إعدام الورد

للدم طعم خاص حينما تكون الذريعة هو الأمن، فدائماً ما يبرر الفراعنة جرائمهم ضد الإنسانية بـ «الأمن»، وحينما يتذرع الطاغوت بـ «الأمن القومي» تسبح بحمده حيوانته التي هجهنها للثناء عليه، ليحول مملكته الإنسانية إلى حظيرة يُعدم فيها كل ما ليس له صلة بالبهيمة التي يسهل ترويضها لتجري خلفه تتسول شيء من العلف والماء تسد به رمق عيشها، معتقدة أنه يطعمها لكي يبقيها حية، والأصل أنه يطعمها ليجعلها قربان مخططاته.

خطوط حمراء يصنعها بإسم «الأمن»، ممنوعات يزرعها في العقول هي مكتسبات واساسيات للعيش موجودة في دساتير بلاد الغرب التي استطاعت أن تتجاوز منذ سنين طويلة هذه الخطوط، وصار التفكير والحديث في الممنوع أساس التطور.

ممنوع أن تفكر، ملخص مايريده الطاغوت من شعبه، لأن التفكير طريق الإنتقاد، وسبيل التمرد من أي شيء يجده يخالف إنسانيته أو يحط من قدرها.

لهذا أوجد حكم «الإعدام»، لكل من لايلتزم بأحكام مزرعته التي فرضها قسراً، فقبل بها البهائم، وتمرد عليها الأحرار.

و «فرعون» السياسة لايمكنه أن ينفذ مخططاته الحيوانية وحيداً، دون دعم من «فراعنة الإقتصاد» و«فراعنة الدين» كلهم أوجدوا في سبيل بسط ملكه وسلطانه، وتهيؤا للتسبيح لحمد دستوره ومملكته.

بإسم «الأمن» تكتض سجونه بآلاف الأبرياء، وبإسم «الأمن» يعمل قضاته لإصدار أحكام الإعدام في حق الشباب والطفولة، بل في حق الإنسانية جمعاء.

الجميع تحت الرقابة، ومن يخالف أو يعترض مصيره «البهدلة» بإسم الدين والأمن، مصيره «السيف الأملح».

و أما قضاءهم فتغيب عنه العدالة دائماً، بل إن الظلم هو الديدن العام والطابع العام لحكمه، ولا بأس أن يغلف بإسم «الإسلام» ويزين بآيات من قرانه، والتهم دائماً جاهزة، والأحكام لابد أن تبدأ بآيات القرآن وتنتهي بآحاديث السنة النبوية. هكذا هم، يردون منا «نعاج» تسبح بحمدهم، وتهلهل بجلالتهم، وتشكر على عطائهم.

هكذا كان «الوطن» الذي يراد من مارتن لوثر كينج، والمهاتما غاندي، ونيلسون مانديلا، وتشي جيفارا، والخميني العظيم وغيرهم ممن رفضوا العيش في ذل العبودية، وانتفضوا من أجل إنسانيتهم. وقبلهم كان الأنبياء والرسل، وعلى رأسهم سيد الخلق والبشرية محمد بن عبدالله الأمين «صلى الله عليه وآله» لكنه حطم أصنامهم، وصنع دولته الإسلامية، التي كانت مثال العدالة القصوة، والمساواة بين من آمن برسالته ومن لم يؤمن بها، كلهم كانوا يعيشون تحت ظل عدالته وعطفه وحنانه.

فعن أي وطن نبحث؟! وطن «الحرية» التي تحمي الإنسان بكل مافيه، أم وطن «الحظيرة» الذي يقلب الإنسان إلى «بهيمة» تسبح بحمد السلطان، وتستعطف منه العطايا؟!