كيف نحمي شبابنا من العنف؟

الكتابة عن العنف، تعريفاته وأشكاله وأسبابه وتأثيراته وعلاجاته، تستحق الاهتمام والتكثيف، بل والتحذير والتوجيه، فالعنف كان وما زال أحد أعظم الآفات الفتّاكة التي تتسبب في تفتت وانهيار المجتمعات والشعوب والأمم.

المقال السابق «من المسؤول عن كل هذا العنف؟»، تناول بإيجاز ومباشرة ظاهرة العنف، أما هذا المقال فسيُحاول قدر الإمكان، الإجابة على السؤال/العنوان أعلاه، وذلك من خلال النقاط/العلاجات الخمس التالية:

الأولى: وهي صناعة الطفولة السليمة، وذلك عبر تربية الطفل على منظومة القيم والمُثل والأخلاقيات والسلوكيات الجميلة. فشخصية الإنسان، تُبنى عادة من السنوات الأولى، ومن الصعب جداً محو أو إزالة الكثير من الآثار والرواسب التي تكونت في فكر ومزاج وسلوك الإنسان في تلك المراحل العمرية الأولى. الطفل الذي يُمارس العنف ضد الآخر أو مورس عليه بعض العنف من أطراف أخرى، سيكون بلا شك أشبه بلغم مدمر، سينفجر حتماً.

الثانية: وهي نشر ثقافة التسامح والاختلاف والحوار والتنوع والتعدد، ونبذ كل صور التعصب والتنمر والكراهية والطائفية والأنانية والطبقية والفئوية والعرقية. فالعنف عادة، ردة فعل لعدم قبول شكل أو سلوك أو قناعة الآخر الذي يُمارس ضده العنف، وهنا يأتي دور ومسؤولية المنزل والمدرسة والنادي وكل مؤسسات التنشئة الاجتماعية لمواجهة ومكافحة ظاهرة العنف.

الثالثة: وهي استثمار وتوجيه الطاقة الشبابية لبناء وتنمية الوطن. فشريحة الشباب التي تُمثّل الأغلبية، تمتلك طاقات وقدرات وإمكانات هائلة، يجب أن توظف لصنع شخصية متوازنة ومتسامحة، لا أن تُترك أو تُهمل فتكون قنابل موقوتة تُهدد أمن وسلامة الوطن. طاقة الشباب، سلاح ذو حدين، وهي بلا شك تحتاج لبوصلة/استراتيجية وطنية توجهها نحو بناء وتنمية الوطن.

الرابعة: وهي تنقية وتقنين الإعلام بمختلف أشكاله ومستوياته من كل مظاهر وشوائب العنف، خاصة الإعلام الجديد الذي يُسيطر على كل مفاصل وتفاصيل حياتنا. فالإعلام بما يحويه من وسائل ووسائط فنية وبرامجية ودرامية هو أحد أهم الفاعلين والمؤثرين في تعزيز وتثبيت الممارسات والأخلاقيات، سواء المفيدة أو الضارة. الإعلام عبر منصاته ومنابره، لاسيما الرياضية والشبابية، يُغذي بكل أسف كل ألوان ومظاهر العنف والكراهية والتعصب.

الخامسة: وهي معالجة وحلحلة منظومة الضغوطات النفسية التي تُعد أصداء وانعكاسات لمظاهر الفقر والبطالة والفراغ والجهل والفوضى والأحباط واليأس والأدمان. فحزمة الضغوطات النفسية هذه وغيرها، هي من تجعل بعض شبابنا يبدو كما لو كان ناقماً على المجتمع، فيُمارس العنف والعدائية والتخريب.

كاتب مهتم بالشأن السياسي والاجتماعي والوطني