التهيئة والقلوبُ الصدئة

(30 يوماً من ذهب) كيف سنقضيها؟!، في نوم معتق وطعام مترف وبرامج لا طائل منها، أم أن الحيوية والنشاط ستتظافر بقدر تظافر الحسنات والخيرات التي تفوق الخيال؟! هل ستقعُ (ليلة القدر) في شباكنا هذا العام؟! أم أن الشقاء سيصوب فينا سهامه والغفلة سترمينا بنبالها وسنحرم من ليلة (ألف شهر) قليلة في حقها؟!

إن قلوبنا صدأة ونفوسنا في وعكة تحتاج للعلاج؛ وهي في طائلتنا ونحن المحاسبون عن صدأها ومعالجتها، وقد تكون هذه القلوب في طائلة المساءلة ومعرض الشكاية دون أن نشعر، وحتى نتهيأ لمحاكمة الرب نتعرف على بعض الخصوم

1- القرآن المهجور :

يتفاخر البعض بشراء كمية كبيرة من المصاحف المختلفة الأشكال والألوان والأحجام ويظن البعض أن هذا الشراء امتياز يستحق التقدير عليه وقد يكون وبالاً على صاحبه دون أن يدري، كثيرة هي المصاحف التي نقتنيها ويمر عليها الشهر والشهرين إلى سنة كاملة دون أن تفتح، وإذا فتحت - بعد طول إهمال إذا فتحت - تلوثت أيدينا بالغبار العالق بها، هذا المصحف المتسخ والمهمول سيوقفنا يوماً ويشتكينا إلى الله !!

فهل أعددنا الجواب لهذه الخصومة، أوليس البعض لا يجد مصحفاً ليقرأه؟!، أوليس بالإمكان أن ندفع النسخ الزائدة لتكون صدقة جارية؟! البعض يتحاشى التوبيخ بامتلاك مصحف واحد فقط، والبعض يقرأ كل يوم في مصحفٍ حتى يهرب من ذلك العقاب القادم، ولكن السؤال الجدير بالذكر: إلى متى تطول هذه الخصومة بيننا وبين القرآن؟! أوليس من الإجحاف أن يتولى العنكبوت رعايته بالنيابة عنا؟! فلنحطم هذه الأقفال المقيتة ونمسح الهجران العالق، ولنبدأ صفحة بيضاء جديدة في ربيعٍ قرآني يشد الأرواح والقلوب.

2- المسجد الخراب :

المساجد بيوت الله في أرضه، وهي لا تزال تتفطر حزناً وألماً وتشتكي إلى الله من جفائنا، فهل تبقى فارغة؟! أم أن الأنهار ستعود لمجاريها وتشرق فيها شمس الصحوة والنقاء؟! المؤذن تعلو تكبيراته والناس في انشغال عن السير نحو هذه البقاع الطاهرة التي يغبط الأموات عامريها.

بعض المساجد تزدحم بالرواد وبعضها موضع الشكاية، نحن لا نتحدث عن الأسباب، بل نتحدث عن العلاج، فلو نقل كل واحد فينا أقدامه لإحياء هذه البيوت لانتفى الاشكال وارتفع التوبيخ عن الجميع، إن المساجد لله بكلها، فإن تمكنا من رفع الحاجز الذي يمنع الناس يكون نوراً إضافياً، وفي تعمير المساجد خير كبير، سواء الاعمار المادي بالترميم أو المعنوي بإحلال الأنشطة والبرامج العبادية المختلفة.

3- عالم بين جهال :

نتحدث عن العالم الذي ضاع في كومة الزحام، عن العالم الذي هو مصباح هداية للناس ولكن بقي دون أن يلتف حوله أحد، أوقد لا تعي مقامه ومكانته حتى يوارى الثرى، سهر هذا العالم الجليل ليلة وأتعب نهاره ولكن جناية المجتمع أن تعزف عنه وتدير له الظهر وكأنها لا تراه ولا تسمع به !!

النحل تعود أن يلتف حول الورود، فأين الشباب عن مجالس العلماء؟! النحل دؤوب في ارتشاف الرحيق وصناعة العسل فأين الشباب عن بساتين العلم والمعرفة؟! إن كثيراً من العلماء يتألمون وجعاً من فرط هذا التضييع والإهمال، والسؤال : هل سنفتش عنهم؟! أم ستبقى الجواهر التي يملكونها حبيسة صناديق عتيقة مفاتيحها صدأة؟!

يعتذر الشباب بحجج كثيرة في عدم تحلقهم بالعلماء، ولكن التواصل في زمن ثورة الاتصالات أسهل من شرب الماء، والوسائل الحديثة في ارتباطنا بالعالم توسع دائرة (مجالس الذكر)، فلماذا لا نعقد الصداقات مع هؤلاء العلماء النبلاء بدلاً من صداقات مشبوهة يندى لها الجبين ؟!