أجـمل سندريلا سعودية !*

أراد صاحبنا ( المتزوج ) وبطلب من أمه ، وعلى ذوقه ، شراء بعض الحاجيات والهدايا لزوج خادمتها ، والتي تنوي  وبعد أسبوع ، الرجوع لوطنها دون عودة .. ومن باب الترفيه ، أو كما يقال بالعامية ( تغيير جو ) أتصل صحابنا بصديقه ورفيق دربه  أبو العريف الأعزب ، لأنه يدعي المفهومية ومعرفة البئر وغطاه كما يقال  .. وبينما هما في طريقهما للسوق ، أنهال صاحبنا على أبو العريف بلكمات من الكلمات : ( إلا متى وأنت أعزب !؟! ) ، كم صورة عرضتها عليك بنية الزواج ؟  وكم فتاة أنا محـرم لها وصفت لك أخلاقها وُخلقها وجلابيبها ؟ وإلي الأن لم يتحرك فيك عرق واحد !! بصراحة ومع إحترامي لك ولصداقتنا الطويلة : أنت عالة على المجتمع السعودي ! ، ووالله ، لو أنقلب حواء ، سأبقى عزباء ولن أتزوجك !
فكانت إجابة أبو العريف  مخلوطة ببعض القهـقهات الضاحكة ، وبصيغة سؤال بارد :
هل تتذكر حبيبي شبيه خاتم الأميرة ديانا الذي أشتريناه معاً في سفرتنا للدولة الفلانية ؟ ( نعم ! ) .. بصراحة أنا أبحث عن أجمل فتاة سعودية تستحقه ، وبالمواصفات والمقاييس الجمالية الدولية التلفزيونية، والتي ستغنيني وتشبع عيوني عن النظر والبحث عن سندريلا بين مئات القنوات العـربية ، والتي ستريح الريموت كنترول من عذاب يدي .. ( لكنه كريستال وبعشرة دولارات ! ) ، ولو عزيزي ، القيمة بالجوهر وليس المظهر .
بعد دقائق ، وإذا بهما داخل المحل الشعبي ، وصاحبنا ممسكاً بعربة التسوق ، أما أبو العريف ، فكان مشغولاً بتقليب بعض الأكواب بين يديه ، وإذا صدفة يلمح فتاة بعباءة ومتحجبة أو محجبة تمر من أمامه ! ، وبرمشة عابرة من عيون المها الواسعتين ،  سرقت منه البصر مع الفؤاد ، فلحق بها أبو العريف وكأنه ريشة تسبح في الهواء ، وفجأة : أخرجت صوتاً كالصفير الخفيف تستنكر فعلته ، فتوقف ! وأستيقظ من غفلته ! فعاد أدراجه إلي صاحبنا يشرح له الوضع : وجدتها ! وجدتها ! .. من هي ؟ .. سندريلا السعودية ، صدقني إنها تأسر اللب حتى يخضع ، وبها جمال يكاد له القمر أن يركع .. ( الحمد لله ، الحمد لله لك يارب ، أخيراً سأرتاح منك ومن همك وستحرز نصف دينك ، الحق بها قبل أن تهرب واخطبها من أهلها ) .. وبحركة خاطفة ، أخذ أبو العريف عربة صاحبنا متظاهراً إنه يتسوق ، وإذا به يلمح نور وجهها القمري بالقرب من محاسب المحل ، فهوى أمامها بسرعة البرق ، وإذا بها قد أختبأت وأختفت خلف نسوة أسيوية ، فصارحها بصوت عالي وهو يهز رأسه : لا تخافي ، أخرجي أرجوك ، أنا أطلبك للزواج على سنة الله ورسوله ، أرجوك أخبريني أين أبوك ؟ أين أمك ، هل هما هنا ؟ ، وإذا برأسها يطنب خلف النسوة وكأنها فرخ خائف ، وعلامات الهلع والإنزعاج قد رسمت عليها ، فأصدرت صوتاً صفيراً أقوى من السابق .
فجـأة ! ، خاطبه محاسب المحل الهندي ، والذي يتـقن العربية تحدثاً : أخي ! أرجوا الإحترام ، ممنوع المعاكسات هنا ، هذه الفتاة باكستانية خرساء ، وعائلتها دائماً تأتي هنا للتسوق .. لحظات مرت كالسنوات ، وكأن الماء البارد قد صب على رأس أبو العريف ، فمشى للخلف بهدوء ، وعاد بخفي حنين إلي صاحبنا ، وأخبره بما جرى من طأطأ حتى السلام عليكم ، فسأله : اين العربة ؟ ( !! ) ، فرجع ليأخذها ، وإذا بالعامل قد أفرغها من محتوياتها ..  وأخيراً ، وبمرآى من الفتاة الباكستانية ، عاد أبو العـريف بعربة أخرى فارغة وسلمها لصديقه وهو مطأطأ الرأس ، فقال صاحبنا : لا أنت وجدت سندريلا ، ولا أنا أشتريت هدايا زوج ساليتا  ، كم مرة قلت لك الجمال خلطة عجين نسبية موجودة بعقولنا ، ويمكنك عجنها على وجه أي فتاة سعودية وغيرها.. الأفضل لك أرمي الخاتم وأرحنا ، أو أقول لك ، أعطيني إياه تهديه خادمتنا لزوجها ، ( لكن نسائي ) .. أتضح لي إنك لا أبو العريف ولا شئ ، بالهند حبيبي ماتفرق عندهم ، أهم شئ إن لونه ذهبي .
 *قصة حقيقية أقتبستها من إحدى روايتي .
روائي وباحث اجتماعي