أحرقتني دموع ابنتي

 

أحرقتني دموع ابنتي وعذبتني نظرات زوجتي .

أغلق الباب على نفسي وتتجول أقدامي في أركان غرفتي .

وتلتقط أناملي المرتعشة لا عن ضعف في جسمي , بل من هول الفاجعة , وتلملم يدي جراحات قلبي , ويضم صدري قطعة كبدي المتقطعة , على فراق صدرها الحنون , وبلسم أناملها يمسح دموعي الملتهبة بنيران الفراق , والممزوجة بألم الحزن .

وتبتسم دموعي لطفلتي , وتحمل عيناها الصغيرتان كل اللوم والعتاب , ونظراتها هي العقاب .

وترقد طفلتي في سريرها , كما رقدت حواسها منذوا سنوات .

تقلب عيني وتنثر أناملي صور الزوجة المغدور بها .

تصرخ دموعي أبكي دمًا , وجعل العمر كله مأتمًا .

وتساعدها اليد وتقول عجبًا لهذه الكف القوية كيف عجزت عن مدها لها .

وتتأوه القدمين وتضيف وهذه الساقين لم تلهث لتقديم العون لها .

وتزداد الحسرة في القلب , ويقضم فمي كل شيء أمامه حسرة على ذهاب زوجتي  لا بل روحي وسر وجودي .

وأتأوه من الألم , وتتصاعد أنفاسي , كما تصاعد الألم , وكاد أن يفتت رأسي .

تجول أنظاري في زوايا المسكن .

بيت خاوي أشبه ببيت الأشباح .

ويقع نظري على المرآة , وينعكس جسمي على سطح المرآة .

جسم نخره الهم , وسكنه الحزن , وعشش فيه الألم والحسرة , وشعرًا أحترق على براءة طفلتي وماحل بها , وأمراض تنهش العظام البالية .

أصرخ صرخة لتدوي في كل ركن من أركان المنزل .

هذا ماجنته يدي , وأبدأ في لوم نفسي , وتتصارع الأسئلة في رأسي .

آه ألم يكاد أن يحطم جمجمتي , وتفكير يلتهم خلايا مخي .

وتسيل دموعي لتحرق فؤادي , وتفتت أشلاء كبدي .

وأتحاور مع نفسي , ربما هذه الحروف والكمات تخمد النار الملتهبة بين ضلوعي المتكسرة .

لماذا لم تسمع نداء واستغاثة زوجتك ؟

ألم تأن وتتأوه أمامك ؟

لماذا يديك لم تمتد وتمسح دمعتها قبل أن تسيل دمائها على هذه الأرض ؟

أين ذهب عقلك ورشدك أين غيب عنها ؟

ويحرق الأنين والحسرة صدري .

كانت زوجة صالحة ومحبوبة من الجميع , احترمت نفسها واعتزت بكرامتها لتنثر هذا الاحترام على الآخرين .

أضاء قلبها بالحب والحنان , أشرق جسمها بابتسامتها الصادقة , وتلمع عيناها بضياء الحكمة والأمل .

لم تصدق أذني ما سمعت ؟

وعميت عيني عندما رأت الحدث !!!

 من أمنته على عرضي ونفسي ومالي وأخي وحزام ظهري .

كان يتربص بأهلي .

وغرس السكين في قلبي  وفرى لحمي .

لم يكن أخي ؟

كان شيطان في صورة أنسان  !!!

كيف لأخ أن يهتك عرض أخيه ؟

لا بل يدنس شرف أخيه وتختم حياة زوجتي بالعار؟

ابنتي آه ياابنتي يافرحتي المتحطمة .

امتدت يد الغدر لك لم تسلم براءة الطفولة !!!

ولم تشفع لك دموعك الجارية ؟

عمك وسندك في الحياة أخرس لسانك !!!

ولم يكتفي بذلك !!!

بل قطع كل وريد ينبض بالحياة !!!

عشر سنوات مضت على الحادثة !!!

عشر سنوات من الدموع الجارية  !!!

عشر سنوات لم أرى إلا الدموع ولم أسمع غير الأنين !!!

عشر سنوات ولا أعلم أن كنتي جائعة أو تتألمي !!!

عشر سنوات ولا أعلم أن كان البرد يؤذيك أو حرارة الجو تحرق جلدك الناعم !!!

عشر سنوات تسير أقدامك إلى نحو مسرح الجريمة لتجلسِ وتسكبِ الدموع !!!

عشر سنوات ودموعك تحرق أوداجي وتقطع أوصالي !!!

لم يكتفي عمك بأن يحرمك من كلمة ماما بل من كل الكلمات !!!

ولم يقف تهوره عند هذا بل زاد وزاد وبرر جريمته بأنه كان يدافع عن شرف أخيه ويحمي لحمي من الرذيلة  !!!

أعلم أنه من عمل الرذيلة !!!

أرفع رأسي المتهالك من الهموم .

وتنظر عيني إلى الملاك الطاهر .

وأركع أمام البراءة وعيني تنظر في عيناها الصغيرتان .

ابنتي لا تحرقي قلبي بدمك حسرة , وصبري على كل الذي جرى .

أن الله عليم خبير , ولا تخفي عليه خافية .

أضم ابنتي إلى صدري , لا بل إلى قلب .

ترفع رأسها وتنظر .

وتدمع عيناها , فهذه لغتها منذوا أن وقع بصرها على ماحدث لوالدتها .

أقبل ابنتي على وجنتيها .

وتدس رأسها في صدري .

وتسيل دموعها .

وتحرقني دموعها المتساقطة على صدري .