سندباديّة لاصطياد وَطَن


أتصيَّدُ وطني .

أتبعُهُ كي يَصلَ إلَيّ ، فيتبَعُني كي لا .... ! ،

يأمرُني أنْ لا ... ! .

كم ساعتك الآنَ ؟ ،

الساعةُ وطنٌ إلا ... !

 

 

قلتُ لأمجد :

يا صيّادُ .. ارم السنّارة أبعد أبعد .

مرّت بي امرأةٌ : ماذا تفعل يا هذا ؟

- أتحرّى وطناً ! .

 

كانت شمسٌ عالقةٌ ، والسنّارةُ عالقةٌ ....

لم أصطد إلا ظلّي الملقى فوق الماء .

لكنّ الظلّ الملقى لا يتحرّكُ إلا بي .

والسنّارة لا تتحرّك إلا بي .

والسنّارةُ عالقةٌ .

 

شمسٌ عالقةٌ ، وأنا أصبحت العالقَ أيضاً !

 

 

**

 

النّخلةُ وطني !

هل تُعجبُك الجُملةُ أعلاهُ ؟ ، .. أنا لا تُعجبُني ! .

يا كِلَّةَ مريَم غُرِّي غيري ، يا كلَّةَ مريم .

كيف أراودُ ظلِّي ومؤدَّى ظلِّكِ لا يحرُسُ ظلِّي يا كِلَّةَ مريم ؟

كيف أطاردُ غزلاناً في حُلُمٍ ضَيّقْ ؟

كيف أوسّعُ هندسةَ النّخلِ كأنْ يُصبح جذع النّخلةِ إهليلَج ؟

أو أن يُصبح مطّاطّيّاً أربطُهُ وأفلُّهْ .

كيف أبُرّدُ صحراءَكَ يا وطني في أجهزة الثّلج وفي ليل بنفسج ؟

وطني أقسمتُ عليك بما أنتَ .. بسَيفَيْن ونخلة

وطني ما شأني ببلادِ الفُرسِ وما شأني ببلاد الرّوم .. وما شأنِي بطقوس الكهنة ؟

هل كان بوسعي أن أفعل أكثر .. هل يُمكنُني ؟

ألأنّكَ وطني !

وطني ما شأنُك أنت بقلبي حين يُحبُّ امرأةً ؟

.. ألقيتَ بقلبي في قاع البئر ،

وقلتَ : حبيبكَ قمرٌ في الأعلى يُؤنس بئرَكَ ،

لكنّ القمر تناقصَ كالموزِ على أرصفة الّليلِ ، ومصرُ بعيدة .

وطني يا كاملَ أوصافِ جناسِ الحُسنِ ويا نصف قصيدة .

"لا تقرأْ فوكو" .. حسناً ،

هل ألبسُ طرطور شكوكو كي يمكنني حلُّ سدوكو صحرائكْ ؟

يا ديكُ لماذا ساعتُكَ البَيُولوجيةُ لا تأْلفُ وقتي ؟

و لماذا دبّوسُكَ في صوتي ؟

... يا زُرّاعَ النّخلة بَيْن السّيفَين ، سلاماً ونفَلْ ،

أين ذراعانِ لنخلتكم كي تلقُفَ كُرَتي ؟!

سقطتْ كُرتي فوق السّبعةِ ، أين رياحُ البُشرى لمراكبكم كي أعلن أشرعتي ؟

أرسُمُ نخلَة

وأرسُمُ قُربَ النّخلةِ نخلَة

وقُربَ النّخلةِ نخلَة ....

ماذا يحدُثُ ؟

مأدبةُ غُبارٍ قادمةٌ ستُخاصِرُ نَافُورة .

أو فلنَنخُلْ هذا الوطَنَ كغربال أرزٍّ ، قد تتّضح الصّورة .

أرسُمُ نخلَة

وأرسُمُ قُربَ النّخلةِ نخلَة

وقُربَ النّخلةِ نخلَة ....

ماذا يحدُثُ ؟

لا شيءَ ، سِوى أعمدةٍ لا ترفعُ سقفاً ! . غُرّي غيري ... يا كلّةَ مريَم !

فلننخُلْ هذا النّخلَ من اللانخلِ ليُصبح نخلاً ! ،

أضَع يدي

فكأنْ أنفاسُ الموتى ترشَحُ مِن جذع النّخلةِ في قاع يدي .

أيُّ خُرافيٍّ نسغٍ هذا ؟ ،

أرفَعُها .. /

وطني باقة ،

وقصيدةُ نثرٍ مائيّة .

هل تُعجبُكَ الجملةُ أعلاهُ ؟ ، أنا لا تُعجبُني !

أو تعجبني ..

لا فرق !

 

النَّخلُ رواسي .

والبحرُ مراسي .

ما العملُ إذَاً ؟! /

 

**

 

وطني ..

ما في الجُبّة إلا أنتَ ، وإن حاولتُ الإفلاتَ استدرجني

القثّاءُ الأفعى وخطوط الطّول .

ما تلك نخيلٌ ، تلك شقُوقٌ طوليّاتٌ في ثوبِكَ يا وطني فادرزها

بدوائرِ تشجيرٍ وزُجاج .

وطني ما شأنُك أنتَ بما خبَّأَ قلبُ حبيبي في الأدراج ؟

ما تلكَ نخيلٌ ، تلك عفاريتٌ من عهد سليمان استخفَتْ في حرف ألِفْ .

وطني يا تنّورة ليفٍ يا مروحةَ سَعَف .

وطني يا صُبَّارُ ، تُراني عُلّمتُ على شوككَ كيف يكونُ هُراءٌ مدعاةَ شرَف ؟

وطني .. دلّلْ ، لا بالموسى ، موسيقايَ .. أشِفّ أخِفّ !

وطني ، جئت البحر ، على كتفي طبطبَ ، قُلتُ :

مَن ابنُ الكلب الواشي بي للبحر ... ، فكيف عرف ؟

يا سابلةَ الواجهة البحريّةِ ،  وَطناً .. لله !

 

**

 

وطَني عُلبةُ ألوانٍ ... وكلامي مئذنةٌ ملويّة .

هل تُعجبُك الجملةُ أعلاه ؟ ، أنا لا أعرفُ إن كانت تعجبني أم لا !...

يُزعُجني ، غير نُعاس الوتر ، منابرُ بُوصٌ ، وعمائمُ من ثلجٍ وسُخامْ .

تُزعُجني الحُريَّةُ خلف إطار الصّورةِ أجنحةً وخيولاً برّيّة .

يُزعُجني صرَّحَ / لاقى / بعثَرَ / قصّ / تقصّى / .. وإلخْ .

يُزعُجني ، غيرَ ذُباب المائدةِ ، الشّعراءُ خِصَى .

يُزعجُني ، غيرَ سحابٍ قشٍّ ، ديرة .

وطني يا قمرَ عشيرة !

يُزعجني أنّي أقطع من شرق يديكَ إلى غرب يديكَ كَمَن يعبرُ دكّان قناني .

يُزعجُني فيَّ إذا ما حاولتُ طريقتَك المثلى أفتقدُ طيوراً وأغاني .

وطني .. يا وطني هل تعلَم ؟

خيرُ بلادِ النّاسِ ستحملني ، لو شِئتُ ، ولكنّ بلادَ النّاسِ بلادُ النّاسِ ...

وأنتَ ،

وأنتَ ،

وأنتَ ...

أأنتَ أنا ؟

.. وطني يا أزْرقُ كُنْ رِزْقاً ، يا صقراً حطّ على معصَم .

ناولتُ نبيذَكَ جيتاري فتدهوَرَ قلبي في الأعراف ... ولم أتعرّف جنّةَ عدْنِكَ من ناري !

حاورتُ قَرَارةَ جيتاري فبكى من وجعٍ جيتاري ... والنّايُ النّاي .

وطني يا منخولاً بالنّخلِ ويا مثقوبَ النّاي

وطني أم منفاي ؟

وطني لا يجهلُكَ سواي .

امنحني من بعض يقينكَ ، عندي من شكّي ما يكفي .

مَن منَّا يا منفايَ المنفي ؟!!

 

**

 

وطني حلّفتُكَ كيف أخيطُكَ في القُمصانِ شَذَى ؟

وطنٌ أم أنتَ أذَى ؟

والتّوتُ التّوت .

يا كم حوّلَني صلصالُ الرّيح شُخوصاً قائمةً وبيوت .

يا كم شاغَلَني في ثغر حبيبي بُستانُ التّوت

يا كم رنّحني قُوتُ الياقُوت ومرجحني ، كالعِقدِ ،

جنوبُ الكمّثرى في صدر حبيبي وشمالُ التّوت .

يا كم لوّعني أن يتّصل حبيبي .. أحيا و أموت .

وأحيا وأموت ...

يا وطني زدني شططاً في كأسِ النيرفانا بالقرفة زدني يا شططي ، وشواطئْ .

يا وطني ضيّعَك الظلُّ ولا شمس عليكْ .

يا وطني لو ترفعُ رأسَكَ شَيئاً ما لترى الأعذاق وخدّ حبيي الخَمْريَّ

على الشّرفة .. كي تشغلَكَ اللوعةُ والسكّرُ عن تقطيع يدَيك .

يا وطني خفّف عن كاهلكَ التفكير بشيئَيْن :

حبيبي كي أبلُغه دون بنادق أهل الحيّ ، وأسئلةِ الجنّة .

وطني ما يعني أنِّي .. أنَّه .

لكن .. لكنَّه !

يا وطني دلّلني لأدلّل جدّك !

يا وطني لا أعرف عنك سوى أنَّك لله ، فما لي يا ملتبسَ النعمة عندَك ؟

وطني فتّشتُ جرائدَكَ النّافقةَ ، وجدت صهيلاً وسنابك .

وطني جئتُكَ في جنح الّليل لكي لا تعرفَني ، وقرعتُ الألفةَ في بابِك .

وطني راودتَكَ فاستعصَمتَ . فوا عجَبي !

وطني لو خضتُ البحرَ لخُضتُك أنتَ لتغرَقَ بي !

يا وطني زِدْتُ عليكَ وزدتَ عليّ ، وما زال الفيضُ كلقطة كاميرا تتكرّر .

وطني لا تُغلق بابَك فالطرّاقُ لو استشرفتَ المعنى

  مقهىً أو عنبر .

وطني مُفردةٌ ، تتململُ تحت شراشِفها كالظّبية ، دلّوعة .

وطني طُرقاتٌ مقطوعة .

سُررٌ مرفوعة .

وفواكهُ ممنوعة .

وطني يا حصني المقلوبَ كقفّازٍ ، هل يعرفك القُنفذ ؟!