الحسينُ... شعلةٌ لا تنطفئ بعد عاشوراء

الإمام الحسين ليس مجرد حدثٍ نُحييه في يومٍ ونمضي، بل هو مدرسةٌ نعيشها، ونورٌ نهتدي به في كل لحظة من لحظات أعمارنا. هو نبضٌ مستمر في ضمير الأمة، وقبسٌ لا يخبو في دروب الباحثين عن الحق.

وإليك بعض سُبل التواصل الروحي والعملي مع الحسين بعد عاشوراء:

1. أن تُحيي الحسين في داخلك

لا تكتفِ بالبكاء، فدمعتك ليست نهاية الطريق، بل بدايته... اجعلها توقيعًا على عهدٍ جديد مع نفسك:

أن تكون صادقًا مع الله.

عادلًا مع الناس.

مخلصًا في عملك.

فالحسين لا يريد منّا مجرد شعورٍ عابر، بل سلوكًا نقيًّا يحمل صوته في تفاصيل الحياة.

2. تذكّر الحسين في تفاصيل يومك

حين تشرب الماء، لا تنسَ نداء العطش في كربلاء، وتذكّر قوله :

”أنا الغريب العطشان بين الملأ.“ «1»

وقل بقلبٍ خاشع:

السَّلَامُ عَلَى الشِّفَاهِ الذَّابِلَاتِ...

فلعلّ هذا السلام يروي ظمأَ الروح، ويصل صدى الوفاء إلى كربلاء.

3. التمسك بأخلاق الحسين قولًا وفعلاً

كان الحسين منارة في مكارم الأخلاق، وها هو ينادي:

> ”يا أيها الناس، نافسوا في المكارم، وسارعوا في المغانم، ولا تحتسبوا بمعروفٍ لم تُعجِلوا، واكسبوا الحمد بالنجح.“ «2»

اجعل هذه الكلمات نبراسًا لك، وتعهّد أن تكون من أهل المعروف في الخُلُق والعمل.

4. خدمة الناس من أجل الله

من خدم الحسين في عاشوراء، فليخدم عباد الله بعد عاشوراء...

قال الإمام الحسين :

> ”واعلموا أن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم، فلا تملّوا النِّعَمَ فتَحوُرَ نِقَمًا.“ «3»

ساعد مريضًا...

أطعم فقيرًا...

أصلح ذات البين...

كل عملٍ نقيّ، هو امتداد لخيمة الحسين، وكل خطوة في خدمة الناس، هي خطوة نحو كربلاء.

5. نشر الوعي الحسيني

خرج الإمام الحسين ليوقظ أمةً غفت على وسادة الغفلة، وليُعيد إلى الحياة معالم الدين التي كادت تندثر.... فكن صوته في محيطك:

اكتب مقالًا يلهم القلوب.

حدّث أبناءك عن سيرته وتضحياته.

انشر مقطعًا قصيرًا يُجسد القيم التي ضحّى لأجلها.

6. المداومة على الأدعية والزيارات

خصص وقتًا يومياً لزيارة عاشوراء، فهي غذاء الروح، وباب القرب.

فعن الإمام الباقر :

> ”إن استطعت أن تزوره في كل يوم بهذه الزيارة من دارك، فافعل.“ «4»

ومن دعائه ، ما يهزّ الأرواح:

> ”اللّهمّ أنت ثقتي في كلّ كرب، وأنت رجائي في كلّ شدّة، وأنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقةٌ وعدّة. كم من همٍّ يُضعف فيه الفؤاد، وتقلّ فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، أنزلته بك وشكوته إليك، رغبةً منّي إليك عمّن سواك، ففرّجته عنّي وكشفته. فأنت وليّ كلّ نعمة، وصاحب كلّ حسنة، ومنتهى كلّ رغبة.“

ولا تنسَ دعاء عرفة، فهو دعاء من نور، يفتح لك أبواب القرب، ويهمس لروحك: ”اقترب... فالله أقرب“.

ختامًا

الحسين ليس مشهدًا يُبكى عليه فحسب، بل طريقًا نُسلكه، وأفقًا نرتقي فيه، وميثاقًا نكتبه مع الله في كل نبضة وفاء.

فكُن أنت الحسين في حيّك، في عملك، في أخلاقك... في سائر شؤون حياتك.

1» موسوعة كلمات الإمام الحسين - معهد باقر العلوم، ص 630
2» عيون أخبار الرضا 2/44، باب 31، حديث 157
3» المصدر السابق
4» كامل الزيارات، ص 332
أخصائي التغذية العلاجية