«يتيم من غرفة الولادة » الحلقة العاشرة

 

 

 

 

اليوم أُفاتح زهير وليكن ما يكون.. لا لن أفاتحه فقد يكرهني!.      

شاهد زهير على زوجته بعض التغيير والحيرة وبعض ملامح الغضب وكأنها تضمر شيئا في صدرها.


بادرها بالسؤال: أم زاهد ما لي أراك هذه الأيام حائرة وكأنك مفجوعة؟ هل ينقصك شيء؟.
قالت في نفسها إنها الفرصة الذهبية المناسبة.. أجابته قائلة دون تردد: نعم عندي طلب ورجائي منك ألا ترفض طلبي !.
هل تطلبين السفر كأختك سكينة إنني سمعت بأنها سافرت مع زوجها إلى سوريا؟.
بصراحة أنا خائفة من تقديم طلبي إليك!!.
رد عليها وهو يبتسم لك عيني يا أم زاهد! وما يُخيفك من تقديمه؟.
صحيح ما تقوله؟.
زهراء هل طلبتي مني شيئا ورددته دون تنفيذ.
لا تغضب مني لو طلبت ما في قلبي!!.
حرام عليكِ يا ريم هل رفضت لكِ طلبًا قبل ذلك؟.. تكلمي واطلبي وسأنفذ ما تطلبين!.
ما رأيك لو تأتي بابنك علي يعيش معنا في البيت وينضم إلى إخوته فأمك امرأة مسنة وقد تعبت من الحياة ومن تربيتكم وعلي طفل وحيد يعيش بين يدي امرأة عجوز وهو الآن قد انضم إلى المدرسة ويحتاج من يهتم به ويعلمه ويراعيه لكي لا يخسر دراسته ومستقبله.


نكس زهير برأسه لحظات ثم قال:
لكن أمي تقول إنه مستأنس معها ولا ينقصه شيء فدعيه يعيش مع جدته.
وعدتني بأنك تلبي طلبي وهأنت رفضته وتقول إنك لم ترفض لي طلبا ولا تخافي!.
أنتِ مشغولة بعيالك وتحملين نفسك عبئا إضافيا أخاف تتعبين.
لا لن أتعب سيكون مع إخوته ويأكل من أكلهم ويلعب بألعابهم ولا يتغير عليَّ شيء.
غدًا سأذهب قبل غروب الشمس لبيت والدتي وآتيك به.. هل عنك طلب آخر؟.


كادت ريم تطير من الفرح، أحسنت يا حبيبي جعلك الله ذخرًا وخيرًا علينا.
كأنك غير مصدقة!.


صحيح لكن كان ظني بكَ في محلهِ.

توجه زهير إلى بيت والدته وبعد التحية جلس بين يديها وهو مضطرب يتلفت يمينًا ويسارًا يبحث عن علي فلم يجده في البيت فقال : أمي أين علي؟
أجابته علي يلعب مع رفاقه خارج البيت لكن غريب سؤالك عنه!!.
نكس رأسه ثم رفعه وقال سأنقله معي يعيش مع إخوته وريم تهتم به وبدراسته.
صمتت أمه العجوز وهي تنظر إلى ثوبه المنشور على حبال الغسيل والذي غسلته بيديها المرتجفتين وقالت ولدي .. هذا ولدي كيف تأخذه مني؟.. هل شكيت لكَ حالي أو ضعفي؟.
أجابها لا لم تشتكي يا أمي وليس عندك تقصير لكن هذه رغبة خالته!!.


يا زهير قلب الأم أحن على ولدها من زوجة أبيه!
أمي ريم عاقلة وتحترمني ولولا ثقتي فيها وإصرارها على نقل علي لما أخذته!.
نحن نساء ونعرف ما يدور بين النساء لا يمكن أن تقبل خالة بولد غير ولدها!!.
أمي ريم هي التي طلبته ولا أتوقع أن تكرهه أو تتضايق من وجوده ولو فعلت ذلك أرجعته إليك!.   
يا ولدي اسمع كلامي زوجتك مشغولة بعيالها وعلي يحتاج إلى رعاية فاتركه معي هأنا أعيش وحدي في البيت وعلي يملأ عليَّ فراغي وحياتي.
أمي أنا وعدتها أن آتيها بعلي وأنتِ كبرتِ وتعبتِ وخليك ترتاحين!!


عجيب اليوم فكرت بي وبولدك وطوال هذه السنين حتى لزيارتنا لا تأتي إلا بشق الأنفس اليوم تعبت ومن قال إنني تعبت من ولدي؟.
أمي سأنقله لخالته ومن رضاكِ.
خيرًا إن شاء الله.. لكن لا تحرمني منهُ ومن رؤيته وزيارته.
تعال معي أعطيك ملابسه وكتبه وأوصيك يا زهير أن تهتم به ولا تؤذه يا ولدي!.
أشارت بإصبعها في وجهه هذا أمانة في رقبتك.


بكت العجوز في داخلها وهي تجمع ملابسه وكُتبه وتئن حسرةً لفراقهِ وانتقالهِ عنها!!.
سألها زهير : أين هو يا أمي؟.
نظرت العجوز إلى السماء وكأنها تقول يا رب لين قلبهُ لولدهِ.. وتوجهت نحو الطريق تنادي علي.. علي.
جاءها عليُّ مسرعًا مناديا نعم يا أمي هل آتي لكِ بالخبز.


انكسر قلبها من كلمتهِ وقالت: لا أريد خبزًا يا ولدي تعال والدك يريدك!.
أبي!! أين هو؟.
تعال معي ستذهب برفقته إلى بيته لكي تلعب مع إخوتك!. 
نظر الصغير إلى وجه أمه وكأنه يقول وأنتِ هل ستبقين وحدك؟!.
أجابهُ لسان حالِها عما قريبٌ سأرحل وسأخبر أمكَ بما جرى عليك.