الحضور بجرسها وموسيقاها المنبعثين من تفعيلات أبيات القصائد وقوافيها .

كانت أصبوحة الخيمة الشعرية التي نفذتها أسرة اللغة العربية بالتعاون مع رائد النشاط الطلابي الأستاذ فاضل آل هلال ، تزهو بروادها ، فقد استضافت المدرسة في يومها المشهود الشاعر الأستاذ يوسف آل ابريه ، وهو من شعراء القطيف المبدعين وممن تعرفه المكتبة الأدبية بإصداراته المتنوعة ، كما تعرفه المنتديات الأدبية بحضوره الفاعل والمؤثر .

بدأت فعاليات الخيمة الشعرية بتقديم عريفها الطالب اللبق مهدي السادة ، واستهلت بتلاوة عطرة بأداء الطالب الشاعر حسين الشماسي ، ثم كانت أولى فقراتها حول الحديث عن اللغة العربية في يومها العالمي وعن مكانتها قديماً وحديثاً ، وربط تطورها بالحدث العظيم ( نزول القرآن الكريم ) الذي ساهم مساهمة بالغة في نمائها وازدهارها – بحسب ما جاء في كلمة الأستاذ حسين الخليفة – الذي تحدث أيضاً عن تطور الشعر العربي تطوراً  فاق بكثير ما كان عليه الشعر في العصر الجاهلي ، وألمح إلى الدراسات النقدية والرسائل الجامعية التي رصدت التطور المذكور ، فقد أغنت تلك الدراسات المكتبة العربية الأدبية بكتب ورسائل تبين أثر ( القرآن الكريم ) على الشعر العربي منذ نزوله على قلب رسول الله ( ص ) في العصر الإسلامي الأول وصولاً إلى العصر الحديث المندهش بما أوتي من أدوات نقدية متقدمة من لغة النص القرآني المذهلة ومن إمكاناتها المفتوحة على القراءات ؛ مما أدى إلى استيلاد وضع جديد ترك أثره الإيجابي على النص الشعري وعلى مبدعيه من الشعراء ، وهذا أمر طبيعي ؛ فالشعر ليس مجرد عاطفة تفيض عن قلب الشاعر ، بل هو معني بتمثل الأفكار والرؤى واللغة والأساليب تمثُّلاً عفويّاً و قصديّاً على حدٍّ سواء .

ولعل الوضع الجديد الذي أنتجه نزول القرآن الكريم – كما يتابع الأستاذ في كلمته - هو الذي دعا أبا الطيب المتنبي إلى تفضيل شعره على الشعر الجاهلي في قوله :

ما نال أهلُ الجاهلية كلهم  ..... شعري ولا سمعت بسحري بابلُ

وإذا أتتك مذمتي من ناقص ......... فهي الشهادة لي بأني كاملُ

فالقصيدة فكر ولغة وأسلوب وعاطفة ، ولا بد أن يحدث الفارق بين العصرين الأدبيين ، بين عصر أمي لا كتاب له وبين عصر ظفر بمرجعية ذات جانب إعجازي في مضامينها وأساليبها وفي لغتها وبلاغتها ، بالإضافة إلى التحدي الثقافي الذي عاصره المتنبي وشعراء عصره إبان حركة الترجمة والنقل التي ضخت إلى الساحة الثقافية آنذاك أفكاراً ورؤى ذات أبعاد فلسفية ليس للعرب عهد بها من قبل ،مما أدى إلى انعكاس ذلك على النص الشعري الذي استلهم الرؤى الجديدة وعارض ورد على ما كان منها مخالفاً ومناوئاً لمضامين القرآن الكريم وعموم المفاهيم الإسلامية ، وكان القرآن الكريم هو السند والمحور والمعين الذي ظل الشعراء ينهلون من رؤاه وينفعلون بلغته وأساليبه المشرقة ، لتكون للجو الجديد مدخلية في بعث الحياة والتجدد في النص الشعري على مستويات اللغة والمضمون .

ثم بنى المتحدث – على ضوء ما تقدم في كلمته – نظرته الاستشرافية إلى مستقبل اللغة العربية التي تواصل انتشارها ، مشيراً إلى الإحصائيات التي تبين ازدياد المعاهد ومراكز الدراسات التي تعنى بتعليم اللغة العربية ودراسة قضاياها عاماً بعد عام في مختلف بقاع العالم ؛ مما يدفعنا إلى الاعتزاز بها عمليّاً واستثمار مادتها في الانتاج الإبداعي وتوليد المبدعين .

وختم الأستاذ حسين الخليفة كلمته بالحديث عن تجربته في استنطاق الموهبة الشعرية لدى طلاب بمستوى المرحلة المتوسطة .

بعد ذلك جاء دور الطلاب الشعراء ليلقوا مجموعة من قصائد لشعراء سبقوهم في تعلم علم العروض وصولاً إلى إبداع النص الشعري في المرحلة المتوسطة تحت سقف مدارس التهذيب نفسها ، تالين ذلك بإلقاء نماذج من إبداعاتهم الشعرية ، مما جعل الحضور يشعرون بالدهشة ؛ لأنهم استمعوا إلى شعر لا يقوله إلا الشعراء الناضجون ، خصوصاً وقد اعتاد الحضور في مثل هذه الأصبوحات التي تقام في المدارس أن يستمعوا إلى طلاب يلقون قصائد الشعراء الكبار لا قصائدهم هم أنفسهم  ، وهذا هو محل تلك المفاجأة ومنشأ ذلك الإدهاش ...! 

تلت كلمة الأستاذ حسين الخليفة فقرة التقطيع الشعري الشفهي ، حيث قام الطالب الشاعر علي آل داوود بتقطيع أربعة أبيات من قصيدة له تقطيعاً شفهياً أمام الحاضرين ، لينقل إلى الجمهور المندهش رسالةً مفادها أن القصيدة التي ألقاها هي من إنتاجه ومن إبداعه – وهو ممن أتقن معرفة البحر والوزن والتقطيع وأصول النظم الشعري – مولداً عند الجمهور الكريم شعوراً صادقاً بأنهم – فعلاً – في خيمة شعرية إبداعية وفي أصبوحة مدرسية لها فرادتها من بين الأصبوحات .

ثم تلت فقرة التقطيع الشعري الشفهي نوبة الشاعر الضيف الأستاذ يوسف آل ابريه الذي أتحف الحضور بإلقاء مجموعة من قصائده المطبوعة التي لاقت استحسانهم  وبثت البهجة والسرور بين رواد الخيمة الشعرية ، بالإضافة إلى قصيدة مخطوطة يلقيها لأول مرة حول بلدته الجميلة سنابس ، منوهاً قبل ذلك بنصوص الطلاب الشعرية التي نعتها باستقامة الوزن واحتوائها على الصورة الأدبية وانطوائها على نضج مبكر لم يألفه الجمهور ممن في مرحلتهم ، وهذا الأمر – كما تفضل ضيفنا الكريم – يبعث على التفاؤل ، ويشير إلى أن اللغة العربية في خير وأنها كانت ومازالت محل فخر واعتزاز لدى الناطقين بها ، ومن مؤشرات ذلك الفخر أن يتناولها طلاب في المرحلة المتوسطة تناول إنتاج وإبداع لا تناول اتصال وتواصل فقط ....

ثم ختم الشاعر الأستاذ يوسف آل ابريه كلمته بحث الطلاب الشعراء على كثرة القراءة وحضور المنتديات الشعرية والأدبية في المنطقة وفي عموم الوطن ، والسعي إلى المشاركة فيها ، لصقل مواهبهم وتنميتها ، متمنياً لهم دوام  التألق والعطاء.

كانت الخيمة الشعرية عامرة بجمهورها وضيوفها وشعرائها ، فممن شرَّف الحفل مرحبَاً به من قبل قائد المرحلة المتوسطة الأستاذ جعفر آل حمود ومنسوبيها مشرف اللغة العربية في مكتب التعليم في المنطقة الأستاذ محمد الجويسم  وقائدا المرحلتين الابتدائية والثانوية في مدارس التهذيب ولفيف من منسوبي المتوسطة من المعلمين والإداريين الكرام.

أنهت الخيمة الشعرية يومها الحافل في يوم عربيتها العالمي بقصيدة من إبداع الأستاذ بلال محمد سيد لاقت استحسانا من الحاضرين ، ثم تقدم قائد المدرسة مع الضيف الشاعر ومجموعة من المعلمين الأجلاء لتكريم المشاركين في النظم الشعري والإلقاء من الطلاب الشعراء : ( مهدي السادة ، حسين الشماسي ، جواد تويريت ، أحمد البحراني ، حسين العمران ، أحمد المهنا ، أحمد الضامن ، تقي آل يوسف ، علي المختار ، علي آل داوود ، حسين المتروك )

بعدها كرَّم قائد المدرسة الضيف الكريم الأستاذ يوسف آل ابريه شاكراً له باسم المدرسة وأسرة اللغة العربية  وريادة النشاط مشاركته الفاعلة وحضوره الطيب .

كانت الخيمة الشعرية يوماً إبداعيّاً مشهوداً في مدرسة التهذيب المتوسطة الأهلية ، نسأل الباري تعالى أن يحفظ طلابنا الشعراء ويوفقهم إلى مزيد من التألق في عالم الشعر الفسيح ، وأن تستمر مدرستنا في اكتشاف المواهب الشعرية ورعايتها ، كما نتمنى أن يكون الإبداع الأدبي ظاهرة ملموسة في مراحل مدارسنا المبكرة ، وأن تعم الظاهرة المدارس كلها في ربوع بلانا الحبيبة .

نموذجان من قصائد طلاب التهذيب التي ألقيت في الخيمة الشعرية :

                               1)( لحظات مبدعة )

                                   لشاعر التهذيب أحمد سرحان قالها وهو في الثاني المتوسط

  1. عجبا لفن الشعر كيف تراقصــــت

                                                   في روضه كفراشة كلماتـــــي

  1. تمضي إلى وقت الحصاد مجــــــــــدة

                                            تزداد فيها عيشتي وحياتــــي

  1. في كل بيت أحرفي ممــــــــــــــــلوءة

                                               أنسا تزيل بدربي الظلمات

  1. وكأنني من فرحة أصبحت كالطــــــــ

                                                   ير الذي يهديكم البسمات

  1. سأزيدكم من هذه الأبيات كــــــــــــــي

                                                    أحيا و همي رفعة الدرجات

6-أنا لست مغرورا بنفسي إنمــــــــــــا

                                                  ثقتي بنفسي أظهرت قدراتي

  1. أشدو بأشعاري  وأنتم غايتـــــــــي

                                                 كي تصبحوا في أسعد اللحظات

  1. هب لي إلهي من لدنك عزيمـــــــة

                                                مشبوبة تبقى لحين وفاتـــــــــي

  1. واحفظني من شر على طول المدى

                                   

                                          حتى أظل مطهر النفحـــــــــــــــات

                                        ( 2)  (رفعة الإنسان )

لشاعر التهذيب علي عبد الله آل داوود يباشر الدارسة في الصف الثاني المتوسط

 

 

هتف الأمين (اقرأ) فهز كياني

                                          واقرأ بفجر الدهر نبض جناني

في الصحْف ألف حكاية قد عشتها

         بين السطور أهيم في البلدان

إرث الحضارة حزته من مصحفٍ

     فوجدت نفسي عالما بزماني

يا رب إني قد تلوت كتابنا

  فرأيت نهجا للحياة حواني

تلك السطور السود كم مجدٍ حوتْ

   جلّت معارفها عن الأثمان

إرث المعارف خير ما ورث الفتى

 ليس  القصور البيض للأطيان

والعارفون مخلدون بعلمهم

من فضل رب عالم منان

وقد ازدهت لعلومهم أوقاتنا

فغدوا مفاخر هذه الأزمان

فاعمل لكسب العلم دون تردد

إن العلوم لرفعة الإنسان

 

                  

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
عبدالله سالم
[ سيهات ]: 4 / 1 / 2018م - 8:12 ص
طلاب في المرحلة المتوسطة ينظمون آشعار بهذا المستوى من القوة يستحقون أن تكتب قصائدهم على جدار يات كبيرة ليعلم بها الجميع ويستحقون التكريم اللائق بهم من المعنين بالشأن التربوي والاجتماعي في البلد .