استلهموا الثورة من الحسين فغردوا الشعر والثورة

"الوكر الثقافي" يطلق "الحسين وحي الأبجدية 2" بمشاركة شعراء القطيف والأحساء

شبكة أم الحمام
ستلهموا الثورة من الحسين فغردوا الشعر والثورة
ستلهموا الثورة من الحسين فغردوا الشعر والثورة
 
 
أكد ثمانية شعراء أحيوا أمسية "الحسين وحي الأبجدية 2" على أن دم الحسين بن علي مصدر إلهام ينقل الأمم من طور العبودية والذل إلى العزة والكرامة التي ينشدها الإنسان على مر العصور، مستلهمين من روحه الثائرة قصائدهم التي تحمس الحضور الكثيف معها.
 
والأمسية التي نظمها "ملتقى الوكر الثقافي" في مجلس شباب الضيعة بالعوامية، تميزت بصوت المقرئ محمد فوزي الفرج الذي تلا ما تيسر من القرآن الكريم، وقدم الأمسية الشاعر هاني الدار، وحضرها شعراء وأدباء ومثقفون من مختلف مناطق المنطقة الشرقية، إذ أبدو ارتياحهم من قصائد الشعراء، وبخاصة قصيدة الشاعر حبيب المعاتيق التي لقيت اهتماما كبيرا انعكس في التصفيق الحار وطلب الإعادة أكثر من مرة.
 
وألقى كل شاعر قصيدة في الامام الحسين ، متناولا إياه من زاوية تختلف عن الشاعر الذي سبقه، وقال عضو الوكر الثقافي الشاعر محسن الزاهر: "إن الوكر يحرص على تنظيم هذه الأمسية في شكل سنوي".
 
وقال الشاعر ياسر الغريب في قصيدته "موجة من سلالة (لا)":
 
حسبي من الكلماتِ الحُمْرِ مقتطفُ
حرفانِ في كربـ (لا)ءَ: اللامُ والأَلِفُ
أدغمْتُ عَبْرَهُمَا روحي مُصاهَرَة
حتَّى تماهى بذاتِ الجمرةِ التَلَفُ
وقلتُ: يا نارُ كوني الآن قنطرَةً
إلى السماءِ التي يفتضُّها الشَّرفُ
قد ترتمي أحرفُ الدُّنيا مُعَوَّقَةً
لكنَّ (لا) بشموخٍ واثقٍ تَقِفُ
يا شذرةً من قواميسِ النِّضالِ زَهَتْ
وخيرَ ما أجَّجَتْهَا الألسنُ/ الصُّحُفُ
هِيَ اشتعالُ زفيرٍ, وامتدادُ رؤى
مازالَ منها صدى الأحرارِ يغترفُ
سحابةٌ تحملُ التاريخَ في دَمِهَا
طافتْ بأسرارِ من ضَحُّوا وَمَنْ نَزَفُوا
من الأذانِ أطلَّتْ من قداستِها
شهادةً برؤى التوحيدِ تعترفُ
تلاحَمْتْ صُورٌ شتَّى لهيبتِهَا
أيقونةٌ عن طيوفِ الكونِ تختلفُ
كانتْ على شكلِ فأسٍ حينما انهمرتْ
أيدي النَّبيينَ, والأوثانُ تنكسِفُ
 
وقال الشاعر ناجي حرابه في قصيدته "محاكمةُ الرُّمْح":
 
يَا رُمْحُ فاَرَ مِن النَّجِيعِ صِيَاحُهُ
فَارْوِ الحِكايَةَ كَيْ يَجِفَّ نِيَاحُهُ
 
قُلْ لِيْ فَأَسْئلةُ المَصيرِ بداخليْ
جَمْرٌ تَعَتَّقَ في عُرُوقِيَ رَاحُهُ
 
ذَا رَأْسُكَ المَنْقُوعُ في رَحِمِ الرَّدَى
حَتَّى تَنَاسَلَ بالمنُونِ سِفَاحُهُ
 
لِمْ دِيْفَ بالحقدِ اللَّعِينِ و شُبَّ في
قَلْبٍ يَفِيضُ على الرِّمَاحِ سَمَاحُهُ ؟!
 
مَا طَعْمُ ذَاكَ النَّزْفِ حِيْنَ سَقَتْكَ مِنْ
كَأْسِ الحَنَانِ المُسْتَحيلِ جِرَاحُهُ ؟!
 
كَمْ آهةٍ حَرَّى اقْتَطَفْتَ فَقَلْبُهُ
نَضَجَتْ بِأَوْجَاعِ الوَرَى أَدْوَاحُهُ
 
لَمْ تَدْرِ أَنَّكَ حِيْنَ وَسَّعْتَ الكُوَى
في صَدْرِهِ الغَافي صَحَا مِصْبَاحُهُ
 
وبِأَنَّ تَيَّارَ الدِّمَاءِ عَلى الثَّرَى
رَوَّى الصَّبَابَةَ فَانْتَشَى تُفَّاحُهُ
 
وبِأَنَّ رَأْساً قَدْ حَمَلْتَ؛ بِنَظْرَةٍ
مِنْ مَشْرِقَيهِ غَشَى الوُجُودَ صَبَاحُهُ
 
مَرَّتْ بِشَفْرَتِكَ البَغِيْضَةِ رُوحُهُ
لكنَّمَا سَكَنَتْ بِنَا أَرْوَاحُهُ
 
عُدْ غُصْنَ ( زَقُّوْمٍ) و(قِدْحَ) ضلالةٍ
الآنَ تُحْرَقُ لِلضَّلالِ قِدَاحُهُ
 
وقال في قصيدته الثانية "محاكمة الإنسان الظالم في معركة الحياة":
 
مَنْ أَنْتِ ؟ قُلْتُ
فَصَكَّتِ الأَرْضُ الثَّكُولَةُ وَجْهَهَا :
وَجَعٌ أَصِيلْ
وَمَشَاعِرُ الإِنْسَانِ
مِنْ صَدَأِ الضَّمَائرِ لا تَسِيلْ
وَجْهُ الحَيَاةِ حَقِيْقَةٌ نَكْرَاءُ
تَحْتَ قِنَاعِهَا حَقٌّ قَتِيلْ
السَّيْفُ حُوْكِمَ بَعْدَ مَعْرَكَةِ الطُّفُوفِ
فَمَنْ سَيَحْكُمُ في ( الذِّرَاعِ )
وَقَدْ تَقَوَّضَتِ العَدَالةُ
هَدَّهَا الجَوْرُ المَهِيلْ؟
(جِبْرِيْلُ) مُرَّ عَلَى فَجَائِعِ كَرْبَلاءَ
وَخُذْ بِكَأْسِكَ بَعْضَ دَمْعِ الثَّاكِلِيْنَ
وخُوْصَ بَارِيَةِ (الحُسَينِ)
وعُدْ بِهَا نَحْوَ (الجَلِيلْ)
وانْشُرْ رِسَالَةَ جُرْحِنَا للهِ واسْتَوْفِ الأَمَانَةَ (جِبْرَئِيلْ)
قُلْ : يَا إِلهِيَ يَا (وَكِيلْ)
الأَرْضُ تَصْرَخُ ( أيْنَ كُنْتَ ) ؟
الأَرْضُ ذَابِلَةٌ
وفي فَمِهَا الدُّعَاءُ دَمٌ
وَمُقْلَتُهَا شُبُوحٌ
نَحْوَ فَارِسِهَا المُغَيَّبِ
خَلْفَ سِرْدَابِ الأَصِيلْ
مَنْذَا سَيَرْفَعُ لِلعَدَالَةِ أُسَّهَا
وَيُقِيْمُ مَحْكَمَةَ الصَّلاحِ
بِطُولِ قَامَاتِ النَّخِيلْ ؟
وَبِطُولِ تَارِيْخِ الطُّغَاةِ
بِحَجْمِ نَارِ المُسْتَحِيلْ
(قَابِيْلُ) أَوَّلُ مُجْرِمٍ يَقْتَصُّ مِنْهُ
ولَيْسَ يُؤْبَهُ بالأَخِيْرِ فَذَاكَ طَابُورٌ طَوِيلْ
قُلْ : يَا إِلهِيَ
عُتِّقَتْ خَمْرُ انْتِظَارِ المُنْظَرِيْنَ
وعِيْبَ مِنْ صَدَأِ الرَّجَاءِ بِصَدْرِنَا
السَّيْفُ الصَّقِيلْ
أَطْلِقْ حِصَانَ النُّورِ
مِنْ كَفِّ (المُؤَمَّلِ)
إِنَّ حُنْجُرَةَ الشُّرُوْقِ بِوَهْجِهَا
سُجْنُ الصَّهِيلْ
كَفْكِفْ دُمُوعَ الجُرْحِ يَا رَبِّيْ
وَهَيِّئْ لِلأَمَانِ لَهُ مَقِيلْ
قُلْ : يَا إِلهِيَ يَا دَلِيلْ
مِيْزَانُكَ المَقْتُولُ
يَحْلُمُ أَنْ يَهبَّ لِثَأْرِهِ
ويُعِيْدُ كَفَّتَهُ التي بُتِرَتْ
لِيَنْتَصِفَ الذَّلِيلْ
 
شَكْوَى..
 
ضِدَّ مَنْ سَمِعَ وَاعِيَةَ الحُسَينِ عليه السلام فَلَمْ يَنْصُره..
(الحُسَينُ)
انْكَسَرَ الصَّوْتُ بِشِدْقَيهِ
عَلى صَخْرَةِ ذَيَّاكَ الظَّمَا
صَارِخاً
يَبْحَثُ عَنْ كِسْرَةِ أَمْنٍ
في صَحَارَى
أُتْخِمَتْ بالوَجَعِ الأَحْمَرِ
مِنْ شُرْبِ الدِّمَا
لَمْ يَجِدْ في الأَرْضِ
مَنْ يَحْمِلُ عَنْهُ الجُرْحَ
فَاهْتَزَّ لَهُ العَرْشُ
وكَادَتْ في يَدَيْ دَمْعَتِهِ الحَمْرَاءِ
أَنْ تَهْوِي السَّمَا
يَا (فُرَاتْ)
أَيُّهَا الدَّافِنُ في أُذْنَيْهِ
جَمْرَ الصَّرَخَاتْ
أَنْتَ و(الرِّيْحُ)
التي تَحْمِلُ في الصَّدْرِ
عَنَاوِيْنَ الشَّتَاتْ
هِيَ و(الشَّمْسُ)
التي تَلْبَسُ مِنْ نَقْعِ الرَّدَى
أَقْنِعَةَ الذُّلِّ
فَلْمَ تَحْرِقْ جِبَاهَ الظُّلْمِ
لَمْ تَطْعَنْ حَشَا الجَوْرِ يَدَاهَا بِقَنَاةْ
ياَ (الأَبَابِيْلُ)
التي تَحْرُسُ بَيْتَ اللهِ
هَذا رُوْحُهُ
يُذْبَحُ عَطْشَاناً
وَلَمْ تَسْقُطْ عَلى الدُّنْيَا حَصَاةْ
وَيْحَكُمْ
لَنْ تَغْسِلُوا العَارَ مَدَى الحُزْنِ
وَلَو أَوْرَى بِكُمْ
حَتى اسْتَحَلْتُمْ نَدَمَا
جِئْتُ أَشْكُوكُمْ
وَقَدْ أَيْنَعَ غُرْمُ الطَّفِّ
وَانْثَالَ بِعَاشُوْرَاءَ كَأْسُ الدَّهْرِ
يَجْرِيْ حِمَمَا
 
وقال الشاعر هادي رسول في قصيدته "حكايتانِ على شفيرِ الطفِّ":
 
إني و أنتِ حكاياتانِ
على شفيرِ الطفِّ نقتَرِفُ الأسى
و نغصُّ بالوجعِ المُمِضِّ
و نشربُ الأنخابا
فلقد تصبَّبَ من جبينِ الطينِ في صلواتِنا
ما يملأُ الأكوابا
قد أرهقتنا غفلةُ الماءِ العقيمِ
على شفاهِ الموتِ حين ارتابا
الموتُ حطّابُ الحياةِ , ربيعُها.
فلتسألوا عِقدَ الفتاةِ مُنَمنماً في جيدها
و لتسألوا الحطّابا
إني و أنتِ على نصالِ العِشقِ
يختَطِفُ الذهولُ جهاتنا
في نشنشات الدمِّ
نحو مساربِ الرملِ المعتّقِ بالشجى
نحوَ الصلاةِ يؤمُّها نحرٌ يطوفُ على النهى مِحرابا.
أي العروجينِ انتهى في سدرةِ الملكوتِ
يطرُقُ بابا ؟!
هذا عرُوجكِ في مسالكِ غيبهِ يتسلّقُ الأحقابا
و أنا عروجي حالِمٌ
طفلٌ يحلّق في الرؤى أسرابا
قد قابَ طفينِ القصيدُ / الوحيُ من جرحِ الحُسينِ
و أشرعَ الأبوابا
يُوحِي إليَّ .. هُناكَ في غَبشِ الصدى
هيَّا .. استفِق من رقدةِ الأوهامِ
و اقرأ آيةَ القَلمِ الطفوفيِّ المعلّمِ : لا أُساوِمُ كالذليلِ
و لا أُقرُّ كما العبيدِ لساربٍ في الوغي
ينتحِلُ الرحيقَ و يصلِبُ الأعنابا.
هيهاااتَ .. من رحِمِ السماءِ تناسلت أصلابا
هيهااااتَ .. أن يبقى الشعارُ مضرَّجاً
فوقَ الترابْ .
إنَّ الحُسينَ شعارهُ قد خطَّ في أُفُقِ الحياةِ كتابا
يا أيّها الذكرى ...
و أنتِ روايةُ الغيمِ السماويِّ السخينِ
هطلتِ ... حينَ هطلتِ كنتِ شهابا
و يدُ الغيوبِ على يديكِ تتابعت أعقابا
أنتِ السؤالُ
يعودُ من رهَجِ المدى
و أنا الجوابُ .. أتسمعينَ جوابا ؟
ما دمعةٌ ...
عبرتْ طريقَ محاجري
إلا استباحت من نبيِّ الليلِ فيَّ لُبابا
إنِّي شهيدُ الحِبرِ فوقَ أصابعي
و لأنتِ ثورةُ ماردي نحوَ القصائِدِ
تصقلينَ حرابا
و سنا يقينُ الفجرِ من شفَقِ الطفوفْ .
مَن يستطيعُ حِجابا ؟
وقال في نصه الثاني "الماءُ على ماء !"
هَكَذَا أَنْزَلَكَ اللهُ
وفِيكَ البَأسُ، مِنْكَ الماءُ
تَرْوِي ظَمَأَ النَّهْرِ مَسَافَاتِ وَفَاءْ
تَغْسِلُ الإيثَارَ
تَنْسَابُ طَهُوراً... وحِكَاياَتِ فِدَاءْ
فِي حَنَايَاكَ فُرَاتٌ
ولِواءٌ كَشِراعٍ
فِيكَ بَحْرٌ لَمْ يَزَلْ يَشْرَبُ مِنْهُ الوَقْتُ
تَارِيخاً مِنَ العَزْم ِ
بُطُولاتٍ
وسَيْفاً هادراً بالصارماتِ
أَيُّهَا الغَيْثُ الَّذِي مِنْ شَبِمِ الجَنَةِ
قَدْ أَمْطَرَ عُمْراً
هَاطِلاً بِالجَأْش ِ
حَتَّى رَشَفَتْ مِنْهُ السُّنُونُ
أَبْجَدَيَّاتِ لُغَاتِ التَضْحِيَاتِ
هَكَذَا...
يَنْبَجِسُ العِشْقُ عَلَى زِنْدَيْكَ فَجْراً
يَغْمُرُ الكَوْنَ بِضَوْءٍ... مِنْ سَنَا اللهِ
ويَجْتَاحُ سُرَانَا
أيُّ صُبحٍ مِنكِ آتِ!
يَا نَدَى الأَيَّامِ
مَازِلْتَ عَلَى الدُّنْيَا
رَبِيعاً مُوْرِقاً
يُزهِرُ صَحْرَاءَ المنَافِي اليَابِسَاتِ
أَيُّهَا الفَيْضُ الَّذِي نَزَّلَهُ العَرْشُ
عَلَى الأَرْضِ
حَنَاناً... دَلَقَ الحُبَّ
عَلَى شَكْلِ الحيَاةِ
أَيُّهَا الـ زَّمْزَمُ
بَتَّاراً...
سَقَيْتَ الموْتَ مَوْتاً
حَمَلَتْك َالشَّمْسُ!
لِلآتِي مِنَ الأَزْمَانِ
لَمْ تَذْوِ... وَلَكِنَّ المدَى جَفَّ!
فَأَنْتَ الماءُ
قُلْ لِي
ولماذَا؟!
قَدْ تَوَسَّدّتَ بِمَاءِ النَّهْرِ
يَا نَبْعاً إلهِيَّ السِّمَاتِ!
 
وقال الشاعر حسين عمار في قصيدته "قطرةٌ فِي ثغرِ كربلاء":
 
أنزُّ خُطَى الغيمِ فِي راحتيَّ
فتعدُو علَى ضفّتِي الأخيلَة
 
ومن زفراتِ السنينِ الطوالِ
تُهشَّمُ بوّابتِي المُقفلَة
 
لتحرثَ بحرِي جِراحُ السماءِ
لآخرِ أوجاعِها المُسدلَة
 
تُعيرُ حبائلَ صوتِي الرِياحُ
شعوراً تهدهدهُ الهرولة
 
فأعثرُ فِي نمنماتِ النحيبِ
إذا هوَّدَ الليلُ بالمُعضلة
 
فأنتَ فمُ الغيبِ صبَّ الفضاءَ
بكأسِ المرايا البقت مُشعلَة
 
نبؤةُ ذرِّ النسيمِ المُذابِ
عليكَ تشفُّ دمَ الأسئِلَة
 
لتبذرَ دمعكَ خلفَ الأنام
حصيلاً يلوِّحُ للسنبلة
 
أيا لغةً مِن أثيرِ الفِداءِ
تبنَّت سنينَ الدمِ المُقبلة
 
فديتُكَ والنورُ إذ يقتفِيكَ
يؤشِّرُ للشمسِ كالبوصلَة
 
يُفيّئُ أيَّامنا فِي القِفارِ
ويبتكرُ النهرَ من حنضلة
 
تهاتفتِ المكرماتُ إليكَ
فمابلغت فيكَ مِن منزلَة
 
ولازلتَ رغمَ توالِي الجِراحِ
تُوثِّقُ دهركَ بالأمثلَة
 
ويكفيك إذ قلتُ أنتَ الحسين
ورتّلتُ ذكركَ في البسملة
 
وقال الشاعر شفيق العبادي في قصيدته "الحسين العظيم":
 
كان ذلك منذ الثالث عشر من المحرم
حينما انتظمت الأسديات قلادة على جيد العلقمي
فرأين فيما يرى النائم
أجسادا تفوح ببخور العظمة , وتنضح بأشعة الخلود
فابتذرن لمواراتها 
خشية عليها من حسد الليل
ورأفة بها من ضغينة العتمة
وقتها استجابت جميعها لمشيئة الطبيعة
سوى ... واحدة
كلما أودعوها التراب تمردت
فإذا أعادو الكرة صرخت , ورفعت يديها .
 
واقف يغتابك الموت وتقتات حمياك أباريق الحياة
مشرعا نافذة الغيم على صحرائها شوطا لعشب الأمنيات
أنت من أمطرتها حبر المسافات فبعثرت سراب الكلمات
أنت من أشعلت في أحداقها نافورة الفجر وفانوس الصلاة
أيها النازف من أوتارنا صبحا ذرفناه بعطر السنوات
واقف توسعني ياأيها النورس شطآنك تيها وشتاة
كيف سطرت المسافات بلا حبر _ بلا بحر _ ولونت الجهات
 
أي شيء أملت الريــح لعـينـيك فشكلت تـضاريـس الفــضاء
وعصـرت الدهـر فـي ريشـتك الحمـراء مـوالا (حسـينـي الإباء)
واستعرت الموت قنديلا من الشمس لكي تكتب صبح الأنبيــاء
شـرفــة تبتكـر الآتــي فضـاءات وتفتــض حكـايات الســـــماء
لوحــة مــن هــذيان العشـــق قد وقعتها يوما بحبر الشـــهداء
وردة خضراء كم سطرها الوجــد وأملتــها مرايا كربـــــــــلاء
كلما أطفــــأها الليــــل أضاءتها مـــــدارات ثريــات الدمــــــاء
 
كسبورة ناصعة الخيال لم تتلوث بظلال المارة بعد
لم تكن ثمة خربشات على جذران سنواتها الخداج
حينما شكلتني مفردة توشك أن يتركها البحر ملهاة لشواطئه المتكرشة بفوائض المارة.
لم تكدر بياض سريرتي ملاءات النسوة اللاتي امتزج حسنهن بحزنهن , ظمأ لشرفة عينك المشرعة برائحة الجهات .
لم أكن لمحتك في قسمات عمتي (مريم) وأنا أتمسح بها كهرة كلما شحذت جناحيها للطيران بعد أن تدس في جيبي شيئا منك .
لم أكن عرفتك في نحيب والدي ذلك الشامخ في كل شيء إلا في حضرتك حيث تذوب حينها كل الجسور التي تفصلني عنه , وتنحل قامته الفارعة أمامي شيئا فشيئا ليسكنني شهيقه برهة من الزمن .
لم أكن آبها بغيومك السوداء التي تتلبسنا كلما مررت بنا للزيارة تاركا وراءك صريرا يشبه استغاثة الأبواب المسكونة بفتنة الريح .
كنت وقتها أأثث مراياي لاستضافة قسماتك
 
هنا كنت من غيمة ملعبي
هنا كنت أنقش بالطين ذكرى اللذين عبرت بمينائهم شهقة المتعب
هنا من جبينك ذاك الذي قبلته الحجارة قبلت كل النجوم التي اندلقت من مراياك في مركبي
هنا كنت أغري ( الحروف) اللواتي تلاعبن بي
هنا كنت أرقب أمي تطحن من حنطة العمر شيئا
لترسمه في المساء رغيفا .... فأسأل
ماذا سيبقى لنا بعدما يأكل البحر حصته , والنوارس حصتها ياأبي؟
هنا كنت أرقبها وهي تغزل شالا لفاتن سوف تسرقني من يديها إذا مااكتملت كقارورة الخمر ليلا
وبعثرت أسرارها كالنبي
هنا كنت أحصي الغزالات حين يضئن الدروب القديمة شعرا , ويغزلن بالحزن ذاك الصبي
هنا .... كثيرون مرت حكاياهم من هنا
خربشات على حائط الروح
كم تركوا خصلة من قصاصات أحلامهم
حين لاحت لهم غيمة فارتدوها مناما إلى حلم أرحب
 
هنا ذات موت على صهوة من سفر
لمحتك والجمر يقطر من بين عينيك صبحا
فيغسل بالورد ليل الخدر
تسيل على قدميك الدروب اشتهاء
إلى ضفة طعمها البحر , مشرعة بالجهات ومسرجة بلعاب القمر
لتثقب نافذة في جدار الزمان
تحرر كل النقوس التي حفرتها بذاكرة الصمت كف الحجر
فتمطر فيك على يقظة الحلم قافية كجناح الفراشات
تعزف بين الورود طريقا إلى شاطئ من مطر
ويقطر لحن عصافيره شهقة تستفز نعاس الوتر
إلى آخر الشوط حتى تذوب الجياد وتشكو أعنتها لعنة المنحدر
 
هنا ... كلما مر في موسم العشق طيفك يمطر أهدابنا لاككل النوارس رائحة البحر منسوجة بالورود
لأنداح فيه كما يتشرب ضوء الصباح بأجنحة الكون منعتقا من حرير القيود
لكي أتفرس في قمر العمر مستقرأ من ملامح أمسك وجه الصبي الذي كنته قبل عشرين يعقد في جانحيه ومازال شيئا كما الحلم
مستفهما
ماالذي أكلته العصور الطويلات من ذكريات ملامحه
ماالذي لم تطله السنين
فيدهشني أن يراك كما أنت
منذ لمحتك من خلف أقنعة العمر ممتشقا كربلائك فردا
تنزل قرآن ثورتك البكر كيما يرتل آياتها الدهر والوحي نافورة من دمائك لازال يسكر من بوحها الفجر
ماسرق الموت أشرعة الصبح من بين شطئآن عينيك
ماشطبت أية الخلد أجنحة الريح من فوق دنيا ضريحك
ماداعبت رغم بعد الجراحات أهداب مجدك شمس الغروب
فكيف اختزلت المسافة من أول الجرح , كيف اختصرت الدروب .
 
وقال الشاعر حبيب المعاتيق في قصيدته "يعبر الإباء من حيث يعبر الحزن والحب":
 
وحيدٌ   مع   الجرح   الأثير   أنادمه
تشكلني     هذي     الهموم    كأنما
وتكتبني    بيتا   من   الشعر   نافرا
أنا    ذلك   المولود   طفلا   مسهدا
ترضّعتُ  في  حجر  الطفوف إباءها
أنا   من  جراح  الطف  جرحٌ  مكررٌ
تورث   منها  البذل  لم  يطرق  الفدا
عنيدٌ،   كما   جرحُ   الحسين  مزاجُه
أنا  بعض  بارود  الطفوف  تجمعت
أنا،   إنما   العباس  بعض  ذخيرتي
بمقدار ما استشرى الأسى في حكايتي
على  صرختي  الزلزال يصحو هديره
قليلٌ    كهذا   الحزن   يكفي   مولّها
حسينٌ  وإني  بعد  لم  أذكرى  الهوى
لنا  في  معاني  العشق  عشقٌ مدججٌ
وفي  لهفنا  جيشٌ  من  الحبِّ  باسلٌ
وألف   جنونٍ   من   سلالة   عابسٍ
غزيرٌ كهذا العشق لا شيء في المدى
كبرنا   مع  العشاق  لم  يُفهم  الهوى
فصرنا   مزيجا   من   الحب   والإبا
يقاسمنا     هم    الحسين    همومنا
على  كل  جرحٍ  نازفٍ  سال  جرحهُ
يداوي     سقامَ     العالمين    عليلُه
ويُرهم     أوجاع    الطفولةِ    طفلُه
ولو   قارن   الشاكي   عظيم   بلائه
صعدنا  إلى  الأحزن  نزفا  و  جرحه
ينبئنا    ذاك    الذبيح   عن   الدما
ويخبرنا     عن     نصره    ودماءه
إذا   شهر   المظلوم   سيف  نجيعه
فقد    تُرغمُ    الأوداج   ألف   مهندٍ
إذا    فار    تنور    الدماء    فأينما
كفى  العالمُ  الباغي  من  الرعب أنه
ويصحو رهينَ الخوف والذل إن صحا
وأما    أنا   والحزن   والحب   والإبا
أنا  اللفظة  البكر  التي  أشعلت  بها
تربيت   في  مهد  المواكب  لم  أعِر
أنا  هاهنا  المزروع  في  التربة التي
تعاهدت   والمظلوم   من  يوم  ذبحهِ
أنا  صوتُه  المبحوح  غاية  مطمحي






































وأعبر     أنى     قاذفتني    عوالمُه
قوامي  الأسى  الفنان  بالدمع  راسمه
تحيّر   في   أشجى   معانيه  ناظمه
أنيطت  على  جرح  الحسين  تمائمه
رضاعاً  وحق  الحزن  قد عزَّ فاطِمه
على  مرِّ  هذا  العمر  كلّت  مراهمه
على  جرحي  الأبواب  إلا سخى دمه
تورط    فيه    يوم    أدماه   ظالمه
على  شكل غيظ خاسرٌ من يخاصمه
كفاني  اسمه  أني  على الروح لاغمه
تماهى   الإبى   ظلا  ظليلا  يلازمه
وفي  مدمعي  البركان  يحرق ساجمه
لأن   يشعل   الدنيا   إذا  قام  قائمه
إذا  هبَّ  هذا  الإسم  هبّت  نسائمه
يهاجمنا     طورا    وطورا    نهاجمه
إلى  جسمك  المُدمى أعيرت جماجمه
على  هامة  العشاق  طارت  حمائمه
سوى   جرحك   الدفاق   فينا  يلائمه
كما   قلبنا   المفتون  بالطف  فاهمه
يطوف   به   هذا   الأسى  وغمائمه
وأجمل   ما   في  العمر  أنا  نقاسمه
يمازجه     في     دفقهِ     ويناغمه
وتُخمد    حزنَ    الأمهات   فواطمه
ويطلع   في   قتل   الشبيبة   قاسمه
بمن   يفقد  العباس  هانت  عظائمه
إلى  بعدِ  هذا  الحزن أفضت سلالمه
وشلالها   العاتي   إذا  فاض  عارمه
فإن  الدم  المظلوم  لا  شيء  هازمه
تهاوت  على  نحر  الظلوم  صوارمه
وهذا   الدم  البتار  ما  عاش  راغمه
يدير  يزيد  الطرف  لاشيء عاصمه
ينام    وكابوس    الرضيع   يداهمه
على  خنصر  السبط  المسلّبُ خاتمه
كيانٌ،  بأرض  الطف  شُدت  قوائمه
قواميس    أسرار    الولا    ومعاجمه
ضجيج  المدى  سمعي  إذا لام لائمه
تنامى    بها   نبت   الولا   وبراعمه
على   مسمع  النخلات  تُحيا  مآتمه
إذا   كتبوا   ما   بين  عينيَّ  خادمه
 
وقال الشاعر السيد عبدالمجيد الموسوي في قصيدته "عيناك تلتقط الفضاء":

 
كم بين روحك والسماءِ
وأنتما نهران من عشقٍ وموجٍ من وفاءْ ؟
كم بين صدرك والمثلث والسنابكِ من عناقْ ؟
كم بين طفلك وارتعاش النحرِ في كفيك حين ملأتها بالغيبِ,
من وحي الدماءْ؟
كم بين زينبَ والخباءِ وليلةٍ من كربلاءْ؟
ليلٌ رماديٌ يطل برعبهً,
ينسل مندساً
كذئبٍ لابساً ثوبين
من غدرٍ ونارْ
ليلٌ كأن ردائَهُ
قوسٌ من الطعناتِ يفترش المدى
ويجولُ متشحاً بمعطفه الملوثِ
من بقايا الأدعياءْ
وعلى يسار الغدرِ , يزأرُ صارخاً
نهرٌ من الآهاتِ يطلب قربةً للماءِ,
والعباسُ منسكباً على شفةِ الفجيعةِ,
والدماءُ هي الدماءْ
مسكينُ ذاك النهر
يأملُ أن يجفَ مقدماً قربانَ دفئٍ,
لليتامى للشفاه الذابلاتْ
كم كان يأملُ أن يبلل ثغرَ طفلٍ
لو بشيء من وفاءْ
طفلانِ متكآنِ كانا ينظران,
وقِربةُ العباسِ شجَ جبينها سهمانِ
من لؤمٍ وداءْ
عيناكَ تلتقطُ الفضاءَ,
تحومُ في البيداءِ,
تبحثُ عن مكانٍ آمنٍ,
ووسادةٍ من كربلاءْ
عيناك تلتقط الفضا,
عينٌ على تلك الذئابِ الغائراتِ نبوبها,
وبعينك الأخرى,
تطمئن قلبَ زينبَ والفواطمَ والنساءْ
آهٍ لزينبَ وهي تنظر للجواد ودمعهُ,
كشفَ المخبأَ في جبين الطف ,
من ألمِ الفراقْ
عيناك تلتقطُ الفضا,
ورقيةٌ,
كانت هي الأخرى,
تراقبُ خطوكَ المشحونِ بالعشقِ المعتقِ والثباتْ
عيناها كانت تغرقانِ بشط عينك,
والسؤالُ بشرفةِ الشفتينِ يحكي قِصةً لليتم ,
أشعلها الضياعْ
عيناك , وارتفعتْ رؤوسُ ملائكٍ للعرش ,
ترنوا , من سناك إلى سناكْ
هجرتْ صوامِعَها ,
تدلتْ ,
تنظرُ الأفقَ الملبدِ بالدماءْ
همّتْ وهمَّ وراءَها سربٌ من الآهات ,
والثأر المعتقِ فوق ساقِ العرشِ يغلي :
" يا لثارات الحسين "
لبيك تصرخُ ,
والأجنةُ في عروقِ الأرضِ ,
تسمعُ قاصراتِ الطرفِ تندبُ ,
والبكاءْ
اللهُ أيُ سنابكٍ وطأت أضالعكَ البريئةَ والمليئةَ بالوفاءْ
اللهُ أيُ دمٍ تعالى ,
باتجاه الخلد يرسمُ لوحةً للنصر
من رحمِ الإباءْ
 
يذكر أن ملتقى الوكر الثقافي كرم في نهاية الأمسية شعراء الأمسية الحسينية، كما كرم الشعراء الذين شاركوا في أمسية "الحسين وحي الأبجدية 1".