الفضول الذي سلب العقول

 

ربما سبقني اللطيف أبو الجعافر للحديث عن الفضول وأعني الفضول السوداني ( ولا أعني الفول طبعاً ) وهو بالطبع يختلف عن الفضول القطيفي والذي نعاني من خلل في فهمه وطريقة التعاطي معه فنتج عنه سلوكيات ربما هي بعيدة كل البعد عن الفضول الإيجابي بل أصبح من التطفل وهو سوء فهم ولبس بين الإثنين لذا أرى أنه يجب الوقوف عنده وفهمه اولاً  ومن ثم التخلي عنه .

إننا نجد بعض الناس يسمح لنفسه بأن يسألنا عن أدق التفاصيل الشخصية في حياتنا أحيانا ً ونجد بعضهم يقف يسيارته في طابور طويل ليعلم من في حادث السير أو من يلحق بسيارة الإسعاف ليعرف من فيها وكثيرة هي الأمثلة ! عن هذا الفهم الخاطئ للفضول والتطفل .

إن كان الفضول سمة في شخصياتنا ولدت معنا ونمت في ذاتنا منذ الطفولة وترعرعت في موروثنا الثقافي بدون أي فهم وثقافة ، فتتطورت بشكل خاطئ ، وسمحت لنا أن نتعامل بها بهذا الشكل فلا يعني أن نبقى عليها لأن البعض ربما يحتاج الى فهمها بشكله الصحيح ليحاول تهذيبها وتشذيبها لكي لا تكون سالبة للعقول ولانكون من مدمني التطفل ! .

فماذا يعني الفضول ؟

هل هو ضروري ؟

ما هي منافعه و ما هي أضراره ؟

وما الفرق بين الفضول والتطفل ؟

كل هذه التساؤلات عن شئ يسمى الفضـول !!

نعم كل إنسان له فضول في معرفة كل شئ و لكن هل يجب أن يعرف كل شئ بشكل مطلق ، كل إنسان يحب الإستطلاع و المعرفه و البحث و الإستكشاف لما هو مفيد ، ولا يعني ذلك أن الفضولي يحب أن يعرف أسرار الناس أو يستطلع الأشياء التي ليس له شأن فيها أيضاً بشكل مطلق ! فهذا السلوك غير حضاري ولايعكس ما نعيشه من تطور في فهم العلاقات الإنسانية ولا الفهم الصحيح لمفهوم الفضول  .

الفضول بوجه عام نوعان ؛ النوع الأول هو الفضول الجيد كحب الإستطلاع و المعرفة وهو مهم لنا جميعاً منذ نعومة أظفارنا لتنمية المهارات وتوسعة المدارك والخبرات ، والنوع الثاني هو الفضول المزعج كمعرفة أسرار الغير و التجسس عليهم ومراقبتهم في كل شئ مهما كان الأمر بسيطاً أوتافهاً أحياناً ويطلق عليه التطفل وهو ما نعاني منه في مجتمعاتنا مع الأسف اما لجهل منا بهذا اللبس او لإنكارنا لهذا الجهل بدون وعي ، اي اننا متطفلين ولسنا فضوليين ! وشتان بين الإثنين !

هذا اللبس وهذه الأشاره ليست وليدة الحاظر فقد أشارت لها الكثير من الأحاديث والفلاسفة ولنا في كلام المصطفى صل الله عليه واله وسلم قدوة حين قال : ﴿ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه وكما يقول المثل الغربي : curiosity killed a cat أي أن: الفضول قتل قطاً .. ولا يقصد به الفضول الجيد وانما التطفل .

أن كل سلوك غير صحيح يحتاج الى المران والتدريب والتدرج في الفهم أولاً ومن ثم التخلص منه وهنا لابد من الإشارة لبعض النصائح التي أجدها ناجحة للتخلص من هذا السلوك الذي حان الوقت للتغلب عليه :

1- يجب أن تتعلم احترام خصوصيات الأخرين وأن نكون متيقنين بأن لكل إنسان أسراره الخاصة التي يجب أن يحتفظ بها لنفسه ولا يحق لأحد الإطلاع عليها .

2- فلنكن في حوار مع أنفسنا دائماً : ما علاقتي بهذا الأمر ؟ وهل من حقي التدخل فيه ؟ ولنضع انفسنا دوماً مكان الأخر الذي سوف تتطفل عليه .

3- لنحاول أن نضع حدودا لعلاقتنا بالآخرين ولانتعدى الخطوط الحمراء في علاقتنا معهم مهما كانت طبيعة العلاقة وطبعية الخطوط .

4- يجب أن لا نحاول العبث بمقتنيات الأخرين مهما كانت كبيرة أو صغيرة ولنكن أمينين على ما ليس من حقنا  .

5- لنكن عفيفي النظر والسمع وعفيفي اليدين دوماً .

6- لنكن حريصين على من حولنا حتى لا نفقدهم لتطفلنا عليهم وإزعاجنا لهم بملاحقتهم في شؤونهم الخاصة .

7- لنتذكر دوماً أن هناك فرق كبير وجوهري بين الفضول و التطفل .

وفي النهاية يجب أن نتذكر أن الفضول كالملح .

مطلوب فقط بمقدار واعتدال فلا نجعله يسلب حياتنا كما يسلب الفضول العقول ولكي لانصبح متطفلين بل فضوليين .

معلم بالمرحلة الثانوية والمشرف العام لبوابة تاروت الإلكترونية