الحزن، تعريفه ومراحلة

يُعّرف الحزن لغة في المعجم الوسيط: خلاف الفرح، حالة من الغم والكآبة باطناً. ويترجم عنه الظَّاهر في الغالب: من لا يرى الأحزانَ لا يرى الأفراحَ، - رأيت الدَّهر مختلفًا يدورُ... فلا حزنٌ يدوم ولا سرورُ وفي معجم اللغة العربية المعاصرة: ضد السرور، وفي مختار الصحاح: حَزَنَ الأَمرُ فلاناً حَزَنَ حُزْناً: غمّه.

أي الحزن إحساس لا يقل اهميه عن الفرح، وهو شعور سلبي نشعر فيه بألم نفسي ينتج عنه عدة حالات كالاسى، العجز، الهم، الكآبة واليأس. احيائياً هو كيمياء معين مركزها الدماغ وبالتحديد لوزة الدماغ تفرزها هرمونات معينة تتسبب بهذه المشاعر والاحاسيس التي بكل تأكيد تعايشنا معها يوماً من الأيام.

ومسبب الحزن عادة الفقد، فقد شخص قريب او عزيز، فقد مال او مكانة ومنزلة، او فقد عافية او حُسنُ حال كالمرض او الفراق، فقد يكون هذا الفقد دائماً او مؤقت، او اختلاف من حال الى حال اسوء. ومن المؤثرات على ردود فعل الحزن ودرجته، الظروف الراهنة لنا من حيث عدة امور تدور حول التالي: «لنمثل صورة واقعية لتصل هذه المفاهيم لنا بصورة ملمه، وفاة عزيز وما يدور بحولها»

الحالة الجسدية والنفسية:

لقاء الشخص والتأكد من سلامته الجسديه وجلوسه وتجهيز نفسيته واحاطته بمن يسندونه وقت الحاجة لتلقي الخبر الحزين وبتقسيمه لعدة مقاطع واعطائه الوقت الكافي ليسمع الخبر دون مقاطعات.

طريقة استقبال الخبر وايصاله:

إيصال الخبر وجه لوجه، بجدية، فلا يصح ان يقرأ الخبر من رسالة جوال او الاستعجال بنشر الخبر للعموم قبل التأكد من توصيله لكل افراد العائلة، او ان يستعجل أبناء المجتمع بإرسال رسائل التعزية قبل التأكد من وصول خبر وفاة العزيز له فآخر ما نريده هو دخول شخص في صدمة نفسية.

التوجيه والنصح:

على الاقربون الاجتهاد في معرفة الخطوات لما بعد الخبر، كما في وفاة عزيز، علينا ان نسابق صاحب المصاب لتجهيزات استلام الجثمان وشهادة الوفاة، اجرائات التغسيل والدفن، الإعلان ووقته، مساعدته في تبليغ الاسرة وترتيب العزاء واهم هذا البقاء بجانب هذا الشخص القريب في طوال هذه الفتره.

المواساة والتأقلم:

كما اسلفنا في البقاء بجانب هذا القريب كمواساة، عدم تركه وحيد بقدر المستطاع، وتذكيره ان كل ما يمر فيه هو من طبيعة الوجود وتذكيره بما يؤمن فيه دينياً واجتماعياً.

من واقع تأثير الحزن على الشخص كخصوص والمجتمع وبيئته عموما، يمر فيها صاحب أي فقد او مصيبة في حزنه بخمس مراحل سنشير إليها بمسمى مراحل الحزن فليس لنا الا ان نمر بها يوماً من الأيام او يمر بها عزيزٌ او قريب.

خمس مراحل في علم النفس قد يُختَلفُ بتقسيمها او ترتيبها لحد بسيط، ولكن هنا الترتيب الدارج لمعظم العلماء:

الانكار والعزلة:

بعد معرفتنا باصابتنا بمرض عضال او شديد، فقد عزيز او خسارة مالية كبيرة، فأول ردة فعل طبيعية قد تصدر عنا هي بإنكار هذا الواقع ورفضه كله او بعضه، واكثرنا عند وقوع مصاب نقول: لا بالتأكيد هذا لا يحدث معي الآن، او ان فلان لا يمكن ان يكون قد توفي، كنت معه هذا الصباح؟، او بالتأكيد هناك خطأ ما فأنا لست مريض فنظامي الغدائي صحي للغاية ولا يمكن ان أصاب بهذا المرض بالتأكيد تحليلاتكم واستنتاجاتكم خاطئه. هذه الاقوال والافعال المشابهة هي اول مرحلة من مراحل الحزن التي نمر بها حيث تختصر بالانكار وعدم قبول الواقع والانفراد بالرأي والانعزال عن أي شخص ورأي يثبت الواقع.

الغضب:

بعد ان يبدأ تأثير الانكار وعزلة الرأي بالتبدد ونكاد ان نمتص صدمة الواقع، الا ان مرارة الواقع اشد من ان تهضم، والم الحقيقة اشد من ان نستوعبها فتعود آلية الحماية للعقل البشري بتوجيه هذه المشاعر المختلطة بانفجار نفسي باتجاه أي شخص في محيطنا، قريب، صديق، طبيب او حتى غريب كلي عنا، قد نفرغ هذه المشاعر للشخص الذي فقدناه، او للمرض الذي اصابنا وسبب اختيار من نوجه له هذا الانفجار الغاضب دائما ما يكون مكانيا او زمانينا وليس عقلانياً فليس اختيار مدروس او بسبب معقول انما غضب وانفجر وقد لا

يمكن تجنب هذه المرحلة او هذا الانفجار وقد نحتاج فقط لبعض الوقت ليتبدد هذا الغضب ونهدأ.

المساومة والتحسف:

بعد وقت من هدوء الغضب والإنفعال المصاحب له، ومحاولة ربط الجأش وإعادة التحكم بالنفس، نبدأ هنا بالتشكيك، التحسف، والمساومه، ونبدأ بالسقوط بحفرة ”لو“ حيث نبدأ بالتساؤل بهذه التساؤلات المألوفة: ماذا لو لم اهدي ابني سيارة لما وقع هذا الحادث، ماذا لو ذهبنا لمستشفى اخر لتأكيد التشخيص، ماذا لو لم استثمر بهذا الاستثمار الذي بدد

اموالي.

هذه المساومات مع النفس ومحاولة الإشارة باللوم ليست سوى محاولة إيجاد معنى مقنع او إيجاد مذنب لكي نستوعب هذا المصاب وانه قد يكون هناك ما يمكن عملة ليتغير الناتج لواقع ما قبل المصاب.

الإكتئآب:

بينما مرحلتي الغضب والمساومة واضحتي الملامح لمن في محيطنا الا ان هذه المرحلة عادة ما تكون مرحلة خفية وخطيرة علينا، في مراحل الحزن الاولى نحاول نحن ومن حولنا ان نحتوي الحزن ونتقدم على مشاعرنا ونتسامح في نتائجها ولكن هنا ما يحدث خفي وغير معلن ولا يباح به لاي شخص وعادة ما تكون هذه المرحلة هي الأطول والاصعب وكل المراحل السابقة هي اساس لهذه المرحلة ولا يختتم الحزن ونستمر في الحياة الا عند انتهاء هذه المرحله لما فيها من وحدة وانعزالية وخصوصية في مواجهة سوداوية مع الحياة ككل والنفس خصوصاً ولما فيها من الضرر النفسي والجسدي علينا قبل الخروج منها بشكل صحي.

القبول:

هذه المرحلة لا تعني نهاية سعيدة، لا تعني نهاية الحزن، ولكنها تعني اننا وصلنا لمرحلة قبول الخسارة والفقدان الواقع والتأقلم على الواقع الجديد والتعايش مع التغييرات في اسلوب الحياة بما يتناسب مع ما حل بنا، ولنا أن نأمن بمرارة الحياة بعد هذه المرحلة من حيث معاصرة مثل هذه التجربة والخروج منها لن يعني اننا تعلمنا شيء جديد غير معايشة الالم ولكن ستكون الحياة مختلفة عما كانت عليه، وسيكون الجرح أقل إيلاما في الغد، ستكون دمعة الفقد اليوم ابتسامة لذكرى جميلة كجمال ما كانت عليه الحياة في السابق.

تأثير الحزن على صحة الجسم والصحة النفسية:

في حال الحزن يصاب الحصين «قرن امون» الواقع في الفص الامامي قبل الجبهة ومنطقة الصدع بضمور كلما طال الاكتئاب زاد الضمور وزاد التوتر كلما زاد التفكير لتغيير ما لا نستطيع تغييره، فيزداد افراز الجسم لهرمون الكورتيزول الذي بدوره يعرضك لاخطار امراض القلب والرئتين والكبد وتقاد لا اراديا الى الإكتئاب في حالات الحزن الشديد وهذا الهرمون يضعف جهاز المناعة كلما زاد اكتئاب الشخص فتتعرض لانخفاض مادة السيروتونين التي تساعد في تنظيم المزاج والسلوك الاجتماعي، الشهية، الهضم، النوم والذاكرة.

ولا ننسى البكاء كناتج اولي للحزن، وهو تأثير إيجابي لنا، حيث البكاء يساعد بافراز هرمون الاندروفين المسؤول عن الشعور بالراحة.

العادات الحسنة والسيئة في مجتمعنا المرتبطة بالحزن: لمجتمعنا القطيفي الكثير من العادات الحسنة وبعض العادات السيئة في التعامل مع من أصيب بمصيبة او آلمه الحزن،

فهناك عادات اجتماعية، شعبية، ودينية تدور حول افراد هذا المجتمع في معظم الاحداث والوقائع مرسومة كخارطة طريق لاي فرد لمساعدته في تخطي هذا المصاب.

سنبدأ بسرد بعض العادات الاجتماعية السيئة التي تأثر سلبا على صحتنا الجسدية والعقلية كأفراد في هذا المجتمع والعادات الحسنه، ومن اهما واولها، لا تبكي فأنت رجل كبير، لا تبكي فانت امرأة عاقلة، بكائك جزع والجزع حرام، اتركوه لوحده لعله يهدء.

كل هذه الامثله لا اصل لها في التداوي والتعافي من اثار الحزن وبالعكس تماما حيث ان البكاء هو من اهم الأمور التي يساعدنا فيه مجتمعنا لتخطي المصائب ومنهجنا هنا كما نرى بالعزاء والقراءة الحسينية بانزال الدمعة على مصائب اهل البيت ع وعرض المصاب العظيم الذي حل بعلي وفاطم وولدهم عليهم جميعا سلام الله لتخفيف المصاب الواقع اليوم من

فقد حبيب وسكب الدمعه لتخفيف التوتر والكآبة، وان التوحد بالنفس ليس مستحسناً كما ترى في العزاء ان اهل بلد هذا الشخص يحوموا حوله ويلازموه بغرض المواساة والمؤازرة وهي عاداة حميدة عظيمة قد افتقدناها بعض الشيء في خلال ازمة فيروس كورونا المستجد وبانت أهميتها وصعوبة الحياة بدون هذه العادات والاجتماعات الدينية والاجتماعية.