«يتيم من غرفة الولادة » الحلقة الثامنة

 

أمَّا والدهُ فبدأ يُفكر في الزواجِ مرة ثانية لقد سئم الوحدة وافتقد الحنان الذي كان يجدهُ من قلب زوجته زهراء وصار يبحث عن امرأة تحبه ويحبها كما كانت تفعل المرحومة زهراء أمُّ علي لكي تنجب له ولدا يتربى في حضنه وحضنها ويكون بارًا بأمهِ وأبيه غير قاتل كعلي.
بدأ يتساءل بين أصحابه عن عروس تنقذه من الهم والتعب والحزن وتعبئ فراغه.

تقدم إلى خطبة إحدى الفتيات من عائلة كريمة كانت متقدمة في العمر قليلاً وسرعان ما قبلت به زوجًا لها وبعد الاتفاق وكتابة العقد دخل زهير على زوجته سريعًا وعاش معها في شقتهِ التي كانت حبيبتهِ زهراء تسكنها وتوصيهِ فيها على ولدهِ عليُّ بأن يهتم به ويربيه ويشتري له الدراجة واللعبة وهو يعدها بتلبية طلباتها ويتضايق من تكرارها.. وكأن قلبها يشعر بهذا الفراق وبهذه المحنة التي سيعيشها علي بين يدي والده.

نسي زهير حبيبته زهراء بعد الزواج وتخلص من ابنه علي تاركا إياه عند جدته المسنة دون أن يمر عليه أو يسأل عنه ولا يحب من يُذكره به أو يذكر له اسمه.
زوجته الجديدة ريم عرفت مطلبه وتعودت ألا تُذكره بولده الذي يكرهه ويكره اسمه.

بعد أشهر بدأت ريم تشعر بحدوث الحمل وتشعر بتغير في نفسها وجسدها فخاطبت زهير هاتفيًا قائلة أشعر بأنني حامل وبطني يؤلمني!.
فرح زهير وعاد من عمله سريعًا ليحتضن زوجته ريم ويقبل بطنها وهو يقول هذا الذي كنت انتظره، هذا أملي، لقد جاء وزيري ووارثي الذي يخلصني من مناداة الناس لي باسم الحقير القاتل.

إن شاء الله يا ريم يأتي ولد وسأذبح له الذبائح وأوزع لأجله الطعام.
اهتمي بنفسك يا ريم لا تتحركِي أنا عائد إلى عملي.

عاد زهير إلى عملهِ وهو فرح مسرور ومضت ساعات الحمل وشهوره بطيئة وهو يوصي زوجته ريم بالاهتمام بنفسها وببطنها كما كان يوصي المرحومة زهراء حتى بشرهُ الطبيب وحدد له جنس الجنين بأنه ولد حينها كاد زهير يطير من الفرح وقام بتوزيع الحلوى على أصحابه وشرى لزوجته هدية ثمينة تساوي فرحته بولده.

سألته ريم: زهير ماذا نسمي ابننا؟.

نسميه زاهد وغير هذا الاسم لا أريد أن أسمع!.
ما رأيك نسميه على اسم والدك جاسم.
لا لا. نسميه زاهد هذا الاسم أحبه.
لِم تحب هذا الاسم؟. 
لأنه يذكرني بحبيب غاب عن قلبي لن أخبرك به.
صديق.
لا يهم من يكن.    

بعد اشهر جاء زاهد وكان جماله أقل من جمال أخيه علي الذي بلغ شهره التاسع عشر في بيت جدته فاقدًا لحنان الأبوة الذي لم تستطع جدته أن تحل محله ولا أن تغطيه وهو ينمو ويكبر يتيما يتصدق عليه عمه وعماته وخالاته بالملابس والمصروف مع وجود أب قاسي القلب غائب بجسمه وروحه.

قد جاءته خالته بالدراجة التي وعده بها والده لكنها لا تكفي ولا تسمن من الجوع ولسانه يقول أنا سأشتري لعبتي ودراجتي بنفسي.
زهير بين فترة وأخرى يأتي إلى زيارة والدته التي تحمل عليه في قلبها بسبب قسوته على ولده وقطيعتها من الزيارة وإهماله لها ولولده وتستعطفهُ لعل قلبه يحن ويلين أو يتعطف على صغيره، إلا أنه مصر على تجريمه واتهامه بقتل حبيبته وإذا ذكره أو رآه تذكر زوجته وموتها.

أمي ينقصك شيء؟.

لا الحمدُ لله أخوك محمد لم يقصر يوفر لابنك كل شيء.
أوصيك بولدك يا زهير لن تجد أجمل منه وإن كنت تحب زوجتك كما زعمت فتذكرها فيه هذا خلفها لقد جهلته وكأنه غير موجود. 
أدار وجهه وكأنه غضب من كلامها وقام دون أن يقول في أمان الله!.
أخوك يوفر كل شيء.. (خليه) يوفر له كل شيء لا يرى مني حتى الحنان