الأصدقاء وزملاء العمل

إن هناك فرق شاسع بين زميل العمل والصديق القديم والحقيقي، فالصديق هو من يبادر بالمواساة والمشاركة المكثفة والخروج معك عن طريق الذهاب لمختلف الأماكن، من خلال قيادة المركبة أو المشي، بهذه الناحية تكون بينك وبين هذا الصديق ثقة قوية ومحبة مبنية على الاحترام والود وأحيانا تبادل الأسرار.

 ولكن من جهة أخرى زميل العمل هو من يكون معك في مكان الوظيفة والذي تعتبره مساعدا وموظفا يشاركك في مخططاتك العملية فقط، وزيادة على ذلك تتعامل معه بطريقة هادئة وعادية من دون التعمق معه في الكلام والحديث لأنه يصنف من الغرباء بل ولا تملك المعرفة اللازمة تجاه شخصية ذلك الإنسان الغريب.

وفي هذا المجال لا يصح أن يدخل الإنسان في علاقة عميقة مع زملاء العمل؛ فيقوم بالميل للثقة العمياء وتبادل الأسرار الشخصية معهم، وبالتالي يقع في مشاكل مقلقة ومؤثرة على حالته النفسية وشخصيته بل ويحبذ التعلم من الأخطاء السابقة والانتباه والحذر من التعامل مع أي إنسان معين يتم إجراء لقاء معين معه؛ سواءا كان في مكان الوظيفة أو الشارع أو المناسبات لأن هؤلاء يصنفوا من الغرباء ويحتاجون لفترة طويلة، من أجل التعرف على شخصياتهم الحقيقية.

من هنا نتعلم أنه يجب على الإنسان أن لا يثق بأي شخص بشكل كامل، وأحيانا هناك أناس طيبون في مجال العمل، وليس شرطا أن يكون جميع أصحاب العمل أناسا طيبين فبعضهم يميلون لوجه آخر ومنتحلين شخصيات تتمحور حول الضائعين أو المجرمين أو مستفزين أو المتنمرين أو المتلاعبين نفسيا؛ فلا يمكن التعرف على شخصية هؤلاء لأنه لم يتحقق التقارب والتوافق المتكامل في الجوانب المختلفة والذي يكون على أرض الواقع؛ أي خارج مكان العمل.

على سبيل المثال، ذهب إنسان معين ذو صفات طيبة ومظهر جميل إلى مكان عمل في منطقة نائية بعيدة عن القرية والمنزل الذي يعيش فيه، والتقى بأشخاص غرباء ولأول مرة انفتح معهم في الكلام والمزاح وبعد ذلك تفاجئ بعد الفترة أن هؤلاء الشخصيات لا يتحقق بينه وبينهم التوافق، أو لا تتقارب الأمزجة بسبب وجود اختلافات في أمور محددة، ولأنه لم يتم التعرف عليهم من قبل فترة بل كان هذا اللقاء كخطأ تعرض له وتجربة تعطيه درس وعبرة حتى لا يكرر الميل لهذه السلوكيات والتصرفات، والدخول في خانة الثقة العمياء، والتسرع في الكلام.

والخلاصة التي لا بد من قولها هي: يجب أن يتعلم الشباب والأبناء على الاستماع لرب الأسرة أو رب العمل عندما يوجه لهم النصيحة، والإرشاد التربوي الذي يقدمه الخبير الذي كان يعمل لفترة طويلة في المجال الوظيفي، وكل هذه الإرشادات والتوجيهات تكون مبنية على المحبة والمشاركة وتمني الخير للآخر.

”عندما ترى مربيا أو خبيرا يوجهك وينبهك بشكل مستمر؛ فهو يحبك أكثر وأكثر، ويتمنى أن تكون إنسانا مبدعا، ويخاف عليك“.