الشيعي بين الحداثه والتقليد

في خضم الأحداث العالمية وتطور الكثير من المعطيات من حولنا سواء في نوعية الخطاب الموجه الى الشعوب أو على صعيد إدارة الحياه اليومية للافراد فأصبحت بعض مجتمعات مجرد نسخ متكرره لنفس الطبائع والاهتمامات في مختلف بقاع المعمورة

ومن حولنا في مجتمعنا الشيعي وجود مجموعات تنادي بتغير الواقع الشيعي لمواكبة هذا العالم المتغير والمطالبة بثورة حداثية تبدد طريقة تعاطي الناس مع الدين بحيث ان هنالك الكثير من التصرفات المتخلفة التي لا تواكب التطور الذي آل اليه العالم من حول هذه الفئه المتمسكة بالماضي وبالخرافات والمقدسات «الشيعة».

أود أن أذكر مثالا هنا ولست في صدد تقيم صاحبه وأنما اناقش الفكره وصاحبنا هنا هو السيد طالب الرفاعي «1»

يذكر السيد طالب الرفاعي في كتابه الأمالي أنه ضد مظاهر التخلف التي سيطرت على الواقع الشيعي والتي أدت في نظره الى تأخر الشيعه عن مواكبة ما يحصل من حوله في العالم من تطور وإزدهار ومن هذه المظاهر التي أنغمس فيها الشيعه هي اللطم القوي، المشي لزيارة الامام الحسين من مسافات بعيدة وغيرها من الشعائر ويعبر بقوله في كتابه «لنفترض القبول بتلك الممارسات لكن مامعنى المشي من البصرة والعمارة وغيرهما من المدن الجنوبية الى كربلاء؟ أليس هو تعطيل لعمل الدولة ودوائرها وشل حركة الاقتصاد والاستثمار وتعطيل عمران البلاد. «2»

أقف هنا متعجباَ من السعي الدائم والقديم بأن نشكل في أي شي تابع للدين فقط وجعله سببا للتخلف وعدم تقدم الشعوب علماَ بان كل شعوب الأرض لها عادات ومواريث دينية وثقافية ولم يقل احد ان هذا تخلف وتجميد للعقل ولنأتِ هنا على بعض المواريث التي لا تقنع احداَ هنا ولكن أهلها غزوا الارض وأجبروا الكثير من القوى العالمية على الخضوع لهم والاعتراف بهم فصاروا من أقوى شعوب الأرض.

الهند

يحج اكثر من أحد عشر مليون هندوسي لنهر النانج للتطهر من الذنوب والخطايا والذي تقذف فيه بقايا حرق الموتى والكثير من الجثث بل أن هنالك مسئولين وأصحاب قرارات في مقدمة الحشود ومع كل هذه المظاهر لم تثنهم او تجمد عقولهم عن أن يكونوا أحد اعظم الدول اقتصاداَ وقوة وناهيك كونها دولة نووية يعد لها الف حساب.

اليابان

لازال الدين في اليابان هو عبادة إله بوذا الذي يعتقد بأنه ابن الله وهو صاحب حكم ومواعظ كثيره يقتدي بها اليابانيون وغيرهم ممن يدينون بهذه الديانه والمعتقد بل ان اليابانيين أنشأوا ديانه جديدة بهم وأسموها «شنتو» بعد أن حافظت الديانة البوذية على طقوسها، وهنا اليابانيون لم يمنعهم هذا الإنغماس في الدين والشعائر من غزو العالم وجعل جملة «صنع في اليابان» تستحوذ على ثقة العالم بأسره.

الصين

و انقل هنا مشاهد شاهدتها بنفسي في زيارتي للصين قبل أعوام وفي أحد المعابد رأيت أحد الاشخاص يدخل المعبد ويصلي لتمثال في مدخل المعبد ومن بعدها يصلي لتمثال آخر خلف التمثال السابق وعند سؤالي عن ماهية هذه التماثيل قيل لي أن التمثال الاول هو عبارة عن إله الخير ويصلي له لطلب الخير أما التمثال الثاني فهو عبارة عن إله الشر ويصلي له طلباً منه لدفع الشر عنه.

أقول هنا أنني أنا المسلم صاحب الديانة «السليمة» أرى هذا البوذي صاحب الديانه «المتخلفة» على غير صواب وأن صلاته تعبر عن جهل ولكني أنا صاحب الديانة «السليمة» لم افرض على الدنيا الوقوف لإنجازات أسلافي من أصحاب الديانة «السليمة» ولكن هذا الشخص صاحب الديانة «المتخلفة» أجبر العالم لاحترامه فالدين بشكل عام هو حالة فردية خاصة بالشخص وحسابها عند رب العالمين وليس عائقاً في تقدم الانسان بل دافع في التقدم والازدهار يقول الامام الصادق : ثلاث خلال يقول كل إنسان إنه على صواب منها: دينه الذي يعتقده وهواه الذي يستعلي عليه، وتدبيره في اموره. «3»

هنا أقول لمن همه أن يضع أي تخلف وتدهور للعقل الشيعي وتطوره يكون من شعائر يتقرب بها الى الله أو من طريقة لطمه أو من سعية للامام الحسين ليس له فائدة يرجو منها أي شي وانما هي تعطيل للحياة العامة كما يعبر السيد طالب الرفاعي كما سبق.

الدين وبالتخصيص المذهب صالحان لكل الازمنه وليس عندي أدنى شك بذلك ولكن قصور الفهم لهذا الدين هو منشأ هذا التخلف الذي نزعم أن الممارسات الدينية هي مسببته فلماذا تطور الهندوسي والبوذي على الرغم أن لديهم الكثير من الممارسات غير المقبوله عقلا وشرعاً، لانهم وببساطه لم يكن الدين عائقاَ لهم بسبب ممارسة شعائر يؤمنون بها ولم يمنعهم الانغماس في معتقداتهم من التطور والتقدم في الاقتصاد والعلم. نعم نحن من يحتاج الى فهم متطور الى الدين وليس الدين من يحتاج لنا.

«1» السيد طالب الرفاعي من رجال الدين العراقيين ومن مؤسسي حزب الدعوة. يقيم حاليا في أمريكا.
«2» كتاب أمالي السيد طالب الرفاعي صفحة 231 من إصدار دار مدارك
«3» تحف العقول ص 321