التزكية قبل العلم والثقافة

حسين منصور الحرز *

 

إن التزكية قبل العلم والثقافة بمعنى أن تهذيب النفس وامتلاكها لصفة العدالة والالتزام الديني أو الأخلاقي في تقوىً يهذب صاحبه هم من أهم وأبرز الأمور التي ينبغي للعالم أو المثقف امتلاكها وهنا نعني بالتقوى عدة أمور منها الاجتناب عن المحرمات أو المكروهات وقد تكون تلك المحرمات أو المكروهات أخلاقية قبل أن تكون شرعية فقد يكون المرء متديناً لكنه ظالماً لنفسه وللآخرين في طريقة أو أسلوب التعامل معهم لذا يجب أن تتوفر فيه صفة العدالة من الذات ومع الآخر كي يتسنى له الإبحار في مجال النقد والتوجيه الاجتماعي وذكرنا هنا العلم والثقافة لأنهما رديفان لبعضهما البعض فلا يمكن تحصيل الثقافة دون التعلم سواءً أكان ذاك التعلم جهداً ذاتياً أو عن طريق التعليم الديني أو الأكاديمي.

من الممكن أن يحقق الإنسان نسبة من التعليم أو درجة علمية لكن لا يعني ذلك أنه مثقف ، لكننا في نفس الوقت نجد من لا يمتلك درجة علمية لكنه مثقف في نفس الوقت بما أمتلكه من تحصيل ثقافي أتعب نفسه في سبيل الحصول عليه ونضرب مثلاً في ذلك المؤلف المصري المشهور عباس محمود العقاد . فهو ليس من حملة الشهادات لكنه من أصحاب المؤلفات الكثيرة في مجالات متعددة.

إن تزكية النفس تأتي في مقدمة الأمور التي سعى الأنبياء لتحقيقها في صنع الإنسان.

إن العلم والثقافة ضروريان في حياة الإنسان من جل بناء مجتمع أفضل وبناء حضارته وتحقيق ما يصبو إليه لكنهما لا يستطيعا تهذيبه أو عصمته عن الوقوع في الخطأ وعمل الجريمة أو التسويق لها بما يتناقض مع ما يمتلكه من فكرٍ أو ثقافة.

إن الاستعمار الغربي عندما باشر غزو العالم الإسلامي كان ذلك الغزو بمباركة علماء ومثقفيه في تلك الفترة فلقد بارك هيجل انتصار الروح الأوربية وعودتها إلى مجدها عند احتلال فرنسا للجزائر واعتبر ماركس وانجلز الاستعمار الفرنسي للجزائر خطوة تقدمية سترتقي بالجزائر من طور الإنتاج الإقطاعي إلى الطور الرأسمالي.

وهذا مرجليوث يحاول أن يزيف تاريخ المسلمين  حتى لقد قال عنه مستشرق آخر(آبري9 في خاتمة كتابه (المعلقات السبعة)  إن السفسطة وأخشى أن أقول الغش في بعض الأدلة التي ساقها الأستاذ (مرجليوث) أمر بين جداً ولا تليق البتة برجل كان ولا ريب من أعظم العلماء في عصره.

ولذلك لم تكن بعثة الأنبياء والرسل عليهم السلام للتعليم فقط وإنما التفتوا إلى الجانب الأهم في ذلك وهو تزكية النفس وتهذيبها بما يحصنها ويقيها من صنع ما يساهم في تحطيمها وقتل الروح الإنسانية فيها.

إن أكبر قوة علمية في عصرنا الحديث أمريكا ولا أقول حضارية أو فكرية أو مدنية لأن الحضارة والفكر والمدنية لها مفهوم آخر، هذه القوة باسم العلم والثقافة والحضارة تمارس الهيمنة والإذلال لبني البشر في شتى أصقاع الكرة الأرضية وهاهي تمارس حماية إسرائيل الدولة العنصرية فيما تفعله من تقتيل وتدمير للمجتمع الفلسطيني وهتك أبسط الحقوق والواجبات له .

كلُ ذلك باستخدام وسيلة العلم والثقافة وبمصطلحات العصر الحديث من العولمة إلى الحرية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة إلى الإدعاء بأن إسرائيل تدفع عن نفسها وكأن الإسرائيليون هم أصحاب الأرض وقد أتى الفلسطينيون لطردهم من أرضهم.

من هنا جاء قولنا أن لابد من للتزكية قبل العلم والثقافة لئلا يتم تجيير وتحوير الثقافة في خدمة الظلم والقهر والاستبداد.
 

لكي نكون مصداقاً لقول الشاعر :

وما من كاتبٍ إلا سيفنى            ويبقي الدهر ما كتبت يداهُ

فلا تكتب بكفك غير شئٍ           يسرك في القيامة أن تراهُ 

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 3
1
المستقل
[ السعوديه - القطيف - ام الحمام ]: 15 / 5 / 2009م - 3:05 ص
عزيزي ايها الكاتب انا اتفق معاك و اشاطرك الرأي و لكني لا اقفز عن الواقع و لا احتاج الى شواهد يمين و شمال فأنا ابن المجتمع من الافضل ان نعالج قضايانا. نعم تزكية النفس قبل العمل و لكن هل يا ترى انفسنا مزكاة . ياللاسف يلاحظ في مجتمعنا ان هناك حاله من التسابق بين كل فريق و اخر لحصد اكثر عدد من النقاط تقام المشاريع الخيريه ظاهرها لله و هكذا تنبقي ان تكون و لكن كل فريق يفكر كيف ان للفريق الاخر حجر هناك و لا يكون لي حجر اخر سوف يسحب البساط من تحتنا. التدين ليس ركوع و سجود و ثفنات في الجباه او كلمات منمقات تظهرك كمثقف ديني التدين خوف من الله و مراعاة رضى الله في كل كبيرة و صغيره و من هنا هل نحن نزكي انفسنا قبل ان ننزل للعمل الديني و الاجتماعي ام نعمل و الاهواء تحدفنا يمينا و شمالا .
2
المستقل
[ السعوديه - القطيف - ام الحمام ]: 21 / 5 / 2009م - 1:27 م
عزيزي الكاتب لماذا تكتبون و انتم لا ترغبون بالتواصل مع قرائكم هل ضعف ام تجاهل متعمد من لا يرى في نفسه الشجاعه ان يدافع عن افكاره لا يكتب لان اسلوب تجاهل القراء اسلوب مدموم و لا يثري الفكر يدل على الضعف.
3
حسين منصور الحرز
[ القطيف - أم الحمام ]: 23 / 5 / 2009م - 1:02 م
أستاذي المستقل:-

أشكرك في البدء على تعليقك المميز ،و لم يكن ما صدر مني هو عن تجاهل لك فأنا لا أعرفك وقد تكون أنت أستاذ أستاذي في الثقافة والعلم والمعرفة وما أكتبه هنا هو محاولة للتوصيف لا للتصريف فهناك أمور أخرى من الممكن أن تكسب المرء نقاطاً ظاهرية في الشكل بعيدة عن المضمون.
أما مسألة زكاة النفس فيجب أن نتعامل مع الناس بظاهرهم وأما ما خفي عنا فالله هو الذي يحاسب الخلق على ما يخفون وما تحتوي خبايا نفوسهم .كما أننا لسنا بمعصومين لديهم الإمكانية فيما علمهم الله في معرفة خوافي النفوس.

المسألة الأخيرة وهي مسألة التسابق إذا كان للخير فنعم وأما إذا كان لإبراز وجوهنا فبئس العمل.

يقول أحدهم

وما من كاتب إلا سيفنى*** ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيئ يسرك في القيامة أن تراه
شاعر وأديب