أفكار مبعثرة

 

لماذا لا نعي الحقيقة مبكراً ؟ هل المزايدات اللفظية و الصوتية أضحت تراثاً عربياً خالصاً ؟
لا نعود للوعي و اليقظة إلا إذا اقتربت المقصلة من رؤوسنا ، ثم لا نتردد حينها في خلق الأعذار و المبررات الواهية لهذا التراجع .
يبدو أن هذا المشهد الدرامي صار صناعة متميزة لدينا !

هل نحن مجتمع يؤمن ببعضٍ و يكفر ببعض ؟
هل نعيش على التجزئة و الازدواجية ؟ أقبل هنا و أرفضُ هناك ؟
قد نتسابق للمستحبات و نتباهى بها ، بينما هناك واجبات ملحّة تنتظرنا ، هذا إذا ذكرناها أصلاً .
علينا إثبات أننا مجتمع صحي و سليم !

لقد وقعنا بقصدٍ أو بدون قصد في فخ مزعج كحتمية تاريخية متوارثة ، فحين نواجه بأخطائنا التي بعضها لا تحمل ثقله الجبال ، لا نعيد النظر و نفكر من جديد ، و لا نبدأ بإعادة رسم مجرى تفكيرنا ، بل نكابر و نقول ببساطة " فلان أيضاً قد أخطأ " !
و هل أخطاء الآخرين تبيح لنا أن نستسهل الجريمة و الفساد ؟!
المبادئ يا سادة لا تجزأ و لا تسقط بهوانا .

هل مجتمع اللون الواحد و الرأي الواحد يعطي قوة و منعة ؟
أم مجتمع الأطياف و الأفكار المتنوعة تحت مظلة عدم نفي الآخر و هدمه ، و برسم مفهوم العيش المشترك ؟
و أيهما يكون أكثر حيوية و شعور بالمسؤولية ؟
ليس من حقي اتهامك بأبشع الاتهامات حين يختلف مسارك و رأيك عن رؤيتي القاصرة ، اتهاماتنا جاهزة و مسلوقة و لا نهاية لها " عميل ، خائن ، ليبرالي ،..... " .
لنضرب الأفكار بالدليل ، و نحترم الأشخاص كيقين .

بعض الاكتشافات و المواقف تأتي متأخرة لدينا ، و نرمي بالأسباب عادة للظروف أو من حولنا ، فهل نحن براء من هذا التأخر ؟ ماذا لو كلفنا أنفسنا قليلاً من البحث و التروي ؟
كم يكلفنا الكثير تقديس أفكار و شخصيات معينة ، لأنها تنزف من رصيدنا الفكري و الثقافي و الاجتماعي .

ما أحوجنا إلى الهدوء من هذا الصخب ، بل و الرومانسية الحالمة في بعض الأحيان ، ضجيج صوتي و تقني و أحداث ساخنة باللحظة ، جلبت لنا ضيق الأفق و المزاج ، اللذان باتا يتحكمان في معظم سلوكنا اليومي .
هل الطقس الصعب و الظروف المعيشية المعقدة لها دور ؟
أم أننا نعاني أزمة خلق ، و ما أكثر أَزَماتِنا !

 " لا تجالس أنصاف العشاق، ولا تصادق أنصاف الأصدقاء ، لا تقرأ لـ أنصاف الموهوبين، لا تعش نصف حياة، ولا تمت نصف موت ، لا تختر نصف حل، ولا تقف في منتصف الحقيقة ،"
"فالحب قد اعتق لساني فتكلمت، ومزق أجفاني فبكيت، وفتح حنجرتي فتنهدت وشكوت"
جبران خليل جبران

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
ابراهيم علي الشيخ
4 / 1 / 2014م - 10:54 ص
أخي الحبيب : الفائق حبيب
بعثرتك لملمت المتناثر لتوجد مخرج لواقعنا العاشق للإشتباك عوضاً عن التشابك، وللإلتحام بدلاً من التلاحم.
فيض حروفك يعلن عن وجه آخر من وجوه لعنة الهمجية في التفكير، والعبثية في التدبير، والمستأسدة في التعبير.
ستبقى أسئلتك معلقة حتى نؤمن بأنفسنا ونحسن الظن بالآخر، ونتحمل المسؤولية ..
لك تقديري اللامتناهي ..
2
فائق المرهون
[ أم الحمام - القطيف ]: 4 / 1 / 2014م - 10:48 م
الأستاذ و الأخ الكبير و المنير / ابراهيم الشيخ

لا يمكن لحرف أو كلمة من فكرنا المتواضع أن تفيك حقك في الثناء و الامتنان .
تعليقك الرائع هو من جمّل مقالي القاصر بكل تأكيد ، نحن من نتعلم منكم يا أستاذي المهذب و من يحبو الخطا لا يمكنه مجاراة النجوم .
ما كان منكم هي اليد الحانية و المؤازرة لي بعد طول غياب .
دام نورك و نحن في انتظار مقالاتك التنويرية من جديد .
لك كل محبة .
معلم اللغة العربية