القطيف وقلائد الشهداء

 

 

" خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة "، هاهي القطيف تتباهى بقلائدها وفخورة بما تقدم من شهداء، فترى القطيف في انتفاضة مهيبة تودع جثامين الأبطال الأحبة من أبنائها في زفة تاريخية فريدة اجتمعت فيها كل قراها عن بكرة أبيها وتوحدت الأجسام والأرواح فبدت كتلة واحدة متناغمة ترفع صوت واحد : (بالروح.. بالدم.. نفديك يا شهيد)، هذا الشلال القطيفي الأبي الجارف أثلج قلوب المصابين، وأوغر الألم في نفوس من يظن أن القطيف شتات لا صلة له ببعضه، فالبحرين بدأت مشوارها والقطيف تتلوها في ذات المضمار، والشعار المعلق فوق الصدور : " القطيف والبحرين شعب واحد مو أثنين " بدأت آثاره تتضح على الواقع بكل صفاء وجلاء، وهمسه في أذن أخي " المداهن" والآخر "المنبطح" : ( أورثوا أبناءكم العزة والكرامة، ولا تكونوا بصمة سوداء للأجيال القادمة )، لم يستفد المتزلفون غير لقب "المنافق" من الآخر، واللعنة والمقت من الآخر المؤتلف !!

يظن صاحب البندقية أن الرصاص سيخيف الأحرار من أبناء هذه المنطقة الحرة والأبية، ألم يعلم أنها تفخر بالشهداء، وتكرمهم في كل عام وذكرى؟!، ألم يعرف قناصوا البشر : " إن القتل لنا عادة، وكرامتنا من الله الشهادة " ؟!، توالت القلائد الجميلة والبراقة تتسابق على صدور الشباب الأبطال، وارتفعت الحناجر : " أنا الشهيد التالي، بالقمع لا أبالي"...

فأبطال القطيف لا يخافون الموت ولا يرهبون الغاشم المستبد وإن تمترس بأطنان الرصاص من قرنه إلى أخمصه، فالرصاص يخيف الجبناء أمثالهم، لذا تسابق الأحرار في ارتداء الأكفان وهم يزفون الشبان إلى دار الكرامة والخلد..

أمست القطيف حزمة واحدة لا تقبل الفكاك، كالجسد الواحد الذي يضخ بقلب النابض، يتألم لوجع أصيب به القاصي فضلاً عن الداني والقريب، فكلنا في الجرح سواء، وكلنا نقف للتعازي وكلنا يلبس إكليل النصر والشهادة..

فهذا الحسين سيد الشهداء يستقبل ضيوفه في مطلع شهر المحرم الذي سيكون بمذاق مختلف هذا العام، إذ أن النبض الذي نعيشه في البحرين ارتبطت أواصره بوشائج الشهادة في واحة الخط الكريمة، والتي لن تبخل بمزيد من الشهداء الكبار، فالهتافات تضخ بالموت للأعداء ومن يعيثون في الأرض الفساد، والقصاص القصاص نصيب من يطلق الرصاص عاجلاً أو آجلاً!!

كل منطقة تتوق أن تنال حصة من تلك القلائد، وكلما قدمت قرية باقة من الشهداء ارتفعت المطالب ولج الشعب يريد كرامته واعتباره، فقد يظن الطاغية أن بمقدوره قمع الشعوب بسطوته وصولته وجبروته، إلا أن السحر سيقع على صاحبه والرصاص سيرتد على حامل البندقية والنار..

وجهاء أغبياء ومفلسون، يقدمون العار لأمتهم ومجتمعاتهم فالغراب الذي يحاول أن يأكل الكعكتين لن يحظى إلا بتساقط ريشه وفضيحته أمام الملأ، فالصبر الذي يعتنقه الأفذاذ من هذا الشعب الكريم سيؤتي ثماره وما بعد الصبر إلا الفرج، ونقول لم قدم من الأقاصي لينثرون الرعب في قطيف الخير : (ارحلوا.. ولا مكان لكم هنا)، (ارحلوا.. ولا بقاء لكم هنا)، (ارحلوا من غير رجعه.. فأنتم سبب الخراب والدمار)، هكذا القطيف كتلة مترابطة ملتحمة شيعت شهداءها لتبلغ جميع من في هذا الوطن أننا يد واحدة ضد إي عدو أو غريب ينفش ريشه بقصف الأبرياء، فالقناصون سيأتيهم حسابهم ولن يقنصوا إلا الخزي والعار !