المساجد المنسية !!

من الجميل أن نجد بيوت الله عامرة هذه الأيام بالصلاة والذكر والطاعة وقراءة القرآن، إنها حالة إيجابية تبشر بخير، فالقلوب تعشق الحسنات وتتسلق في ما لدى الرحمن من خير ومثوبات؛  فشهر رمضان يبث روح التقوى والإيمان في الصدور، ونرجو أن لا تكون هذه الرياح موسمية !

في منطقتنا يسعدنا أن نجد بعض المساجد يرتفع بناؤها لينافس السحاب، بادرة خير أخرى تضوع بمسك التقرب إلى الله، ما أجمل هذه الأجواء ونحن نرمق مآذن تعلو وننتظر أن نسمع كلمة (الله أكبر) تحلق في السماء، رغم أن هناك من يعاني لظروف تقيد إرادة إقامة الصلاة، إلا أن الحديث هذه المرة يسير نحو بيوت الله المنسية، فلقد بنيت عدة مساجد إلا أن الصلاة فيها تعد بالقطارة أو بعضها لا تكاد تذكر، بل أن البعض منها – مع الأسف - لا تزال مقفلة تنتظر إزالة (الشمع الأحمر) من عقول أصحابها، هذا القفل – لم يتم من جهة حكومية – بل من جهة أخرى، عليهم أن يقدموا الإجابة الشافية إمام الله وإمام المجتمع، لماذا تقفلون بيوت الله؟!

 المساجد المهجورة مسؤوليتنا نحن لإحيائها بالذكر والعبادة، أوليست هذه البيوت لله، وإنها لتشتكي بفم طلق يوم القيامة، لماذا لا نقتلع الغبار منها ونوقدها بالصلاة والعبادة وقراءة القرآن، مررت على احد المساجد وقت الصلاة فوجدته مقفلاً، فلماذا تقفل بيوت الله وقت الفرائض؟! أين ذهب المسؤولون عنها، أين السدنة ومن يحضون بشرف تملكها؟! ولماذا لا يفتحون هذه الأبواب في هذا الشهر الكريم؟!، أوليست الصلاة في المسجد خير وأحب إلى الله من الصلاة في البيوت؟!، فمتى سيفك الحضر عن بعض البيوت التي هي لله وحده لا شريك له (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)، هل بنينا المساجد للعناكب؟! أم الصراصير والغبار؟! هل بنينا المساجد تحفة وزينة للناظرين؟! ماذا نصنع في مساجد مقفولة لا يصلي بها حتى الجن الأزرق؟! هل يحتاج أن نصرح بالأسماء حتى تفتح بيوت الله، أفتحوا بيوت الله لنصلي؛ فليست هذه البيوت لكم، إنها لجميع الناس يا عالم، فلماذا تضعون مفاتيحها تحت الآباط وتنامون؟!، إنها تختنق، ففسحوا لها الهواء لتتنفس، وليصلي الناس فيها، إنها بنيت للعبادة لا ليصلي فيها الغبار ويسجد فيها الإهمال والهجر، المسؤولية الأولى – أمام الله – على المسؤولين عنها بالدرجة الأولى لكونها تكليفاً لا تشريفاً كما يتوهم البعض ويتفاخر، فكيف سيصلي الناس في مسجد مقفول؟! لماذا لا يرفع الأذان فيها أوقات الفرائض؟! هل غرق المسؤولون وماتوا أم أنهم لا يهتمون إلا ببيوتهم ومساكنهم؟!

إننا نتحدث عن اعتقال المساجد، ما ذنب هذه البيوت وما جرمتها حتى تحبس؟!، هل قامت بجناية، أم أن وراء الأكمة ما ورائها؟! إن منع الناس من أداء الصلاة في المساجد جريمة لا تغتفر ويستنكرها القرآن، فهي لا تقل جناية عن من يمنع الصلاة ذاتها، فكلا الأمرين حرب لله، ولهذا يستنكر الله على أولئك بقوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا)، إن هذه الآية تنطبق على من يقفل مساجد الله، ويهملها لكونه نوعاً من أنواع التخريب، إن هذه السطور مسائلة اجتماعية حرجة وصارخة، قبل مسائلة هي الأكبر عند الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فمتى سننظر بعين الرأفة والرحمة لبيوت الله المنسية والمهجورة؟! متى سيحن الفؤاد لإماطة بيوت العناكب والصراصير منها؟! إنها مسؤولية الجميع.. فلنفتش عن كل المساجد المقفلة، ولنشمر الأيدي لإماطة الأوساخ عنها، ثم لنحييها بالصلاة والعبادة، ولنشعل شمعة قبل أن نلعن الظلام وأصحابه !!