المصالحة بين الديمقراطية والدين (1)

 

 

 

بين القائلين بأن الديمقراطية كفر بواح أو منكر صراح، والقائلين بأنها التوبة ذاتها؛ بين القابلين لها بشكل مطلق، والرافضين لها بشكل مطلق، والمؤمنين ببعضها والكافرين ببعض، يدور الخطاب الإسلامي المعاصر، وتدور المعارك الطاحنة ذات الأدوات الداحس غبرائية، إذا صح التعبير.

ويعود هذا الاختلاف الذي يصل إلى حد التباين أحيانا لعدة أمور، منها اختلاف الإسلاميين في تفسير كل من الديمقراطية والدين، مما يجعل البعض يراهما متناقضين، بينما يراهما الآخر متفقين، ويراهما الثالث متوافقين في الجوهر، قابلين للتوفيق مع بعض التعديلات؛ ومنها انتماء الديمقراطية لفضاء ثقافي خارج الدائرة الإسلامية، مما يجعل البعض في شك منها مريب.

ولكي نضع النقاط على الحروف، رغم أنه لا خيار لنا في ذلك في زمن الكيبورد (لوحة المفاتيح)، ولكننا سنبقى مصرين على هذا المصطلح حتى إشعار آخر، ربما حتى يأتي جيل يضحك عليه وعلينا لأنه لا يفقه التفكيك بين الحروف والنقاط، لأنه ببساطة لن يكتب بالقلم.

على العموم، لكي نضع النقاط على الحروف، نلخص إشكالات الرافضين للديمقراطية في العناوين التالية:

  1. الديمقراطية منتج بشري، والإسلام دين إلهي. فكيف نأخذ ما ينتجه البشر، ونذر ما جاءنا من الله ورسوله.
  2. الديمقراطية هي حكم الشعب بالشعب، والدين هو حكم الله.
  3. الديمقراطية تعني حكم الأكثرية، والأكثرية ليست دائما على صواب، بل ورد ذمها في القرآن الكريم.
  4. مصدر التشريع في الديمقراطية راجع إلى الأكثرية، وهذا يتناقض مع الدين.
  5. الديمقراطية أمر محدث، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
  6. الديمقراطية تقوم على المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين كافة بغض النظر عن انتمائهم الديني، وهذا أمر لا يقره الشرع كما يقولون.
  7. الديمقراطية تقوم على مبدأ الحرية، ومن ذلك حرية المعتقد وحرية التعبير، وهذا – حسب رأيهم – لا يتفق مع رأي الدين.

قد تبدو هذه الأسباب وجيهة للوهلة الأولى، وقد يبدو الخوف من الديمقراطية مبررا بسبب العلاقة الملتبسة بيننا وبين الآخر الغربي الذي أصبحنا نتوجس خيفة من نتاجه الثقافي والفكري، بينما نحن غارقون في نتاجه المادي الذي لا يمكن تفكيكه بحال عن الثقافة.

قد يبدو الأمر كذلك، غير أنه ليس بهذه البساطة، فالتفاعل بين الثقافات لم يعد أمرا ترفيا، بل هو ضرورة حياتية، والمهم أن نتقن كيف نتفاعل، وإلا أصبحنا خارج الزمن، نعيش مع الأحياء في المقطع الزمني الراهن، ولكننا في الواقع أموات أكل علينا الدهر وشرب.

للحديث بقية تأتي بإذن الله.

شاعر وأديب