عذراً أيها الأحباب بارك الله فيكم ...

 لقد فُجِعَتْ أم الحمام برحيل إبنها البار الشاب ( محمد بن شنار آل شنر )    ( أبو جمال ) إلى جوار ربه بسكتة قلبية وهو يقود سيارته في طريقه إلى عمله الرسمي بإمارة المنطقة الشرقية ،وذلك في صبيحة يوم الأحد الموافق 25ربيع الأول 1430 هـ وقد لف البلدة الحزن وخيم على كل أطرافها السكون بفقد هذا الشاب النبيل كغيره من أبناء وشخوص هذه البلدة الطيبة الذين رحلوا إلى دار الخلد والرضوان ( بإذنه تعالى ) .

 وكعادة أهلها الطيبون في مثل هذه المناسبات الأليمة هبوا إلى ذلك التشييع المهيب الذي تقشعر له الأبدان وترتجف لمنظره القلوب ، ولقد كان العزاء بحق ملحمة إجتماعية رائعة خففت على أهل الفقيد مصابهم وربطت – بأمر الله - على قلوبهم بالصبر والسلوان ، ومما زاد المناسبة انضباطا ذلك التنظيم الرائع والتنسيق المشترك بين ( المدير التنفيذي للفاتحة : أ . مهدي شنار، ولجنة الولاية للمناسبات الدينية والإجتماعية ) الذي ينتسب المرحوم بصداقة حميمة مع أعضائها الموفقين . الأمر الذي إنعكس إيجابياً على ضبط إيقاع الأمور ودقة ومرونة سيرها بشكل إنعدمت فيه الإزدواجية ، واختفى فيه أيضاً التعارض بين الأحداث ، أو الركاكة في الترميز .

 كل ما سبق ما هو إلاَّ طريق تمهيدي لفتح نافذة على العلاقة القائمة بين  (الجماعات النفسية الإجتماعية في المجتمع ) على إختلاف ميولها  ، وتنوع إتجاهاتها ، وأخص بالذكر هنا ( جماعات المناسبات الدينية ) التي أصبحت رافداً مهماً من روافد العطاءات الإجتماعية . وضمانة راسخة من ضمانات الحفاظ على الموروث الثقافي للمجتمع المحلي . وأداة فاعلة من أدوات التطبيع الإجتماعي والثقافي للأجيال الناشئة من الذكور والإناث . بيد أن الجدير بالملاحظة وما يسترعي الإنتباه هو غياب مسألة مهمة من المسائل التي يجب أن تتصف بها هذه الجماعات في علاقتها مع بعضها ، بل ويجب على ( القائمين على إدارتها ) إعطائها ما تستحق من المراجعة والتدقيق حتى تستكمل هذه الأنشطة الإنسانية أهدافها ، وتتخلص من بعض النتوءات التي تشوه قوامها الجميل . وتحقق أعلى نسبة إستفادة من الجهد والتجربة الإنسانية التي تبذلها وتنتجها في آن واحد .

 هذه المسألة هي ( الذكاء الوجداني أو العاطفي ) الذي من خلاله يتم إرسال الرسائل الإيجابية للطرف الآخر بغض النظر من الذي بادر أولاً ؟؟ فليس من الذكاء العاطفي للجماعة أن تعتبر فقيداً ما منتسباً لجماعة ما ( خارج دائرة اهتماماتها الإجتماعية ) وشأن يخص تلك الجماعة التي ينتسب إليها أو من هو من المحسوبين عليها فقط . لأن هذا من شأنه أن يقلل حظوظ الجماعة الممتنعة في إحتلال مكانة إعتبارية هي تمتلك الإستطاعة والقدرة حتماً بل والجدارة في تبوئها ، والوقوف عند الدرجة المناسبة والمستحقة على سلم التقدير الإجتماعي .

  في هذا التحليل لست أقصد جماعة بعينها ، ولا حدثاً بمفرده بل أُحاول جاهداً البعد عن المسميات لئلا تنحرف الأهداف النبيلة التي أرنو إليها عن سياقها العام أو الخاص نظراً للإسقاط الذي ربما يسقطه كل قارئ على مفردات هذا المقال بناءاً على خارطته الذهنية التي غالباً ما تتشكل بناءً على عوامل أربعة هي  (البناء ، والحذف ، والإضافة ، والتشويه ) أو من خلال المنظومة الثقافية والفكرية التي تشرَّبها كل واحد منا منذ الصغر في إطار التنشئة الإجتماعية (تحويل الإهتمامات الخاصة إلى إهتمامات عامة ) التي نمر بها في مسار حياتنا الإجتماعية ، وتبلور تجربتنا الإنسانية . أو ما يُسمى بـ : ( نظام القِبليات ) . 
 
 إن ما يشغل بالي كمهتم بتنمية الموارد البشرية هو – كما أظن – إفتقار هذه المجموعات الخيرة إلى الهيكلية المكتوبة ، أو المرجعية التنظيمية الموثقة التي تنظم شؤونها ، وتقنن أنشطتها وتصف بكل دقة كل نشاط يدخل ضمن إهتماماتها ، وتوزع المسؤوليات بين أعضائها ( إداريين وتنفيذيين ) وكأن كل أمورها تسير بالبركة . أو بإسلوب الفزعة وأن بدت ملامح لبعض التنظيم إلا أنه لا يزال بعيداً عن الأطر التنظيمية والإدارية ، قريباً من الأعراف الإجتماعية التي وإن لست أنكر سلطتها إلاَّ إنها لا أرى فيها أداة صالحة لكل زمان ومكان . إضافة إلى إعتماد هذه الجماعات إسلوب ( التدريب من موقع الحدث ) والذي أحترم من يختاره ، إلاَّ أنه لن يكون فاعلاً دون أن يكون قائماً على أرضية معرفية من خلال التدريب المستمر ، تتحول بالممارسة الميدانية والتطبيق العملي إلى قدرات ومهارات ثم إلى جَدارات . شريطة أن تخضع جميعها إلى المتابعة والتقييم والتطوير المستمر . حتى تواكب التطورات المتلاحقة في قوالب التفكير والعمل وتساير المستجدات في أساليب وأوعية العمل الإجتماعي .

 ومن المعيب أن أنهي هذه المقالة دون أن أضع كل أمكانياتي ( في التدريب والتطوير )  في تصرف تلك الجماعات التي أحترم ما تقوم به من أعمال لصالح المجتمع المحلي ( ذكوراً ، وأناثاً ) ، إضافة لما أبداه لي مشكوراً الأستاذ الفاضل / بدر الشبيب من إستعداد للمساهمة في هذا الإتجاه التطويري ،أو من تقترحون إضافته من المختصين  .

 هذه قلوبنا مفتوحة لكم أيها الأحبة . تنتظركم لتسعد بكم .. بارك الله في جهودكم الخيرة ،،،

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 7
1
عبدالله عباس المرهون
[ Islamic Qatif - Umm Alhmam ]: 31 / 3 / 2009م - 6:51 م
اللهم صل على محمد وآل محمد

أستاذي العزيز أبو علي , لايسعنا إلا أن نشكر مساعيك وبوادرك الجميلة .....في الحقيقة المقال ذات روعة في الأسلوب وسلاسة في الألفاظ والعبارات وله قابلية لأن يفهمه الصغير والكبير منا

أشكرك أستاذي مجددا

تحياتي لك ولأمثالك ولكل من حمل على عاتقهالتفكير والسعي في تفريج هموم المجتمع ونفعه
2
محمد عادل
[ السعودية - ام الحمام ]: 1 / 4 / 2009م - 4:39 ص
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية عطرة .....
وبعد
اليوم... وأكثر من أي وقت مضى ، نرى ضرورة لتبني فكر التنظيم ، وشمولية الاندماج ، وتحسس روح المسؤولية من واقع البناء والتطوير في المجتمع ، ونرى أنه من واجب الجميع ، الاهتمام أكثر ، بنظرة المجتمع الواحد ، الذي تنطوي تحت مظلته جميع الأنشطة الاجتماعية ، والتي تمتاز بهوية الوحدة ، مهما كانت الصبغة التنظيمية التي ينتمي لها الأفراد ،و يجب أن نعي تماما ، أن هذه التنظيمات والفعاليات تنصهر في بوتقة المجتمع الواحد ، والكيان الموحد ، كلهم سواسية كأسنان المشط مهما اختلفت مشاربهم .
ما أسباب عدم وضع وثيقة تنظيمية أو دستور مكتوب للتنظيم ؟
ــ هي على سبيل المثال لا الحصر ...ثقافة الخوف من تحمل المسؤولية ، أو من الخطاء ، أومن خسارة المكانة لدى المجتمع بسبب عدم الثقة في النفس أو لقوة المنافسة من تنظيم آخر ، و كلها معيقات نفسية و وهمية، تمنع وضع الأسس المنطقية... (الدستور) لكي يلتزم به أفراد التنظيم الواحد والذي يرتب العلاقة بين أفراد التنظيم مع بعضهم ، وبينهم وبين بقية أفراد المجتمع . والحل هو نشر ثقافة أن العمل التطوعي شرف ، والكفاءة هي الفيصل في تحديد المسؤوليات والمناصب ، ومن يعمل لله لا يهم أين يكون ؟ ، وما هو الموقع الذي يشغل ؟ ، بل على العكس كلها شرف وعزه وكرامه وعند الله اجل وأكرم وأعز وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( خادم القوم سيدهم ) .
مع جزيل الشكر والتبجيل والثناء للأخوين
الأستاذ/ إبراهيم الشيخ
الأستاذ/ بدر الشبيب
3
السيد هاشم
[ um alhamam ]: 1 / 4 / 2009م - 7:46 ص
السلام عليكم

استاذي الكريم / ابراهيم علي الشيخ

ماطرحته استاذي هو بعنيه الجرح الذي نعاني منه وتعاني منه كثير من المنظمات وكثير من الهيئات سواء كانت دينيه ام خدماتيه فمن الواضح ان غايه جميع الاطراف هي نفس الغايه فلماذا هذا التعصب او هذا التوحد في النشاطات او الفعاليات نرى كل مجموعه تعمل على ان تكون افضل من الجماعه الاخرى فقط لانها تريد تحقيق مبتغى ( اننا الاقوى والافضل ) !!؟؟
وكما طرحت استاذي العزيز ان هناك امور اكبر من اهداف هذه المنشئات او الاحزاب كرحيل احد المؤمنين كالاخ( ابو جمال ) فمثل هذه الفاجعه او كمثيلاتها من الامور التي تتخطى اهداف و حدود المجموعات والاحزاب .. تتخطاها لتصل الى مرحله الاندماج بين افراد المجتمع لكي يكونوا يداً واحده في هذه المناسبات
أأسف على الاطاله

السيد
4
بدر الشبيب
[ أم الحمام ]: 2 / 4 / 2009م - 7:43 ص
الأخ العزيز الأستاذ ابراهيم الشيخ
أم الحمام كما تعرفها وأعرفها بلد يزخر بالإمكانات الخيرة والتي تحتاج إلى صياغة علاقة تكاملية فيما بينها للوصول لمبتغياتها النبيلة.
ما ذكرته حول الذكاء العاطفي أتفق معك فيه، وأرى أن نقصانه سبب للكثير من مشاكلنا البينية على مستوى الأفراد والجماعات.
الأهداف النبيلة والنوايا الطيبة لا تكفي وحدها لتحقيق ما نصبو بل لا بد من العمل الدؤوب المبني على أسس علمية.
أضع يدي بيدك في سعيك الرائع لخدمة بلدنا العزيز.
5
محمد عبدالله
[ أم الحمام - القطيف ]: 3 / 4 / 2009م - 4:41 ص
أولاً : نتقدم بالشكر الجزيل للكاتب الأستاذ / أبو علي .. على كتابته الجريئة والمسؤوله .. ولكن من الظلم أن نصف هذه المجموعات بــــ
[إفتقار هذه المجموعات الخيرة إلى الهيكلية المكتوبة ]
و
[وكأن كل أمورها تسير بالبركة ]
و
[ التدريب من موقع الحدث ]
أغلب اللجان العاملة في المنطقة بدأت تأخذ أسلوب العمل المنظم والمبني على الأسس العلمية والإدارية الحديثه والمصاحب لتدريب أفراده ...
وكذلك أغلب لجاننا بها انتخابات لأفرادها المنتمين لها ...
أي أن عملها مبنى على العمل المؤسساتي الحديث .
أنا أتفق معك في أننا بحاجة لمزيد من التدريب والتطوير . أما أن نغفل ما يقوم به هؤلاء من تطوير أعمالهم وأفرادهم فهذا أمر لا يمس للواقع الملموس بصله .
وإلا لما لمسنا هّذا التنظيم في أعمالهم وإنتاجهم .
موفقين .....
6
Zahra Al-Alawi
[ England - Durham ]: 5 / 4 / 2009م - 11:00 ص
Thanks for your nice words. He deserves such nicely written words. We will miss him but he will remain in our hearts.
7
محمد عادل
[ السعودية - ام الحمام ]: 8 / 4 / 2009م - 5:07 ص
ببسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عذرا ...... أستاذي العزيز المبادر للخير أبو علي ...
اسمح لي أن اقترح عليكم عمل مسودة أو تقرير من رؤوس أقلام في كتيب ، توضح فيه الأسس البنائية للتنظيمات الفاعلة في المجتمع المدني ، كي توجه منحنى التفكير نحوى التنظير العلمي المدعم بالتجربة لدى اللجان الشبابية... هذا أولا... و ثانيا العمل على فتح باب التواصل ولو (الإيحائي) مع هذه اللجان المنخرطة في العمل الاجتماعي . ولعلي لا أكون مبالغا لو قلت أننا بحاجة مستقبلا لتأليف كتب في التنظير التنظيمي الصحيح المنطوي على خلاصة العلم والتجربة والذي يهتم بشريحة اللجان الفاعلة في المجتمع اليوم .

وفقكم الله لكل خير ، وسدد خطاكم النيرة ، والمخلصة لهذا البلد .
إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية