كفاك مُكابرة يا أخي

 

لا يستطيع أحدٌ منا أن يكون المستقبل كما يتمنى لأنه في حُكم الغيب، فقط يُمكنك أن تتوكل على الباري عزّ وجل ، وتقوم بالتخطيط الجيد والمُحكم، وتلتزم بما تعهدّت القيام به، وتترك الأمر لمُدبِّر الأمور، فالحاضر بكل تعقيداته وجماله وأحزانه وإمكانياته هو كل ما تملك .

عندما تُلزم نفسك بالقيام بما تعهدّت به، فإنك تجعل حياتك تتحدث بالطريقة الأكثر إلحاحاً، ونادراً ما تعتمد المسئولية على تحقيق نتيجة معينة لأنها ربما تكون خارج نطاق سيطرتنا، ولكنها تعتمد على نوعية الجهود التي نبذلها ومدى احترامنا والتزامنا على طول الطريق .

أنظر في المرآة وليس عبر النافذة كي تحدد من المسئول عن النتائج التي لم تعجبك في كافة مراحل حياتك الماضية من عمرك المديد بإذن الله، ربما يتحمّل الآخرون جزءاً من أسباب إعاقتك عن تحقيق ما كنت تصبو إليه، ولكن السبب الأول يرتبط بطريقتك في التفكير، واسلوبك في التعاطي أو التفاعل مع تلك المعوقات، ونادراً ما يكون لوم الآخرين أو الظروف الخارجية أو الحظ العاثر مبرراً أو مُفيداً لك في هذه الحالة على الإطلاق. 

إذا لم يفلح ما تحاول أن تفعله، فمن الأفضل لك مواجهة الواقع والإعتراف بتلك الحقيقة التي لن يجلب إليك نكرانها سوى الشعور بالمرارة والتسبب في التعقيد الأكثر. من الأفضل أن تعترف بذلك الإخفاق، وأن تنظر إليه بأنه شيء طبيعي في مشوار التعلُّم من الحياة، ومن المتوقع جداً أن لا تمشي في طريق من الحرير، فهناك أوقات ليست بالقليلة تعوقك فيها الظروف عن تحقيق النتائج التي تنشدها أنت والآخرين من حولك، ربما عائلتك، أو أصدقائك ، أو زملائك، أو حتى رؤسائك، أو مجتمعك، فعندما ترى ذلك يحدث اعترف به مُبكراً أفضل لك من أن تعترف بحقيقته بعد فوات الآوان .

في أحيانٍ كثيرة يُحاول أحدنا المكابرة على عدم استطاعته خوفاً من إتهامه بالتقصير أو عدم الإخلاص والمثابرة، أو إتقاءً لنظرات المنافسين ولن أقول الشامتين أو المتربصين به الدوائر، وهذا السلوك يُعتبر ليس موفقاً بتاتاً، لأن الوضوح والإقرار بالواقع من شأنه أن يجعل الآخرين من حولك لا سيما من يهمهم الأمر أكثر قابلية على الأرجح لتقدير موقفك وتلمُّس الأعذار إليك، لأنهم مسئولون معك عن النتيجة بشكلٍ أو بآخر، فالمطلوب منك هو الصدق والأمانة، وليس الإنكار واللوم والرفض أو التبرير والإزاحة .

يجب أن تتذكر أن أفضل ما لدينا لن يكون هو نفسه في كل لحظة، فالحياة متغيرة ومتطورة، وما عليك سوى أن تُقدم أفضل ما لديك للوفاء بوعدك أو ما عُهِد إليك القيام به، وعندما تواصل نقد ذاتك بصورة سلبية، فمن الطبيعي جداً أن تكون أقل حماساً أو تشعر بالإحباط أو يتشتت إنتباهك بسبب شعورك الغير مُبرّر بالذنب، ولكن عندما تتوفر لدينا الإرادة في الحفاظ على كلمتنا وبذل أقصى الجهود ثم نتحرّى الصدق بقدر ما نستطيع عن نتائج هذه الجهود وما تعلمناه، فإننا بالتأكيد سنستحق الإحترام رغم أنف الظروف القاهرة ومن لفّ حولها .            

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
فائق المرهون
[ القطيف - أم الحمام ]: 23 / 2 / 2012م - 12:32 ص
الأستاذ ابراهيم / وفقه الله
لا أعلم كيف قادتني سطورك المتميزة دوما ، لاستذكار مرحلة معينة ، حين علم أحد القادة بتسلل اليأس و الإحباط لجماهيره ، بسبب عدم تحقيق أجندته السياسية و العسكرية ، فسارع بذكاءه رغم الألم وقال " نحن جميعا موظفون بتحقيق التكليف و ليس الحصول على النتيجة ". لعل فني الإستنطاق و القدرة على توظيف الصور الحياتية ، اللتان برعتم فيهما هما من استرجعا تلك الفترة ، و في ذلك تفوق لك .
سموت بين النجوم .
إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية