التحليل المالي.. مقدمة نظرية ( 1 )

 

يعد التحليل المالي من المواضيع الهامة في عملية اتخاذ القرارات، وذلك من خلال تحليل وتفسير مضمون القوائم المالية، وبالتالي ترشيد عملية اتخاذ القرار، من قبل الأطراف المستفيدة من عملية التحليل المالي.

وتعتبر بداية بروز أهمية التحليل المالي في بداية الثلاثينيات الميلادية وذلك بعد أزمة الكساد المالي أو الكساد الكبير Great Depression والتي بدأت مع انهيار سوق الأسهم الأمريكية في 29 أكتوبر عام 1929م وسمي ذلك اليوم بالثلاثاء الأسود، ونتج عن ذلك انهيار العديد من الشركات الأمريكية، وما تبعه من آثار اقتصادية كارتفاع مستويات البطالة وانخفاض الطلب على السلع والخدمات، وانخفاض مستويات الاستثمار، وأحجام المدينين عن الوفاء بالتزاماتهم، وتشير الأحداث أنه في الولايات المتحدة الأمريكية فقط تم إفلاس أكثر من 4000 منشأة.

أما عالميا فقد تأثرت الكثير من الدول الغنية والفقيرة، وانخفضت مستويات التجارة العالمية، وتوقفت العديد من الصناعات الأساسية لتلك الدول.

كل ما ذكر أوجد ضرورة دراسة وتحليل القوائم المالية للشركات بناء على أسس منهجية علمية مدروسة توجد صيغة ملائمة للتعرف على أداء الشركات وفرص نموها المستقبلي، وتحديد نقاط القوة والضعف، خصوصا أن المؤشرات تدل على أن غالبية الشركات التي أعلنت إفلاسها، كان لديها مشاكل في وضع السيولة ومستويات الربحية.

وبعد الحرب العالمية الثانية وما نتج عنها من مشاكل اقتصادية مثل انتشار ظاهرة التضخم وأثر كل ذلك على بنود القوائم المالية، وظهرت الحاجة مجددا إلي استخدام أساليب أخري إضافية كاستخدام الأساليب الكمية الحديثة واستخدام الحاسوب في عملية التحليل المالي.

وفي عصرنا الحاضر وبعد ظهور أزمة مالية عالمية أخري وهي ما تعرف بأزمة الرهن العقاري «سبتمبر 2008م»، والتي يعتبرها المحللون الأسوأ من نوعها منذ الكساد الكبير، حيث كانت بداية الأزمة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأمتد أثرها إلي باقي دول العالم، التي يرتبط اقتصادها مباشرة بالاقتصاد الأمريكي، حيث انهارت العديد من المصارف والمؤسسات المالية الأمريكية خلال العام 2008م وكانت البداية باعتراف بنك الأعمال "ليمان براذر" بإفلاسه بينما يعلن أحد أبرز المصارف الأمريكية وهو "بنك أوف أميركا" شراء بنك آخر للأعمال في بورصة وول ستريت وهو بنك "ميريل لينش".

وستخلق هذه الأزمة كسابقاتها وسائل وأدوات وتقنيات جديدة تساهم في تطوير مجالات التحليل المالي وتحليل الأعمال.

ويعد تحليل القوائم المالية جزءا مهما وأساسيا من تحليل أوسع وأشمل وهو تحليل الاعمال والذي يتضمن دراسة المخاطر المحيطة بالمنشأة، ونموها المستقبلي، حيث يقوم تحليل الأعمال بدراسة النواحي المالية والاقتصادية والتجارية المحيطة بالمنشأة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، و تحليل بيئة المنشأة، واستراتجياتها، وسياستها، وأدائها المالي.

وللربط بين تحليل الأعمال «التحليل التجاري» وتحليل القوائم المالية «التقارير المالية» يمكن الإشارة إلي تحليل القوائم المالية على أساس أنه تطبيق للأدوات والأساليب التحليلية على القوائم المالية ذات الغرض العام وما يرتبط بها من بيانات بغرض اشتقاق تقديرات ومؤشرات مفيدة تساعد على أداء التحليل التجاري.

ومن ثم، فإن تحليل القوائم المالية يقلل من الاعتماد على التخمين عند اتخاذ القرارات المرتبطة بمنشآت الأعمال أو يقلل من الاعتماد على التخمين عند اتخاذ القرارات المرتبطة بمنشآت الأعمال أو يقلل من درجة عدم التأكد Uncertaintyالمرتبطة بالتحليل التجاري وتوفر أساس فاعل ومنظم لأداء هذا التحليل.

وبناء على ذلك فإنه يمكن إيجاز الحقائق التالية عن كل من التحليل التجاري وتحليل القوائم المالية:

أولاً: التحليل التجاري هو تحليل عام وشامل لتقييم مستقبل منشأة الأعمال والمخاطر المرتبطة بها، ويشمل كل من البيئة الإستراتجية والأداء والوضع المالي لمنشأة الأعمال.

 ثانياً: الهدف الأساس للتحليل التجاري هو ترشيد عملية اتخاذ القرارات التي تتخذها الأطراف المختلفة ذات المصلحة مع منشاة الأعمال في مجالات الاستثمار، والائتمان، وتقدير المخاطر الائتمانية، وتقييم الشركات، وإعادة هيكلة الشركات، وتقديرات المقدرة الكسبية، ومكافآت الإدارة، واختبارات المراجعة.

ثالثاً: تحليل التقارير المالية هو جزء أساس ومهم من التحليل التجاري يقوم على أساس تطبيق الأدوات والأساليب التحليلية على القوائم المالية وما يرتبط بها من معلومات بغرض اشتقاق تقديرات تساعد على أداء التحليل التجاري، ومن ثم يمكن القول إن تحليل التقارير يقلل درجة عدم التأكد المرتبطة بالتحليل التجاري.

 التحليل المالي

يقصد بالتحليل المالي استخدام التقارير المالية لتحليل الوضع المالي والأداء للمنشأة، وتقويم مستقبل الأداء المالي. ويساعد التحليل المالي في تقديم إجابات حول تساؤلات مستقبلية.

 فعلى سبيل المثال، هل لدي المنشاة الموارد اللازمة التي تساعدها في النجاح والنمو؟

 هل لدي المنشاة الموارد اللازمة للاستثمار في مشاريع جديدة؟

 ما هي مصادر ربحية المنشأة؟

ومن تعريفات التحليل المالي:

- التحليل المالي هي عملية يتم من خلالها استكشاف أو اشتقاق مجموعة من المؤشرات الكمية والنوعية حول نشاط المشروع الاقتصادي تساهم في تحديد أهمية وخواص الأنشطة التشغيلية والمالية للمشروع وذلك من خلال معلومات تستخرج من القوائم المالية ومصادر أخري وذلك لكي يتم استخدام هذه المؤشرات بعد ذلك في تقييم أداء المنشأة بقصد اتخاذ القرارات.

- التحليل المالي هو عبارة عن عملية منظمة تهدف إلي تعرّف مواطن القوة في وضع المؤسسة لتعزيزها، وعلى مواطن الضعف لوضع العلاج اللازم لها، وذلك من خلال القراءة الواعية للقوائم المالية المنشورة، بالإضافة إلى الاستعانة بالمعلومات المتاحة وذات العلاقة مثل أسعار الأسهم والمؤشرات الاقتصادية العامة.