شهادة الرضوان.. ربح أم خسارة؟!

بداية، نقدم أحر التعازي وأصدق المواساة لأهل الفقيد الشاب خادم أهل البيت شكري صالح الرضوان، ولرفقاء دربه، ولأهالي أم الحمام الحبيبة كافة، ونصبرهم جميعًا بأن فقد أبي أحمد ومن هم على دربه، فقدٌ وخسارة للمجتمع كله، يشاركونكم فيها الوجع والألم.

لا يختلف اثنان على أن رحيل هذا الشاب الرسالي المؤمن خسارة بالمقاييس الأولية، والحسابات المبدئية، لكن، نظرة فاحصة في هذه الحادثة تظهر وجهًا آخر ينبغي الوقوف عنده، واستثماره أيّما استثمار..

فالراحل - كما يعلم الجميع - قد راح ضحية ضربة متهورة هوجاء من أحد المراهقين الذين غالبًا لا يجدون لهم رادعًا يردعهم عن أفعالهم وتصرفاتهم السيئة، ليست هي الحادثة الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة، خصوصًا إذا ما استمر الظرف الاجتماعي على حاله في التعاطي مع مثل هذه القضايا، الواجب على كل من ينشد الإصلاح في المجتمع، أن لا يفوت هذه الفرصة ومثيلاتها بالسكوت والاكتفاء بالحوقلة والاسترجاع!

ما نتأمله ممن ينشدون الإصلاح ويسعون في تحريك عجلته إلى الأمام، أن ينطلق كل من موقعه لرفض هذه الضربة الموجعة لحركة الأمر بالمعروف، وكم كان جميلاً وصف الراحل بشهيد الإصلاح.

من زاوية أخرى، مناسب أن نحسبه شهيد المطالبة بحقوقه، حق الأمن والأمان، حق الاستقرار والراحة، كلها حقوق أولية تنبغي لكل إنسان، والرضوان قد راح ضحية مطالبته بهذه الحقوق الطبيعية!

للراحل في المقابل، حق في ذمة المجتمع بأن يرفعوا قضيته، ويطالبوا بدمه، وعدم التنازل، وله – رحمه الله- حق على الدولة باتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة التي تردع أمثال القاتل!

أما حقه على المجتمع، فينطلق من حيث كونه أحد أفراده أولاً، ولأنه سعى في إيقاف مصدر إزعاج بالنسبة للجميع، وكم هو مخيف أن يقتل آمر بالمعروف أو طالب حق في مجتمع يفترض أن يكون المعروف فيه الحال السائد الاعتيادي، والمنكر هو الشاذ المستهجن.

نستذكر هنا بأسى ومرارة تلك الأيام التي كان المنكر فيها منكرًا لا يقبله أحد، ولا يسكت عليه أحد! أما اليوم فقد بات المعروف غريبًا، والآمرون به غرباء يحلقون في سماء أحلامهم الوردية بعيدًا عن الواقع!

ينبغي استثمار مثل هذه الحادثة بالثأر للفضيلة، وإشعال جذوة مصاديقها وآثارها من جديد، وإلا فإن رحيل هذا الشاب الرسالي، لن يعتبر إلا خسارة، لأهله، ولمجتمعه، ولحركة الأمر بالمعروف، وأهلها!

لا نتأمل من العلماء والخطباء وأئمة المساجد الاستنكار والشجب فحسب، بل التحرك العملي بالسعي لتكوين جماعات توقف مد المنكر الذي بات يتجول في الطرقات بأشكاله المختلفة دون رادع أو مانع! وهي فحوى دعوة لأحد علماء المنطقة قبل فترة وجيزة، كذلك، أعجبتني تلك الدعوة الكريمة والحملة المباركة في العمل التمثيلي القصير الذي انطلق من قطيفنا تحت عنوان "بادر" ولا أحسب شكري الرضوان إلا أحد شهداء مبدأ هذه الحملة، وهي دعوة مهمة، وشجاعة، بحاجة إلى رجال شجعان يتبنون قيمتها فيقوموا بأعبائها، ويأخذوا بها إلى طريق النجاح، كل ذلك، كفيل بأن يجعل من هذا الرحيل المفجع للرضوان ربحًا ومكسبًا، وطريقًا لحل مشكلة قائمة باتت تؤرق كل غيور على مجتمعه.