عقولكم التي تحبونها «3»

أنت ذكي بلا شك، لكن ربما لم تكتشف ذكاءك بعد. وأنت عبقري بالقوة قابل للتحول إلى عبقري بالفعل إذا اشتغلت بجد على مجال ذكائك المتميز. يقول العبقري توماس إديسون: العبقرية 1% إلهام و99% عرق جبين.

Genius is one percent inspiration، ninety - nine percent perspiration.

الكثير من الكلام قيل عن الذكاء والنبوغ والعبقرية، وطرحت العديد من النظريات في هذا المجال. فعلماء الغرب لا يكفون عن إشغال الدماغ بالدماغ. أدمغتهم تسعى بجد من خلال الأبحاث والتجارب العلمية المضنية لاكتشاف أسرار ذلك المخلوق العجيب، من أجل فهم أفضل للإنسان، وكيف يفكر ويتذكر ويجري ملايين العمليات الدماغية المختلفة، وكيف تتفاوت إدراكات الناس وقدراتهم العقلية.

في مجال العبقرية، توصل عالم النفس الأمريكي، أندرز إريكسون، الأستاذ في جامعة فلوريدا، بعد بحث استمر عشر سنوات، إلى أن كل شخص يمكنه تحقيق الأداء العبقري في المجال الذي يريده إذا عمل بما يكفي على تحقيق ذلك. وردّ على ما يعرف بـــ «حجة موزارت» التي تقول إن موزارت كان عبقريا منذ طفولته، وقبل أن يتلقى أي تدريب، ردّ عليها بأن ما يقال عن موزارت قصص مبالغ فيها تحولت لأساطير لا يصح بناء الحقائق العلمية على أساسها، ولذا فهو يطالب بضرورة دراسة حياة العباقرة الذين ما زالوا يعيشون في يومنا هذا.

لعل مما يؤيد ما ذهب إليه إريكسون حالة العبقري «روديجر جام» الذي يتميز بأنه يستطيع حساب الجذر الخامس لرقم طويل يزيد عن المليار في ثوان معدودة ويستطيع حساب أي رقم أقل من 100 بعد ضربه في نفسه تسع مرات، وعندما يطلب منه قسمة رقم على الآخر فإنه سرعان ما يأتي بالجواب ليعد حوالي 60 رقماً على يمين الفاصلة بالنسبة للناتج. هذا الرجل لم يولد بهذه القدرة الاستثنائية بل كان شخصا عاديا حتى بدأ في سن 20 عاما تخصيص 4 ساعات من وقته يوميا للتدرب على العمليات الحسابية. ومن خلال التدريب وصل إلى ما وصل إليه. وعندما قامت د. ناثالي زوريو ـــ مازوير، عالمة الدماغ بجامعة «كان» بفرنسا بقياس عمل دماغ جام، ومقارنته بالنشاط الدماغي لآخرين، وجدت أن الجميع يستخدم 12 منطقة في الدماغ أثناء الحساب، لكن «جام» يزيد عن هؤلاء باستخدام خمس مناطق إضافية أخرى، علما أن ثلاثة من هذه المناطق قد ربطتها البحوث العلمية السابقة بالذاكرة طويلة المدى.

وفي مجال الذكاء كان الاعتقاد السائد أن الذكاء أحادي الاتجاه، يعتمد على التفوق والتميز في المنطق والرياضيات والربط والتحليل، أي على النصف الأيسر من الدماغ. ثم ظهرت نظرية الذكاءات المتعددة للبروفيسور هوارد جاردنر والذي أوصل الذكاءات إلى تسعة هي اللغوي والمنطقي الرياضي والتفاعلي والذاتي والجسمي الحركي والموسيقي والبصري الفضائي والطبيعي والوجودي. الذكاء اللغوي يعني القدرة الفائقة على إنتاج وتأويل مجموعة من العلامات المساعدة على نقل معلومات لها دلالة. الذكاء المنطقي الرياضي وهو القدرة على تنظيم العلاقات واستخدام الأرقام والرموز المجردة بمهارة إضافة لقوة الاستنتاج والتصنيف. الذكاء التفاعلي الاجتماعي يعني القدرة العالية على فهم الآخرين، وتحديد رغباتهم ومشاريعهم وحوافزهم والتواصل معهم. الذكاء الذاتي أو الشخصي يتمحور حول تأمل الشخص لذاته، وفهمه لها، وحب العمل بمفرده، والقدرة على فهمه لانفعالاته وأهدافه ونواياه. الذكاء الجسمي الحركي يختص بالقدرة على استخدام الجسم بمهارة للتعبير عن النفس والتواصل والإنتاج. والذكاء الموسيقي يعني القدرة على تشخيص النغمات الموسيقية والإحساس بالمقامات الموسيقية وجرس الأصوات وإيقاعها والتفعيلات والأوزان الشعرية. الذكاء البصري الفضائي يعني القدرة على التخيل والتفكير بصريا في الأشياء. الذكاء الطبيعي يعني القدرة على التمييز بين الأشياء الطبيعية، جمادات ونباتات وحيوانات، وتصنيفها وفهم ملامحها وخصائصها. أما الذكاء الوجودي فيعني قدرة الإنسان على طرح ومحاولة الإجابة على الأسئلة الكبرى المتعلقة بالوجود.

قد تتفق مع إريكسون أو تختلف معه، وكذلك الأمر مع جاردنر، ولكن من المؤكد أن العقل يحتاج لتغذية وتنمية وتدريب حتى يُستثمر أحسن استثمار، وأن على كل واحد اكتشاف ذكاءاته، والعمل ما أمكن على استخدام عقله كله، لا بعضه. ورد عن الإمام علي : العقل غريزة تزيد بالعلم والتجارب.

دمتم بحب.. جمعة مباركة.. أحبكم جميعا

شاعر وأديب