الحب والعلاقات العاطفية يتصدران مشكلات المراهقات

صحيفة الحياة الدمام - شادن الحايك

 

كشفت الاختصاصية الاجتماعية سلمى العالي لـ «الحياة»، «أن مشكلات المراهقات تعد الأكثر حضوراً ضمن الهاتف الاستشاري، وأن المشكلات الأبرز هي المتعلقة بالحب والعلاقات العاطفية» وأشارت العالي إلى أن الهاتف الاستشاري يتيح للمتصلين طرح مشكلاتهم ليتم التعامل معها، «إلا أننا لا نقوم بالسؤال عن الاسم ولا مكان الإقامة، ليكون باستطاعة المتصل أن يتحدث ويطرح مشكلته بحرية».

الحب والعلاقات العاطفية وصفتهما «العالي» بأكبر مشكلة تعاني منها الفتيات، بحسب الاستشارات الواردة، وقالت: «تبحث الفتاة عمن يفهم شخصيتها، ويقوم بدعمها نفسياً، ويعزز ثقتها بذاتها من خلال المديح والإطراء، سواء كان ذلك الإطراء على سلوكها، أم تفكيرها، أو حتى على جمالها، وأن الفتاة تبحث عمن يعزز لديها هذا الجانب، حين لا تجد اهتماماً من الأسرة، وأن الكثير من الفتيات وقعن ضحايا للابتزاز والاغتصاب نتيجة لذلك، ما يوصلهن لتلك المرحلة والاتصال لطلب الحلول لمشكلاتهن».

وأكدت «العالي» أن حل تلك المشكلات يبدأ بفتح قنوات اتصال مع الأسرة، أو فرد قريب من الأسرة، «استطعنا قبل أسبوع من الآن أن نحل إحدى المشكلات، بعد أن طلبنا من الفتاة أن تتحدث بصراحة مع أحد أفراد الأسرة، وكذلك الطب الشرعي الذي بيّن للأسرة أن الفتاة تعرضت بالفعل للاغتصاب»، مشددة على أهمية فتح قنوات للتواصل معهن، وأنه مهما كان حجم الخطأ فلابد من الوقوف بجانبهن.

ولفتت العالي إلى أن الكثير من الأسر تتهم المجتمع الخارجي بتدمير ما بنته الأسرة من قيم، وقالت: «الأصدقاء هم المتهم الأول، فالأبناء يستمعون إلى نصائح الأصدقاء، وعلى الأسرة أن تتعامل مع ذلك بذكاء، فالأم عليها أن تتعرف على صديقات ابنتها، والأب كذلك بالنسبة لأصدقاء ابنه، فحين يستشعر الأبناء ذلك، سيشكل لهم الأبوان الملجأ الأول». وألمحت إلى أهمية اختيار طريقة مناسبة للحديث مع المراهقين والبعد عن مخاطبتهم بصيغة الأمر، «فلو طلبنا الطلب مسبوقاً بكلمة لو سمحت سيكون وقعها أفضل على المراهق ويستجيب للطلب، وفي حال فرض قوانين على الأبناء، على الآباء أن يطبقوها على أنفسهم، مثال تحديد ساعات معينة للجلوس على الانترنت».

من ضمن تلك الحالات نوال (20 عاماً)، التي وقعت في مصيدة رجل متزوج أوهمها بأنه ليس مرتبطاً، حين بدأت علاقتهما من خلال الاتصال الهاتفي، ومن ثم تطورت إلى لقاءات في أماكن مغلقة، ثم أعقبها وعود بالزواج.

تقول نوال بعد مرور ثلاث سنوات على انتهاء قصتها «تعرفت عليه عن طريق اتصال خاطئ قمت به، ليواصل من جهته الاتصالات، واستمر الوضع على هذا المنوال عاماً كاملاً، فكان أول لقاء لنا في أحد المطاعم، وتطور إلى أن وصل إلى اللقاء في منزل شقيقه، وثقت به بعد استمرار علاقتنا إلى ما يقارب السنتين، ومن ثم أصبح لا يرد على اتصالاتي، وتقدم لي خلال هذه الفترة الكثيرون إلا أن قراري كان الرفض، إلى أن قررت الاتصال باختصاصية اجتماعية وأشارت علي بمصارحة أقرب شخص لي في العائلة، على أن أتحمل تبعات هذا الأمر، فقررت أن أصارح أختي الكبرى بالأمر، لأن والدتي متوفاة، التي بدورها أخبرت والدي، فالتزم الصمت ليومين متتاليين، وفي اليوم الثالث سأل عن اسمه، وبالفعل توصل له في مقر عمله، وخاطبه بلهجة حادة بأن عليه أن يصلح ما أفسده، والمطلوب منه أن يعقد قرانه علي لمدة شهر، ومن ثم يقوم بتطليقي، فوافق على ذلك بعد أن اشترط على والدي 10 آلاف ريال، تسلم نصف المبلغ يوم عقد القران والنصف الآخر يوم الطلاق».

وتضيف نوال، أنه على رغم مرور هذه الأعوام إلا أنها لا تستطيع النظر في وجه والدها وأختها اللذين كتما السر، «تمت خطبتي على شاب من عائلتنا قبل شهر من الآن، إلا أن إحساسي بالذنب لم ولن يفارقني، وأيقنت بأنه لا يوجد أحد سوى الأسرة باستطاعتها احتواء أبنائها والوقوف إلى جانبهم وحمايتهم مهما كان خطأهم، وهذا وحده كفيل بأن يلازم الأبناء شعور الخزي، والذنب، ولا يوجد أي عذر يبرر لي ما فعلت».

من جهته، أوضح الاختصاصي النفسي الإكلينيكي عبدالعظيم الصادق: «أن الغالبية العظمى من الأسر لا تعرف كيفية التعامل مع المراهقات، وعلى الوالدين زيادة وعيهم وثقافتهم في هذا الجانب»، وركز الصادق على دور الأم قائلاً: «إن الأم بطبيعة الحال هي الأقرب للفتاة، وعليها التحاور معها في جميع الأمور، مع إزالة الخطوط الحمر من دون خجل، وهذا لا يلغي دور الأب كمرشد ومراقب، وله حق التدخل، فتعزيز ثقة الفتاة بأسرتها وتحديداً والدتها بأنها الملجأ الوحيد الآمن لها، وهي من يستطيع كتمان أسرارها بأمان من دون أن تتعرض لضغوط مستقبلية من صديقة بعد أن تطلع على أسرارها له دور كبير في جعل الفتاه تبوح لوالدتها بكل شيء، على أن يتم ذلك الحوار من دون ضغوط، وفي حال نفسية مستقرة من الطرفين».

وعن طرق التعامل مع الفتاة في حال اكتشفت الأم علاقتها بشاب، يرى الصادق أن هذا يعتمد على مستوى العلاقة التي وصلت إليها الفتاة مع هذا الشاب، فقد لا تتعدى اتصالاً هاتفياً، وقد تصل إلى مراحل أكبر من ذلك، وفي جميع الحالات على الأم أن تتحلى برباطة جأش ومواجهة الأمر بهدوء وتروٍ، فالصراخ والضرب لن يجديا نفعاً، وقد يؤديان إلى هروب الفتاة من المنزل إلى جهة غير معلومة، ما يسبب تفاقماً للمشكلة».