يوم أسود مرة أخرى

مرة أخرى تتكرر المآسي الإنسانية المفجعة على أرض العراق، فقد هزت موجة تفجيرات انتحارية أسواقاً شعبية، يرتادها البسطاء والفقراء والكادحين، وذلكفي عدد من أحياء عاصمتها بغداد، مخلفةًما يقارب 300 إنسان بين شهيد وجريح، تناثرت أشلاؤهم على الأرض، في منظر يدمي القلب، وتقشعر له الأبدان، ويعجز اللسان عن وصفه.

وحسب ما ورد في الأخبار فإن من بين ضحايا هذه التفجيرات الكثير من النساء، بعد أن وقوع أحد التفجيرات الإرهابية بالقرب من صالون تجميل نسائي، فكان من بين من قضوا فيه عدة عرائس كان يجري تجهيزهن ليوم الزفاف.

كم هي مؤلمة ومثيرة للوجع هذه المآسي الإنسانية التي تتكرر من دون توقف وانقطاع في العديد من الدول، وخصوصاً في بلداننا العربية والإسلامية. فها هم الأبرياء يتساقطون صرعى مضرجين بدمائهم، جراء عمليات القتل والتقتيل الوحشية والهمجية بالسيارات المفخخة والاغتيالات والهجمات المسلحة، حيث يُستهدفون أينما كانوا، وأينما وجدوا، في المدن والقرى والشوارع والساحات والأسواق والأحياء والمقاهي والحدائق والمنتزهات والمسارح والمدارس والجامعات ودور العبادة ومجالس العزاء.

ها نحن نشاهد العشرات، بل المئات من الناس يسقطون قتلى بشكل عبثي، في مذابح يومية وإبادات جماعية، حيث لا يلبث مشهد اللامعقول والعدمية أن يتكرر بكل قساوته وآلامه ومرارته في اليوم الذي يليه، من دون أن تترك هذه الفواجع والآلام أي إحساس بالذنب، أو أي شعور بتأنيب الضمير، ويكأن من يسقطون صرعى هم مجرد أرقام هامشية بلا معنى، وليسوا بشراً دوي قيمة يستحقون الحياة والعيش بكرامة.

ها هم الضحايا يتساقطون يومياً بمختلف وسائل القتل وأشكاله، وبشكل يفوق القدرة على الاستيعاب والتحمل. ولا فرق من الناحية الإنسانية والأخلاقية في دناءة وخساسة عمليات القتل، مهما اختلفت الوسيلة التي ترتكب بها الجرمة، فالضحايا هم بشر مهما كانت هوياتهم الدينية والمذهبية والقومية.

لا ينبغي التعامل مع هكذا جرائم فظيعة، ومآسي إنساني مؤلمة، بالتصريحات والبيانات والنوايا الحسنة فقط، بليجب أن تشكل حافزاً على بذل الجهد من أجل مواجهة هذا الوباء الإرهابي، والعمل على مكافحته واستئصاله من الوجود. فهو لا يشكل خطراً وجودياً على فئة أو جماعة بشرية محددة، بل هو خطرٌ على البشرية جمعاء، والحضارة الإنسانية بكل منجزاتها. فالواجب الإنساني والأخلاقي والديني يقتضي من الجميع مواجهة هذا الوباء ودحره دون هوادة، اليوم وقبل الغد، وإلا فإنه سوف يزداد تمدداً وتوسعاً، وبالتالي يتعاظم خطره، ويصعب استئصاله.