وللمرأة حقوق !!

 

ليس الإدعاء كالحقيقة، كما أن الوهم لا يصنع الواقع، والتزمير على سمفونيات الهروب لا يكشف إلا عن حقيقة واحدة هي حقيقة الخوف من المواجهة وعدم إمكانية مقارعة الحجة بالحجة والرأس بالرأس، ليس على سبيل مصارعة الثيران، بل إن الدليل يقود أصحاب النهى .

لم تُخلق المرأة للفراش فحسب، ولا لأرفف وأدراج أهواء الرجال، وإن كان الرجل ذلك ممن يدعي وصلاً بالقرآن !

القرآن يحدثنا عن بنتي نبي من أنبياء الله شعيب : (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)، فالمرأة تخرج للعمل إذا ولدت الحاجة للخروج، وكلثم أخت موسى : (وَقَالَتْ لاُخْتِهِ قُصّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ)، إذ لم يعرض الله بخروجها، بل جعل استجابة وعده لأم موسى على يديها، ونقل لنا القرآن قصة تعقبها لآثار التابوت، ومخاطبتها للقصر الملكي، علماً أن " الفجوة " وترك بعض تفاصيل الأحداث من خصائص الاسلوب القرآني الذي قد يهمل الكثير مما فعلته كلثم، آسية بنت مزاحم يضرب الله بها مثلاً للمؤمنين : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ)، إذ كانت هي الثائرة على الحكم الذكوري الفرعوني !!

لم يشطب القرآن الكريم حق المرأة، إذ  أرجع لها حقها المسلوب في الإرث منذ أيام الجاهلية : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ)، وحرم الله وأدها : (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)؟!، إلا أن الذكور قد يتفننون في وأدها بالطريقة العصرية : أما بحرمانها من إكمال مشوارها التعليمي، أو إجبارها على الزواج ممن تكره دون أن يكون لها رأي، أو رميها في المنزل كأي متاع، أو بالنظرة الدونية مردفين لفظ " أعزك الله " بعد أيّ ذكر لها !!

حتى خولط في أذهان البعض أن اسمها نكرة وعورة، بينما نشاهد أن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء تشرخ كل الأعراف البالية فتقول وأمام الملأ : " اعْلَمُوا أنِّي فاطِمَةُ، وَأبي مُحمَّدٌ … "، وهكذا نجد أن الله أعز المرأة وكرمها إذ خصص سورة طويلة كاملة باسم (النساء) لا الرجال، وسورة كاملة أخرى جعل عنوانها (مريم) تخليداً لمريم الصديقة ويروي لنا الله قصتها في كتابه : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ)، مريم صاحبة التمرد في دخولها " المعبد " الذي لا تطأه قدم النساء، لتكسر عرفاً سائداً حينما رغبت في إختراق الممنوع والمحظور!، وقد يتوهم البعض أن فضلها راجع لكونها أم نبي هو السيد المسيح فقط، بينما كان طهرها ذاتياً لا تبعياً، إذ يقول تعالى : (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ)، وهذا وسام عظيم يقودنا إلى كونها من أولئك : (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) رغم كونها " أنثى " وإن كره الرجال !

البعض – مع شديد الأسف – لم يعرف من القرآن في حديثه عن المرأة إلا : (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)، أو آية يمطها البعض متهكماً دون أن يعرف المغزى قائلاً : (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى)، أو كلمة أخرى يُخبأ البعض خلفها نهمهم الذكوري العنيف في قوله تعالى : (وَاضْرِبُوهُنَّ) ليتشفى ما يعتلج في صدره من غيض، متناسياً أن لهذا الضرب ضوابط وحدود، وتناسياً أقوال المصطفى الكريم : (يا أنجشة ! رفقاً بالقوارير)، وقوله : (… ما أكرم النساء إلا كريم ، ولا أهانهن إلا لئيم). وتتضافر الروايات : (من رفع يده ليضرب أمراته رفعت له يد في النار) !

وهكذا نرى أن القرآن خلد امرأة أطلق عليها اسم : (المجادلة) دون أن يشيد ويكرم زوجها بهذا التشريف العظيم، نلاحظ أن الإسلام العزيز أنصف المرأة بل كرمها وأعزها إذ جعل الجنة تحت أقدامها، إلا أن الكثير من الاسلاميين وضعها فيما تشتهي الأنفس معللين : (وجهاد المرأة حُسن التبعل) !!

المرأة لها حقوق لا تنحصر في مسألة قيادة السيارة، أو المشاركة في الترشيح والانتخاب، إذ يقول تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)، فلا فرق في الجزاء بين الذكور والإناث، وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) أي أن لهن بيعة مقبولة عند الله وعند رسوله، فإذا كان القرآن والسنة يحكمان لها بهذا الحق، فليخرس الجميع !!