زميلي يكرهني ماذا أفعل ؟

 

 

يعمل الناسُ سوياً في الدوائر والمؤسسات العامة والخاصة لإنجاز المهام المنوطة بهم، ولكي تحقق تلك الدوائر والمؤسسات أهدافها فإنّ عليها تنسيق نشاط منسوبيها بشكل رسمي عن طريق الإشراف والإرشاد، والسياسات، والقوانين، والأنظمة، واللوائح الإدارية، وكذلك بشكل غير رسمي عن طريق الإجتماعات، وتمتين شبكة العلاقات الإجتماعية بين مكونات بيئة العمل بهدف حمايتها من الإصابة بجلطة مفاجئة تؤدي إلى الشلل " لا سمح الله " .  

وحتى يحدث التفاعل الإيجابي بسهولة يجب أن يتوفر سقف معقول من الشراكة الفعّالة بين زملاء العمل، حيث لا يمكن أن يتحقق الإنجاز المأمول في جوٍ تسيطر عليه مشاعر الغيرة والحسد، والإصطياد في الماء العكر، والخداع، والغش، وهواية الرقص على مأسي وأوجاع الآخرين، وتورم الأنا، وإنخفاض الروح المعنوية، وغياب الحب المتبادل بين مفردات بيئة العمل، وسيادة التنافس الأعمى والمحموم بين الزملاء. 

بيد أنه لمن المنتظر أن تخلُق علاقات زملاء العمل الكثير من الضغوط والإنفعالات حتى في أحسن الأحوال، حيث إنّ هذه العلاقات تتأثر بسلوك وتصرفات الموظفين أنفسهم وبنمط الإشراف الذي يوجههم وفقاً للمستويات الوظيفية المختلفة رأسياً وأُفقياً، وفضلاً عن ذلك فإنه لا يمكن التكهن بفحوى هذه العلاقات وإن ظهرت على السطح بصورة قوية ومتماسكة، ولا بما يتطلبه العمل منهم، مالم تتوفر أدوات رصينة لقياس درجة التفاعل والتعاون بين الموظفين، وهنا يلزم التأكيد على ان المزاج الشخصي يلعبُ دوراً مؤثراً في درجة استقرار تلك العلاقات بين الأفراد جميعاً، وهذا يتسبب في إرباك المعنيين بالقياس بدرجات متفاوتة.

ولقد كتب الكثيرون مثل ابراهام ماسلو وغيره عن وجود بعض الحاجات الإنسانية المشتركة بين الناس جميعاً، إلاّ أن هناك حاجتان تعتبران من أهم الحاجات تأثيراً في علاقات العمل هما : الحاجة للنجاح، والحاجة إلى القبول والتقدير من قبل الآخرين، ومع الأسف العميق تنشأ مشكلة رئيسة في علاقات الزملاء في هذا الإطار لأن هاتين الحاجتين تتعارضان مع بعضهما البعض، فمن الصعوبة بمكان أن تعمل عملاً جيداً مع الناس عندما تكون منافساً لهم، في الوقت الذي تسعى فيه للحصول على الترقية، أو المكافأة، أو تحقيق الذات والتقدير. 

إنه لمن الواجب أن يعي المرء أن المنافسة المَرَضِيِّة مع الزملاء يمكنها أن تعيق تطوره كما أنها تتداخل بصورة سلبية مع حاجته لكي يكون مقبولاً من الآخرين، وأنا هنا لا أطلب منه ان يتنازل عن أهدافه المشروعة في تحقيق ذاته، وتحسين وضعه الوظيفي، ولكنني أدعوه أن يقود نفسه إلى التصرف الناجح واللائق والمسؤول والمفيد لكل شركائه في بيئة العمل دون أن يدفع الآخرين إلى الغيرة المذمومة منه، أو يجبرهم على تكوين خليّة نشطة تعمل في الخفاء من أجل إعاقة تقدمه الوظيفي، وتشويه سمعته، والنيل من إنجازه المشهود في بيئة العمل، نتيجة لإسلوبه الجارف في إبراز ذاته، واستفزازه لمشاعر زملائه بإصرار، بدلاً من إجتهاده لفرض إحترامه عليهم، بإحترامه لنفسه أولاً، وتقديره لسواه لئلا يكون مكروهاً.     

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية