شكراً لله يا رؤساء !!!

 

 

يرغب الموظفون في أن ينالوا الشكر على عملهم إعتماداً على العلاقة الموضوعية وليست التعلقية التي تجمعهم برؤسائهم، وتؤكد معظم الدراسات التي اطلعت عليها على أن الشكر والتقدير يُضاهي في أهميته المال الذي يتقاضونه، مع الإنتباه هنا إلى تباين منظومة الدوافع عند الناس، ولكن الغالبية العظمى منهم توّاقين إلى إستقبال الثناء من رؤسائهم لما يمثلهُ من وقودٍ فاعل لشحذ ذاتهم، وزيادة نسبة حماسهم وتفاعلهم مع معطيات بيئة العمل، ومع أن هذا لا يُكلِّف شيئاً، إلاّ أنه لا يتكرّر مع الأسف بشكلٍ كافٍ في مُعظم بيئة الأعمال.  

إنّ كلمة " شكراً " من الممكن قولها بأشكال مختلفة، إلاّ أن أكثر الطرق صدقاً ومودة هي أن تصافح الموظف بحرارة، وتنظر في عينيه وتقول له : " شكراً لك " بنبرة تحمل ثقل المشاعر، وعمق الأحاسيس، وصدق المعنى، فإنّ لها بالتأكيد فعل السحر، كما أن كلمة الشكر عندما تُقال على الملأ ، أو لعددٍ كبير من الموظفين، أو لفريق عمل، فإنها تكون أكثر تأثيراً وأشد وقْعاً في نفوسهم، وهذا على العكس تماماً من لو تم إرسال " كلمة الشكر " عن طريق البريد فإنها تكون باردة، وتافهة، وسطحيّة، لأن الموظف هنا لا يستطيع أن يتلمسها، أو يشعر بمعناها في معظم الأحيان.

وبالرغم من هذه الأهميّة التي تحتلها هذه العبارة الجزلة السحريّة الموجزة في تعزيز عامل الثقة في النفس، والشعور بالرضا الوظيفي، والمساهمة في ترسيخ مظاهر الولاء لبيئة العمل، والإخلاص والتفاني في أداء وإنجاز المهام الموكلة إلى الموظفين بكفاءة وإقتدار، إلاّ أن هناك من يستكثر على الموظفين هذا الشكر الذي هو لا يصب في مصلحة الموظف بالدرجة الأولى، بل إنه يؤدي إلى تعزيز القيمة المُضافة لبيئة العمل ككل وفي مقدمتها مكانة الرئيس ذاته.

نعم هناك من الرؤساء من يتفنّن في قضم وهضم مصالح الموظفين إلاّ ما يعتبره رافداً من روافد مصلحته، وأداة قويّة من أدوات ديمومة سلطته، والحالُ كهذا فهو يمثل بإمتياز نموذجاً لـ " مدير القترة " الذي لا يجد في بيئة العمل ما يمكن تقديمه للموظفين، بل بالعكس فهو لا يرى إلاّ قصورهم، ولا يتصيّد إلاّ أخطاءهم، على العكس تماماً من " مدير الوفرة " الذي دائماً يرى أن هناك ما يكفي للجميع، فهو يقوم بالعمل على فرد الفطيرة وبسطها لتكفي كل من هم تحت مسؤوليته، بل ويحرص دائماً على أن يتصيّد مرؤوسيه وهم يقومون بعملٍ حسن، ليسارع إلى شكرهم والثناء على تعاونهم وإخلاصهم في عملهم على الملاْ .

لستُ أدري ماذا ينتظر هؤلاء الرؤساء من مرؤوسيهم طالما أنهم بخلوا عليهم حتى بكلمة" شكراً " وهي التي خفيفة في وزنها، ثقيلة في مفعولها، عميقة في تأثيرها؟ ربما أحدكم يُعاني من تبجُّح أحد هؤلاء الذين يعانون من أنيميا المشاعر، وربما فكّر أحدكم في كيفية الفرار من محيط هذه البيئة المتصحِّرة، وربما أنتم بادرتم إلى الإطراء والمديح لمن لا يستحقه في نظركم فظننتم في أنفسكم بأنكم قد لبستم جلباب الرياء وشعرتم بالذنب العميق، ورغم هذا كله أرجو منكم الإستمرار في منح الحب لأنه أقوى وأمضى من سلاح البُخل والتقتير، لأن من لا يشكر الناس لا يشكر الله( أليس اللهُ بكافٍ عبده ) فيا عباد الله المقهورين من رؤسائكم تصبّروا وصابروا ما حييتم معهم .. تفلحوا .      

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية