عظماء لأن أهدافهم عظيمة

الشيخ حسين علي النمر *

إن تحديد الأهداف الجيدة يؤدي بالإنسان للوصول إلى نتائج جيدة والعكس صحيح، والسعي وراء تحقيق الأهداف العظيمة يجعل الإنسان عظيماً، والأهداف التافهة والحقيرة تُتفه وتُحقر صاحبها.

وهنا يأتي السؤال: ما هي الأهداف التي ينبغي علينا أن نصبو إليها؟

قال أمير المؤمنين "هلك من ليس له حكيم يرشده"

لكل إنسان في الوجود قدوة يقتدي بها وأسوة يتأسى بها؛ فهنالك من يقتدي بقدوة تافهة وطالحة تُحمله أهدافاً تافهة ومُخزية ومُردية، وهنالك من يقتدي بقدوة صالحة فالحة ناجحة، ونحن مِنْ نعم الله علينا أنه جعل لنا قدوة من خير ما يُقتدى به، وهو سيدنا وإمامنا الحسين ؛ فهو الذي قال عنه رسول الله : "الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة"؛ فكيف لا يكون قدوة لنا؟

والآن لا بد لنا أن نعرف: ماذا كانت أهداف الحسين أو بعضها؟

رغم عظمة الإمام الحسين ، وأنه حفيد الرسول ، وابن فاطمة سيدة نساء العالمين، وابن علي سيد الوصيين، وهو إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة؛ إلا أن ذلك لم يجعله مُتكلاً على هذه المكانة الخاصة والمرموقة، بل وضع لنفسه أهدافاً عظيمة سعى لتحقيقها، وقد حققها.

جاء في الحديث أن رسول الله قال للحسين : "وان لك في الجنة لدرجات لن تنالها إلا بالشهادة"

إن الحسين كان ضامناً دخول الجنة إلا أنه لم يكتفِ بذلك فحسب، بل كان يصبو إلى هدف أرفع من ذلك وهي الدرجات الرفيعة التي لا تُنال إلا بالشهادة، وهذه الشهادة ليست موتاً فارغاً من الأهداف، بل هي تحمل معها هدفاً عظيماً.. هو (إصلاح الأمة)، لقد قام الحسين بفريضة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) حين رأى أن الجاهلية الأولى قد اُتخذ قرار بإعادتها للأمة الإسلامية من قبل طواغيت بني أمية.

ونحن هل سنحمل أهدافاً عظيمة كأهداف إمامنا الحسين (التركيز على الآخرة ونيل أعلى الدرجات، وإصلاح أنفسنا ومجتمعنا) حتى نكون من العظماء؟.

أنفسنا ليس لها ثمن إلا الجنة، فهل سنبيعها للأهواء والشهوات والتوافه؟! والإصلاح وظيفة عظيمة وهي وظيفة الأنبياء، حتى أن الله سبحانه وتعالى قد ساوى المصلحين بالأنبياء، كما قال ربنا العزيز في كتابه الكريم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ[1] ، بل إن حقيقة الصلاة وجوهرها هو الصلاح والإصلاح: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ[2] 

فهل سنُفرغ صلاتنا من جوهرها ونترك الصلاح والإصلاح؟.

بل إن من بالغ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن الله سبحانه وتعالى فضلنا على سائر الأمم بها، ولكنه علق خيرية الأمة الإسلامية على العمل بهذه الفريضة المهمة، كما في قوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ[3] .

لذلك حتى نكون حسينيين عظماء ينبغي علينا أن نسعى بجدية لإصلاح أنفسنا وإصلاح من حولنا وإصلاح مجتمعنا.

[1]  آل عمران، 21
[2]  العنكبوت، 45
[3]  آل عمران، 110
العوامية