القضية الأولى للمواطن العربي

يبدو أن ثمة تغيرات وتحولات هائلة تحدث على كافة الصعد والمستويات، بدأت تُشكّل وتوجّه عقل ومزاج المواطن العربي، إذ لم تعد تلك القضايا والصراعات التي امتدت لعقود طويلة والتي استهلكت وعيه وأحلامه تحتل حيزاً مهماً في قائمة قناعاته وأولوياته. ”المواطن العربي الجديد“ من المحيط إلى الخليج، لم يعد ذلك ”الترس“ الذي تُحركه الهتافات والشعارات، فبعد كل تلك الخيبات والانكسارات وبعد كل تلك الهزائم والأزمات، لم يعد ذلك المواطن العربي مجرد قبضة غضب مرفوعة في وجه الريح، ولم يعد ذلك المواطن العربي مجرد أنشودة حماسية تنام على الرصيف، المواطن العربي الآن لم يعد كذلك.

المواطن العربي وبعد كل سنوات السراب، قرر أن يستعيد نفسه من كل تلك الأوهام والأكاذيب التي سيطرت على كل تفاصيل حياته، بل وسجنته في دائرة الخوف والاضطراب.

لقد بدأ المواطن العربي، يُعيد الكثير من حساباته ويُرتّب الكثير من أولوياته، ولم يعد ينساق خلف شعارات واهية أو أجندات مشبوهة، بل على العكس تماماً فقد كفر بكل تلك الشعارات والعناوين التي كانت تتصدر قائمة قضاياه الأولى.

هموم وشؤون المواطن العربي الآن، ليست تلك ”القضايا الكبرى“ التي استقرت في فكر ووعي الشعوب العربية لعقود طويلة، ولكنه اختار قائمة أولوياته بنفسه لتكون هي قضاياه الأولى، ورصد فيها كل أحلامه وطموحاته وتطلعاته التي تستحق تضحياته ونضالاته. المواطن العربي الآن، تخلّص من ذلك الخطاب التعبوي الموجه الذي هيمن على فكره ووعيه لعقود طويلة، ليبدأ مرحلة جديدة تُشبه أفكاره وطموحاته وتُشكّل قناعاته وأولوياته.

”المواطن العربي الجديد“ وبعيداً عن الخطابات والأجندات التي مازالت تؤمن بحقبة الشعارات والقبضات، قرر أن تكون حياته الكريمة في وطن آمن هي ”قضيته الأولى“..

كاتب مهتم بالشأن السياسي والاجتماعي والوطني