الوطنية الهلامية !!

 

 

إننا نسكن الوطن فمتى سيسكن الوطن قلوبنا ؟!، خيراتنا تغرد بعيداً وأشجارنا ينقصها التغريد، وشعارنا " الإنسانية" تارة، و"حب لأخيك ما تحب لنفسك" تارة أخرى، و"الجار ثم الدار" شعار آخر، هذه الشعارات وغيرها كثيرة، ولكن أين الشعارات المغايرة التي من طراز: " الأقربون أولى بالمعروف" ؟!، بلادي وإن جارت عليّ عزيزة، فمتى سيعزنا البلاد والوطن؟! ومتى سيرتوي الأبناء من منابع الأم الرؤوم؟! سؤال يمد كفه والإجابة الشافية بغيته..

الوطن اسم معنوي، يسوسه الساسة وأصحاب الجيوب، الوطن شماعة تعلق عليها المصالح، والواقع الناطق يفضح أرباب الوطنية، هل من الوطنية أن يبقى الفرد السعودي عاطلا عن العمل؟ هل من الوطنية أن نحتاج إلى برنامج "عاجز"؟!، هل من الوطنية أن تذهب أموالنا مع الغروب وأهل الشرق يتضورون جوعا؟!، ما أكثرهم الذين يسترزقون باسم الوطنية، ولا حب يجمعهم غير المال " ويحبون المال حباً جما"، تباً لتيك الوطنية التي تفري مواطنيها وتسحقهم، تباً لكروش الطمع التي تلتهم باسمها كل خيرات الوطن، متى نعيش وطنيتنا بإخلاص، دون أن نمد أكف السؤال لفتات عند بوابة السلطان؟ متى تكون الوطنية وارفة الظلال لنا دون تمييز أو طائفية؟!، متى تمسح تلك الوطنية بأصابع الرحمة والشفقة على أبنائها؟!

الوطنية الأم التي نحترمها، هي تلك التي لا يخالطها الدهاء والمكر وألاعيب السماسرة، فالوطنية ألوان متشعبة وفسيفساء شبيهة بالدهاليز السياسية، الوطنية ليست حكرا للطبقة الحاكمة وأزلامها، ليست حكرا لذوي الصولجان وأصحاب النفوذ والنقود، الوطنية شمس للجميع، دون عبودية للمستبد، الوطنية بستان ينعم فيه أهله قبل القاطفين عن بعد!!

آه لكِ يا وطنيتنا المسحوقة، متى ستجتمع أزهار الوطن مشكلة باقة السعادة؟! متى ستأتلف الألوان منساقة في قوس الطيف الجميل؟! آه لكَ أيها الوطن الذي أضحى قطعة كعك مقسمة لأفواه تبتلع اليابس قبل الأخضر، آه لوطننا الحبيب الذي أمسى عجيناً في يد الأغراب وقطاع الطرق..

الوطنية التي تستغفل الشعوب مرفوضة، والتمرد سيجوب الشوارع معترضا، وياسمين الثورة يذكر المحرومين ببزوغ الأمل، والأحلام قد تتحقق في اللحظ القريب، أما الهلامية التي تندس فيها أقلام يبحثون عن شبق الشهرة، ووجوه يحلمون بالسيادة فلا خير فيها، وستكون تلك الهلامية وبالاً بتسليط الظالم عليها، إذ أنه سيف ينتقم به ومنه، نقولها بملأ الفم : نفديك يا وطن، فمتى ستقول لنا : وأنا فدائكم يا شعبي الحر والأبي، ثم ليتها صادقة لا كما يقول الطغاة !!