من التعيس إلى الرئيس

 

 

مع الأسف الشديد أنه من النادر جداً أن تجمعني الصدفة مع موظفٍ يثني على رئيسه في العمل، فكلما صادفت أحدهم ودار بيني وبينه حديثٌ عن الرؤساء حتى يفاجئني بسيلٍ جارف من الهموم والأوجاع النفسية، والخسائر المادية، والشعور بالحرمان والتهميش، لدرجة يكاد الإحساسُ بكراهية ذلك الرئيس يتسرب إلى داخلي لولا لطف الله ورعايته لبصيرتي، والحمدُ لله .

فلماذا يكره بعض الموظفين رؤسائهم؟ وهل لا يوجد في أولئك الرؤساء المكروهين حسنةٌ واحدة تشفع لهم بتلقي الحب على أقل تقدير؟ وهل الرؤساء لا يهمهم سوى ضمان مصالحهم وكل ما يصب في تمتين مركزهم الوظيفي ولو تحقق ذلك على حساب الموظفين المطحونين كما يّدعون؟ وأليس الرؤساء أنفسهم هم ضحيّة سياسة إدارية عليا فوقهم يجب عليهم تنفيذها وفقاً لمفهومهم المنضبط؟

بيد أنّ بعض الرؤساء لهم رأيٌ آخر، لأنهم في المقابل يعتقدون بأن هناك نفرٌ من الموظفين يتصف بالأنانية المقيتة، فهو لا يحب ما يعمل، إنما يعمل ما يحب، ومن هنا فإنه يعمد إلى التكاسل في إنجاز المهام الموكلة إليه مالم تتم متابعته بصورة مستمرة، وإلاّ فإنّ الرئيس سيغرق في مستنقع طبيعته الإتكالية، وهروبه الدائم من تحمل المسئولية ناهيك عن الإحساس بها أصلاً، بل إنه يرتكب الأخطاء تلو الأخرى ثم يطالب الرئيس بأن يرمي له طوق النجاة لينقذه من الورطة التي وقع فيها رغم التحذيرات المتكررة التي وجهها إليه بمراعاة ذلك، وإن تعذرت عليه مساعدته بادر إلى صبّ جام غضبه المحموم على رئيسه متهماً إياه بالتخلي عنه، واستخدامه كبش فداء من أجل الحفاظ على ذاته، أو لحماية أفراد شلّته أو المحسوبين عليه.

إنّ الشعور بالتعاسة التي يقول بها بعض الموظفين يعود في إعتقادي إلى غياب الشفافية والوضوح بينهم وبين رؤسائهم، أو لضعف تفعيل قانون الإرتباط من قبل الرئيس ذاته، واعتماده على " قوة المركز " أكثر من اعتماده على قوة المعرفة، والمهارات الشخصيّة، كما أنّ الرغبة الجامحة لبعض الموظفين بأن يحتلوا مركز الصدارة في سلّم رعاية الرئيس لهم دون سواهم في بيئة العمل لأسباب قد تبدوا معقولة في لحظة ما، يؤدي إلى احساسهم بعدم الإنصاف والتعاسة الوظيفية، والشعور بالحرمان والتهميش، فمن هو الذي على حق ؟ اللهُ أعلم .      
 

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 5
1
فائق المرهون
[ القطيف - أم الحمام ]: 9 / 12 / 2012م - 11:38 م
الأستاذ ابراهيم / وفقه الله
مقالك اليوم جميل و واقعي و معبر ، أحمده وحده جل و علا ، بأن تعاقب على مدرستي العزيزه الحالية مديران من أبناء البلد ، الصورة المشرقة هي ما تحضرني عنهما ، بعد تجربة غير مريحة في مدرسة سابقة .
الإتقان رفيقك دائما ، و من منا يتقن عمله اليوم ؟
دمت مفعما بالحب .
2
أبو سعيد عقاقة
[ أم الحمام - القطيف ]: 11 / 12 / 2012م - 3:09 م
عزيزي الأخ أبو علي
أسعد الله أوقاتك بكل خير

موضوعك بقدر ما هو مميز, ممتع, شيق وجميل إلا أنه في نفس الوقت حساس ومن واقع تجربتي الشخصية التي فاقت الأربعة عقود سواءا على المستوى الوظيفي أو العمل الإجتماعي, هناك كثير من الرؤساء يجعل من موظفيه سلما يصعد عليهم ليصل إلى مآربه الشخصية بطريقة الإستبداد والإستعباد مستغلا ضعف موظفيه الذين لا حول لهم ولا قوة إلا الخضوع وتلبية أوامره حفاظا على لقمة عيشهم.
أما بالتسبة للعمل التطوعي فحدث ولا حرج من كثرة الإستقالات وتبديل الأعضاء بين الحين والآخر قبل إنتهاء الفترة الزمنية لكل مجلس بسبب تسلط الرئيس وانفراده باتخاذ القرارات.

ولك خالص تحياتي
3
منى الشيخ
[ ام الحمام - القطيف ]: 12 / 12 / 2012م - 12:08 ص
أستاذي الفاضل حفظك الله تعالى. خير الأمور. أوسطها. أني اتفق معك. بأن غياب الشفافية. والوضوح بين الطرفين هي الحاجز المنيع بينهم وانا هنا أأكد على ذلك. من خلال. مجال عملي. والعلاقة المهنية. البناءة. التي تربطني. بوظيفتي. وبين. الرؤساء في العمل فالوضوح. الأسلوب. الأحترام. التعاون. عدم الأستسلام. ووضوح الهدف. وأخذ قسطاً من الراحة بين. الحين والآخر أمر جيد. قادر الموظف بأن يكون. سعيد حتى لو بأبسط الإمكانيات . وبالنسبة لي في العمل التطوعي في الجمعية الخيرية. آن ذاك. وأن حققنا النجاح ولله الحمد الا. انه عند البعض لم تكن هناك الثقة الكافية. للمرأة. بالرغم. من مقدرتها التي ممكن ان تتفوق. الرجل. لا ادري. قد. يخاف الرجل المرأة. او هل هو. مجتمعنا الذكوري.
4
ميار
[ أم الحمام ]: 12 / 12 / 2012م - 8:52 ص
أما بالتسبة للعمل التطوعي فحدث ولا حرج من كثرة الإستقالات وتبديل الأعضاء بين الحين والآخر قبل إنتهاء الفترة الزمنية لكل مجلس بسبب تسلط الرئيس وانفراده باتخاذ القرارات.

تعليق : كذلك هو الحال في الجمعية التجارية بأم الحمام و كذلك هو الحال في مهرجان المصالح المسمى بمهرجان الأعراس و حدث ولا حرج من كثرة الاسقطات المخجلة على واقع أم الحمام .. كذلك هو الحال مع لجنة التمثيل ومواكب العزاء .
5
ابراهيم علي الشيخ
14 / 12 / 2012م - 12:52 م
الأعزاء : أبو سعيد ، الفائق
أشكركما على مداخلتكما القيمة والإضافة من واقع تجربتكما الشخصية أعطى للمقال مشاهد تطبيقية في الحياة العملية والإجتماعية .. فلكما تقديري .

الأخت الفاضلة : منى الشيخ
استشعر في مداخلتك مرارة تسلط الرؤساء من الذكور على الإناث ، وإن صح ذلك ففيه تمييز يصعب على الواعين تقبله أو المواربة فيه .. أنت رائعة بدفاعك عن حقوقك المهضومة وتمسك بأهدافك الإنسانية النبيلة .. رعاك الباري

الأخ الكريم : ميار
عندما أعيد ترتيب حرف إسمك فإنه يعطينا إسماً رائعاً في العمق والمعنى وهو ( أمير ) فكيف لك أن لا ترى إلاّ الجزء الفارغ من الكأس في جهود أبناء بلدتك المخلصين .
إنني أحترم رأيك ولكنني لا أتفق مع ما أوردته .. فأهالي البلد الكل ينظر إليهم بأنهم من الرواد في العمل الإجتماعي
لك مودتي
إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية