حبيبي ياسيد الرسل

ابدأ مقدمة مقالتي بهذه الأبيات التي أعرج بها بين هذه السطور معطرة بذكر الصلاة على محمد وآل محمد. «اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين»

ان شئت نصر المصطفى المختار... ونجاة نفسك من سعير النار... فأجعل نداءك عند ذكر محمد صلوا عليه وآله الاطهار.

هذه السطور المتواضعة لكل إنسان بحق، يعيش بالحب ويحيا بالأخلاق ويسعى لكتابة أسمه بين كتاب العالم

في هذا الكون الفسيح وتدوين أسمائهم بحروف من ذهب في كتب التاريخ وهم يكتبون عن هذه الشخصية المتشبعة بالمبادئ العظيمة والأخلاق، عن السيرة النبوية العطرة والأيام المحمدية الخالدة، ومكارم الأخلاق العظيمة والرفيعة التي يصعب أن تتجمع في شخص واحد. والحب الذي كان ينتشر منه ويتناثر على كل الدنيا من حوله.

«جان جاك روسو، الفيلسوف الفرنسي المعروف، حينما قال عن النبي محمد، ، «لم ير العالم حتى اليوم رجلا استطاع أن يحول العقول، والقلوب من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الواحد إلا“محمدًا”ولو لم يكن قد بدأ حياته صادقًا أمينًا ما صدقه أقرب الناس إليه، خاصة بعد أن جاءته السماء بالرسالة لنشرها على بني قومه أصحاب العقول والأفئدة الصلبة، لكن السماء التي اختارته بعناية كي يحمل الرسالة كانت تؤهله صغيرًا فشب متأملًا محبًا للطبيعة ميالا للعزلة لينفرد بنفسه».

حبيبي. ياسيد الرسل أيها الحبيب الذي ارتوت قلوب العالمين بحبك، لأنك حقا جعلت سقف الإنسانية عاليا، واقترن اسمك بعد الله ونحن ننطق بشهادة «لا إله إلا الله محمد رسول الله».

رسالتك العظيمة ياسيدي ياحبيبي يارسول الله كانت ولا زالت وستبقى عظيمة وخالدة في كتب التاريخ سطرها العلماء والفلاسفة حتى تتمكن جميع الأجيال، المسلمة وغير المسلمة، التعرف على هذا الشخص العظيم، الذي أسس لأبعاد ومبادئ إنسانية جديدة وشاسعة، حتى ظهور القائم من ولدك الحجة المنتظر (عج).

سيرتك العطرة ياسيدي يارسول الله مليئة بأشياء رائعة، بل هي الحل الأنسب للعديد من المشاكل المجتمعية والنفسية السائدة اليوم في هذا العالم، نحن في هذا العالم نفتقد للخطاب الديني الروحي الحي الذي طغت عليه المادة وساد فيه الطمع وعم فيه الفساد والظلم وافتقد العدل والضمير الإنساني المنصف.

فواجبنا نحن أن نكون رسلاً لرسالتك الأخلاقية السامية والتي قد ركز عليها الله سبحانه وتعالى في الكثير من آياته الشريفة، التي ترسم لنا صورة مشرقة صادقة لأخلاق النبي ، وفضائله. ولعل أبلغها وصفاً وأدقها تصويراً «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» آية 4 سورة القلم. الرسالة التي بلغت من الكمال والعظمة والجمال والشمولية في الاخلاق، والصدق، والحق، والعدل.

إن لرسالتك العظيمة إلينا أن نحيا بين الناس بما حييت به وأنت من منطق إنساني تعلمنا عظمة الأخلاق والإنسانية التي تضمنت مشروع رسالتك الإلهية حينما نزل عليك الوحي. والتي فيها الحالة الاجتماعية القبلية كانت في الحضيض من الضعف والتخلف وكان الجهل والخرافات مسيطر عليها فبعثك الله لتخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ومن الشقاء إلى السعادة.

إننا يا سيدي ونحن نحي ذكرى مولدك الشريف نمر بمواقف وأحداث فانتقل الاختلاف إلى خلاف ومن خلاف تحول إلى جدال، ثم إلى ضرب وقتل وتشويه لهذه الإخلاف التي حملت شخصيتك العظيمة.

تحولنا إلى غابة يأكل فيها بعضنا بعض ويتعدى فيها القوي على الضعيف، ويتعالى الغني على الفقير.

فقدنا الاحترام لبعضنا لبعض، وافتقدنا للأخلاق النبيلة التي تؤسس النجاح والقوة والإنسانية لهذه الأمة التي بعثت إليها لتتم لهم مكارم الأخلاق. لم يعد صاحب الرأي والمعتقد يحترم من يختلف معه. بل صار المختلفون على خلاف وعداء.

سيدي يارسول الله من يطلع على سيرتك العطرة سيرى كيف احترمت كل من اختلفت معهم، واختلفوا معك فكرياً وعقائدياً ودينياً، سواء من أهل قريش وهم عشيرتك وأهلك الذين طردوك وحاربوك وشوهوا صورتك أمام باقي القبائل، احترمت الكل واحترمك الكل، بل فرضت عليهم احترامك واخلاقك وشخصيتك.

وتبني لمبدأ الحق والعدالة في الاختلاف والحرية في اختيار ما يريح الإنسان من توجهات فكرية وعقائدية، الاختلاف كان وسيبقى رحمة للعالمين، بل سيظل وسيلة لتنوع الإنساني وفتح آفاق فكرية وعلمية وإنسانية تتسع للجميع، بكل اريحية في إطار يؤسس على الاحترام والتسامح وسعة الصدر.

سيدي يارسول الله في ذكرى مولدك الطاهر، اجدد لك التحية والسلام والشهادة لك أنك رسول الله وحبيبه وصفيه وخليله أرسله الله بشيراً ونذيراً بالهدى ودين الحق وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فختم به الرسالة.

فكم نحن الآن بحاجة إلى ما جاء به محمد من الهدى العظيم، والخلق الرفيع، والصراط المستقيم.

السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين.

علي حسن آل ثاني كاتب في الشبكات المواقع والصحف المحلية والخليجية