الأخطاء الإملائية في مواقع التواصل الاجتماعي

ليس معنى أن يكونَ الخطأُ منتشرًا وشائعًا القبول به والاستسلام إليه، والعجز أمامه، وعدم وجودِ ردة فعلٍ لكلِّ تلك الأخطاءِ الإملائيةِ التي تعجُّ بها الرسائلُ والتغريداتُ وجميع أنواعِ الكتاباتِ بمسمياتها المختلفةِ في مواقع التواصل الاجتماعي، فلكلِّ فعلٍ ردةُ فعلٍ مساوية له في المقدارٍ ومعاكسة له في الاتجاهِ كما نَصَّ على ذلك القانونُ الثالث من قوانينِ عالمِ الفيزياء الشهير نيوتن، فَلِمَ لا نشاهدُ ردةَ فعلٍ بحجمِ محبتنا للغتنا العربية؟! فنحن أبناء هذه اللغة، ومن الواجب علينا الدفاع عنها من هذا التشويهِ المقيت، والذي تأنفه النفس التي تعتزُّ بلغتها وتفتخر بها.

نحن أمام قوتين: قوة الفعل، وهي الخطأ الإملائي وانتشاره بأنامل أعداد كبيرة من أبناء لغة الضاد، وبين قوة ردة الفعل من قبل الغيورين الذين يضجرهم ويحزنهم مشاهدة وقراءة كل تلك الأخطاء الشنيعة وبصورة متكررة، فيا له من ألم ووجع بصري! ومما لا شك فيه ولا ارتياب بأن هاتين القوتين متضادتان، وبينهما تنافر وحرب باردة لا تعدو كونها كلامية، فالكل يدلو بدلوه، والكل يلقي ما في جعبته، والكل يطرح رأيه، وبين هذه وتلك فهناك لغةٌ تستباحُ ولا تراعى في أبسطِ قواعدها.

نوجه في هذا المقام رسالتين اثنتين:

*الرسالة الأولى لأصحاب الأقلام الذين لا يراعون القواعد الإملائية السليمة في كتاباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يلي نصها:

إنّ تعلم المهارات الإملائية في اللغة العربية ليس بالأمر الصعب أو الكؤود، وخصوصًا تلك التي يشيع الخطأ فيها، ولو قمنا بعمل مسحٍ سريعٍ لمعرفة وتحديد الأخطاء الإملائية التي يقع فيها الكثيرون أثناء الكتابة، سنجد أن موضوعاتها تدرس في المرحلة الابتدائية وبطريقة سهلة وميسرة، وباطلاع بسيط على مقررات المرحلة المذكورة، وتصفح سريع فيه قليل من التركيز، سنفهم المهارات الإملائية فهمًا جيدًا، نحصن به أقلامنا من الوقوع في الزلل والخطأ عند الشروع في الكتابة.

*الرسالة الثانية للمختصين في علوم اللغة العربية ولكل من يهمه أمر هذه اللغة الخالدة، لإعداد اجتماعاتٍ وندواتٍ وحملاتٍ تهدفُ إلى تعليمِ الناسِ الظواهر الإملائية الأساسية في اللغة العربية، ووضع خططٍ علاجيةٍ لكل تلك الأخطاء الشائعة التي تشوه جماليات لغتنا وتنخر في قواعدها المتينة وأسسها الراسخة.

قد يظن البعض أننا نبالغ في طرحنا لهذه القضية، وأن الأخطاءَ التي نراها كل يوم وبأعدادٍ هائلةٍ وكثيرةٍ لا تدعو للقلقِ أو الانزعاج، نقولُ لهؤلاء - مع إجلالنا وتقديرنا لهم - بأن ذلك تسطيح ولا مبالاة وانعدام لوجود نظرة عميقة للمشكلة ومآلاتها ونتائجها الكارثية على لغتنا، فالموضوع خطير وحساس جدًّا، ويجب علينا أن ننظر إليه ونتأمله من عدةِ زوايا لا أقلها فيما يتعلق بجيلٍ سينشأُ على هذه الأخطاء ويعتاد عليها، فكيف سيكون مصيره ومصير أبنائه في المستقبل؟ وكيف سيكون مصير لغتنا العربية معه؟!

وفِي الختام ننثر بعض الزهرات في بستان لغتنا العربية ممزوجة بحروفها الآسرة:

لغتي وأفتخرُ إذ بُلِيتُ بحبِّها

فهي الجمالُ وفصلُها التِّبْيَانُ

عربيةٌ لا شكَّ أنَّ بيَانَهَا

مُتَبَسِّمٌ في ثغرهِ القرآنُ