الصادق الشيرازي يستنهض الهمم دفاعا عن الحقوق (2-3)



بسم الله الرحمن الرحيم

 

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم وظالمي شيعتهم إلى قيام يوم الدين.
نواصل هنا قراءتنا لخطاب آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي التوجيهي على أعتاب الشهر الفضيل.

سماحة السيد الصادق الشيرازي هو يتلمس بكل أحاسيسه ووجدانه وفكره تلك الجراح التي أثخنت الأمة المؤمنة والآلام التي ألمت بها في عصرنا الحاضر وخاصة على المستوى الأمني والحقوقي ، قدم في كلمته التوجيهية تلك مفتاحين وطريقين استراتيجيين لعلاج هذا الواقع ورفع تلك المعاناة، والأخذ بسفينة الموالين للعترة الطاهرة صلوات الله عليهم إلى شاطئ الأمان، واسترداد الحقوق.

الأول : الوعي بقوة الذات الجمعية (الكيانية)  

في مستهل طرحه للمفتاح الأول قدم استفهاما يتساءل فيه عن #c00000" >( من المسؤول عن التصدي للذين يقومون بإراقة دماء الشيعة بالعالم ظلما وعدوانا )، ومن ثم بدأ يقدم إجاباته على هذا التساؤل ليقول #c00000" >( أليس هذا من مسؤولية الشيعة كلهم ؟! ) لنجده بعدها يوجه خطابه ملتفتا به إلى عموم الشيعة.
وهنا حري بنا أن نتوقف مليا عند أنفاس هذا الخطاب الصادر من أحد كبار المرجعيات العليا للشيعة، لنتأمل ما ورائيات هذا النحو من الخطاب.

إن الصادق الشيرازي حفظه الله تعالى ينظر لعالم التشيع نظرة الوحدة الواحدة والجسد الواحد الذي حين يعاني أحد أعضائه من شيئ يتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وهو إذ ينظر للمشهد من هذه الزاوية، إنما لكونه يرى أن الشيعة في العالم والبالغ تعدادهم مايقارب المليار #c00000" >( حيث ذكرت بعض الاحصائيات أن عدد نفوس الشيعة قرابة المليار )، يرى أنهم قوة حقيقية في أرض الواقع متى ما تكتلت وتعاونت وتكاملت، ونظرت إلى نفسها نظرة الجسد والكيان الواحد، فـ #c00000" >( الشيعة اليوم هم قطب قوي من أقطاب القوى بالعالم )، وذلك لعلم سماحته بأن التكتلات الكبرى هي القادرة على حماية ذاتها وصناعة التحولات الكبرى في العالم لصالحها، وبالتالي هي الأكفأ والأقدر على حماية وصيانة أعضائها بوجوداتهم الجغرافية المتنوعة مهما تصاغرت.

إن هذا النحو من الخطاب هو الذي يعزز روح الكيان الواحد ويؤكد الحس والشعور الجمعي بين أتباع أهل البيت عليهم السلام، الأمر الذي يخلق حصانة ويصنع سياجا حاميا للكيان أمام تعديات الآخرين صغروا أم كبروا.

دعوة الصادق الشيرازي للشيعة في خطابه بأن يتناصروا ويحموا بعضهم البعض كما الجسد الواحد ، لا شك هي دعوة على النقيض تماما من تلك الاطروحات التي سوقها البعض في مجتمعاتنا وهمشت هذا الشعور بالانتماء للكتلة الكبرى لصالح تعزيز انتماءات لإطارات ضيقة حيث الانغلاق بمفاهيم الوطنية السايسبيكوية عن الانفتاح على الكيان الأوسع والهموم المشتركة مع شراكائنا في العقيدة بتعدد جغرافياتها.

هذه الثقافة المسيجة بسياج سايسبيكو، وليس بسياج العقيدة والانتماء العقدي ساهم في تخذيل كثيرين عن التفاعل مع القضايا الكبرى المشتركة بين اتباع أهل البيت عليهم السلام حتى حدا ببعضهم – في موقف شهير – ليكون إلبا لاعداء أهل البيت على إخوانه في العقيدة بمبررات صاغتها الثقافة السايسبيكوية .

هذه النزعة الانفصاليةعن الكيان الموالي للعترة الطاهرة صلوات الله عليها، لاشك هي نزعة اجنبية عن ثقافة اهل البيت عليهم السلام، بل هي نزعة لاتعي قانون الكيانات الكبرى وفاعليتها في حفظ وصون مصالح الوجودات الجغرافية المنتمية حتى الصغيرة منها، بل أخالها لا تؤمن بجامع غير الاطار الاجتماسياسي او الجيو سياسي، معتبرة الاطار والرابط العقدي رابطا ينبغي تهميشه لصالح الرابطة السايسبيكوية.

من هنا رأى سماحة السيد الشيرازي دام ظله أن يعزز في خطابه روح الكيان الواحد ويلفت الأمة المؤمنة من أتباع أهل البيت عليهم السلام إلى أن قوتها في توحدها وتكاملها وكيانيتها #c00000" >( فالشيعة اذا فعّلوا قوتهم ، فسينعم العالم كله بالحياة وينجو من المظالم المدمرة ).

 وقد اوضح سماحته بعض العناصر في مكونات هذه القوة لأتباع أهل البيت عليهم السلام بقوله #c00000" >( إن الشيعة اليوم ، ولله الحمد ، يتمتعون بمستوى جيد من القدرة والعلم والثروة والامكانات وحتى في عدد النفوس ) ،فبالإضافة إلى حساب القوة الكمية حيث التعداد السكاني المرتفع، فهناك قوة نوعية أيضا تتمثل في الكفاءات العلمية والإمكانات المادية.

عناصر القوة هذه تحتاج فقط إلى تعاون وتكامل وشعور جمعي ، لتحولها الى قوة فعلية فاعلة على أرض الواقع، بحسب مادعى إليه سماحته بقوله #c00000" >( إنهم – الشيعة – الأقوى كيفية على وجه المعمورة فعليهم أن يكونوا الأقوى بالفعل أيضا ، فالشيعة إذا فعّلوا قوتهم فسينعم العالم كله ).

إذن المفتاح والطريق الاستراتيجي الأول لحماية الشيعة والدفاع عن حقوقهم والرقي بهم إلى مستوى أن يكونوا قوة فاعلة في العالم تحمي مصالحها ومصالح العالم هو أن يكونوا يدا واحدة على من ظلمهم وجسدا واحدا إذا ما اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، وأن يعيشوا حسا وشعورا جمعيا بكيانيتهم ووحدتهم إذ #c00000" >( على الشيعة في كل مكان أن يؤدوا مسؤوليتهم في إحقاق حقوق الشيعة المظلومين في كل البلاد وأن يدافعو عنهم )، لا كما دعى اليه البعض من السايسبيكويين وغيرهم من التخذيل عن التفاعل مع ما ألم بأهلنا في الجوار من الظلم والقتل، واعتبارهم ذلك تهورا وتهلكة.

 

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
السيد ابو هاشم
[ القطيف - القطيف ]: 13 / 7 / 2013م - 10:25 ص
جزاك الله خير الجزاء مقال جميل ورآئع وفقك الله الى كل خير وجعلك من الموحدين لوحدة شيعة محمد وآله محمد في كل مكان في العالم والمساندين لوحدة الشيعة في العالم .