عليٌ قرآنُ الفجر

 

 

 

من أي زاوية نقرؤك يا عليُ وأنت البحر في كل الجهات؟! هل لمنقار صغير أن يحمل ماء المحيط؟! حاشى لأمثالنا أن يبلغوا قعرك ويدركوا شأوك وأنى للمحدود أن يدرك مَداك؟! سيد الوصيين أنت وباب حكمة رب العالمين لا تتعداك، لم تعرف الأمة مرتبتك وما كان لها أن تبلغ مقامك !!

عليٌ مُعجزة خارقة تحتاج لمفسر عظيم وهل يعي المفسرون ماذا تعني (نقطة باء البسملة)، سيغرف العالم من بحر ولن يعرفوا منك إلا صبابة، وهل إحضار (قصر بلقيس) إلا نفحة من نفحات علمك، ليس للغلو طريق هنا أوليس (علم الكتاب) عندك ولكن الكارهون لك كثر، وهل يضر الألق إغماضٌ الجفون؟!
 
كيف لا نتساءل من تكون ونبؤنا العظيمُ أنت ؟! ومن أين لنا بصراطٍ غيرك؟!، فالبلاغة لا تمر إلا من ثغرك والبطولة لا تتعلق إلا بسيفك والتضحية لا يتمرغ في فراشها إلاك، كل السبل قادتنا إليك وكيف لهداية تُكتب وهي لا تسير نحوك؟! الشانئون رغم كل ذلك لا ينتهون وأنَّ للحقد أن ينتهي وأنت من أرغم الأنوف وحطم الكبر والأصنام التي تعبد من دون الله العظيم؟!

ادعى فريقٌ محبتك وألحقوا اسمك بالتكريم وأنَّ لقلبٍ صادقٍ أن يجمع بين الصديق والعدو؟! إلا أن يكون النفاقُ قائداً وهم مَقودين له، البعض جعلوا الله (ثالث ثلاثة) وأولئك جعلوك (رابع أربعة) ولم يعودوا إليك إلا بعد أن تلبدت الفتن وآذن جحيمها بالهطول، لم تكن بغيتهم لذلك حاربوك في مواطن ثلاث وجعلوا من قميص (عثمان) شماعة الثأر منك ومن حكمك الذي لا يحيف !!

لقد أرادوا الجور بمخالفتك فـ (نكث من نكث ومرق من مرق وقسط من قسط) وأنت سائر على محجة الرسول (صلى الله عليه وآله)، حتى فلق في المحراب رأسك وتلطخت لليلة القدر بدمائك، وأنت الشفيق على من عاداك وخاصمك حتى سقيت اللبن لقاتلك وعينك بعينه شفقة ورحمة، تعاتبه عتاب الصديق وتحذر من المثلى به وفي قلبك الصفح والتسامح، كنت للخلق الكريم سيداً فكيف للتراب أن يأكل جودك ؟!

لم يكن علياً سيداً بالوراثة بل كان معدن النبل وأصل الطهارة والنقاء، فكانت لك الكعبة مهداً والمحرابُ تابوتاً وأطهر البقاع قبراً، لم يكن الغري إلا طهارة زدت في نقائها، فأي فجر نقرأ فيك هل فجرُ ولادة أم نفائحُ إخلاص أم تألقُ شهادة؟!، هل غبت عن النور يوماً حتى لا تُرى؟! أم كيف للأعمى أن يُبصر طريقه بدونك؟! لا ضياء بعيداً عن ساحتك وسياجك فمتى يهتدي المبغضون؟!

قرآن فجرك كل صباح تحفه ملائكة النور، تعلمنا منك الضياء في أبجديات حياتك إذ كنت تقتفي أثر السماء وفي نهاية الحكاية أعلنت فخرك بالفوز الأبدي الذي غاب عن الكثير فكيف لا يفخر من كان ملائكياً مثلك؟!