وطن !

 

أنت في الوطن دونما وطن، سماؤك ليست بسماء،  ولا أرضك كما الأرضين. تتحدث ليُقال لك اصمت، وتصمت ليُقال لك كاد حديثك أن ينقذك !
حكاية بدأت فصولها في بلاد بعيدة، ومع بعدها لازالت بين أحضان الوطن؛ فالوطن كما يُقال يتسع إلى ما وراء وراء الأنهار.  يشهد اختلاف المناخ تباعاً لاختلاف التضاريس، هي قوانين الطبيعة ولا شيء سوى ذلك !

ومع برودة المناخ، تشتد حرارةٌ غريبةٌ في نفوسٍ خالفت كل القوانين، نفوسٌ اعتادت أن ترى الأسود أسوداً حتى وإن كان السوادُ هذا مجرد نقطةٍ ارتمت فوق بياضِ ثوبٍ معلقٍ في وضح النهار ! لا لشيء سوى أنها تريد لهذا السواد أن يكون شاذاً في سيادته كما هو سواد قلوبهم.

لست أدري، بأي ذنبٍ يعاقب المجرمون عندهم؟! الإجرام لديهم ليس لفعلة المجرمين. فاختلاف الرأي كما علمنا لم يكن ليفسد في الود قضية، وهاهنا قد افسد كل القضايا ! فإن لم تكن معهم، فأنت وبالله يقسمون بأنك ضدهم !

وطني .. آهٍ منك يا وطني .. كلما اتسعت مساحاتك كنت أضيق من جحر نملة، فأنفاسنا لا تكاد تتشبع بالأكسجين مع الشهيق حتى تختنق به. فالأنفاس ها هنا معدودة وتحسب كما لو أن لها حدٌ يصل أقصاه مع أول نفسٍ لك في هذه الحياة. لتعلم بأنه نفسٌ لم يكن لك، في وطن لست منه. ففي الوطن، أنت دونما وطن ! تقبلوا اعتذاري فمنذ البداية كانت قد انتهت الحكاية ! 

أستاذ علوم .. خريج كلية المعلمين بالدمام