من يسرق ثورات الربيع العربي؟

 

 

سؤال واقعي مبعثه مجريات الأحداث في اليمن وسوريا والبحرين وتونس ومصر، من يسرق ثورات الربيع العربي؟.

هناك رأي يزعم بأن الثورات الحقيقية والمتجذرة في الجماهير لا يمكن أن تتعرض للسرقة.

ورأي أخر يقول: إذا لم تكن هذه الثورات حقيقية، فينبغي إعادة تشخيصها لنتمكن من التعامل معها بالتشخيص المعقول والمنطقي. وبغض النظر عن ماهيتها، ثورات أم لا، وفي الحالتين، هل يمكن سرقة ثمار كل التضحيات والدماء والتغييرات التي وقعت في بلدان الربيع العربي؟

ما يدفع لطرح هذا الأمر إن مفضيات هذه الثورات ونتائجها النهائية لا تزال غامضة، لأن مخاضاتها لم تتوقف بعد، ولأن الصراع بين القوى المؤثرة في كل ساحة منها، داخلياً وخارجياً، في حالة من التغيير المستمر.

ما يحدث في اليمن هو صورة من صور الصراعات التي تحيط بثورات الربيع العربي من داخلها أو من خارجها. وقولنا "ثورة" هو مجرد استخدام مجازي لما بات حراك الشوارع العربية يوصف به، أي لا يعني قناعتنا أو عدم قناعتنا به. النموذج اليمني هو الأفضل لمناقشة موضوع إمكانية سرقة الثورة من عدمها، مع وجود تشابه في ما بينها والثورات الأخرى من جهة كونها دعوات تغييرية تستند إلى نطاق عريض من الجماهير المتبنية للمطالب المتشابهة مثل إسقاط أو تغيير النظام، وبناء ديمقراطيات جديدة، ويوجد أيضاً اختلافات جوهرية بينها من حيث الأهمية الجيوسياسية والتركيبة الديموغرافية للسكان والدور الإقليمي والاقتصادي.

مضى أكثر من ثمانية أشهر على انطلاق حراك الشارع اليمني ضد نظام علي عبد الله صالح.

القوى الداخلية متوزعة بين النظام وأنصاره من القبائل والأحزاب، والمعارضة الرسمية وأنصارها من القبائل والأحزاب، وشباب يقود حراك الشارع في أغلب المحافظات يزعم استقلاليته عن المعارضة الرسمية ويتباين عنها في مواقفه ويرفض علاقاتها بالحكومة السعودية ويرى بعض شبابها أنها، أي المعارضة، تأتمر بأوامر السعودية فلا فرق بينها ونظام علي صالح من هذه الوجهة، ولكن شباب الثورة يتفقون مع المعارضة على خط عريض ومرحلي هو إسقاط النظام.

حتى اليوم لم يستطع المجلس الوطني اليمني تجاوز الحدود الفاصلة بين تلك التقسيمات، لأنه تأسس على أمنيات لم يستجب لها الشارع.

ناهيك عن وجود قوى أخرى، دورها في هذه المرحلة غير جلي، ولكن سيكون لها دورها الفاعل في مراحل قادمة كالحوثيين وتنظيم القاعدة وقوى نظام اليمن الجنوبي السابق.

يتهم أنصار النظام في اليمن، وكذلك أغلب شباب الثورة، يتهمون المعارضة بسرقة الثورة.

لم ينتصر الثوار أو النظام أو المعارضة. ما يشجعهم على تأكيد التهمة وجود بطء شديد في المواقف الإقليمية الحاسمة تجاه نظام علي صالح.

ويزيد من ريبتهم بطء أكثر وضوحاً في المواقف الدولية لاسيما على صعيدي الجامعة العربية ومجلس الأمن حيث يعملان على استحياء وكأن رهانهم على بقاء النظام أمر فعلي وعملي رغم عدد القتلى الأخذ بالتزايد يوماً بعد أخر.

أما المبادرة الخليجية فهي عملية من يمسك العصا من منتصف الطريق بين الشارع والنظام كي يتمكن من التعاطي مع المنتصر في لحظة انتصاره.

لذا لا غرابة أن تصبح كل تلك القوى، ومن يقف خلفها، متهمة بمحاولة سرقة الثورة اليمنية من قبل شباب الثورة اليمنية!!

القبائل موزعة بين أطراف الداخل.

قيل أن بعضها تعرض للسرقة أيضاً من قبل زعمائها.

إعلام قناة الجزيرة تعب من النفخ بنجاح الثورة التي لم تنجح بعد، ويقال عن الدوحة أنها تسرق الثورة فتبيع وتشتري بثورة اليمن في مزاد السياسة خليجياً وإقليمياً ودولياً في معادلة الأرباح والخسائر.

يُرسخ هذا الظن ويغذيه غياب النتائج الملموسة والنهائية في الثورات السابقة، في تونس ومصر وليبيا، أو ابتعادها عما كان مأمول منها.

فهل حقاً هناك من يحاول سرقة الثورات؟

ومن هم؟ فلنفتح عيوننا.

كاتب وباحث