الإعلام السعودي الجديد.. فراس بقنه أنموذجاً

 

قبل سنوات قليلة فقط كُنا نشهد حرباً واسعة بين الصحف المحلية التقليدية والصحف الإلكترونية انتهت بأن اليوم المواقع الإلكترونية للصحف التقليدية أصبحت في منافسة كبيرة مع مواقع الصحف الإلكترونية نفسها. ففي ظل زمن العولمة استوعبت صحفنا التقليدية بأن لابد لها من دخول مضمار الإعلام الإلكتروني الجديد وإلا ستكون خسارتها كبيرة, بل حتى على المستوى الرسمي من قبل وزارة الثقافة والإعلام تم الاعتراف بهذه الصحف الإلكترونية كمؤوسسة إعلامية.

وبما أننا في زمن الشبكة العنكبوتية, بدأنا نشهد أيضاً ظاهرة الإعلام اليوتيوبي والتي انتشرت منذ فترة لدى الغرب واستنسخها شبابنا في عدة صور ومجالات حتى وصل لدينا اليوم ما يربو على ثلاثة وثلاثين برنامجاً يوتيوبياً على مستوى المملكة فقط.

ظاهرة الإعلام اليوتيوبي تمكنت من الانتشار السريع بين أوساط المجتمع وفئاته؛ لملامستها همومهم وأوجاعهم اليومية وبعيداً عن مقص الرقيب الإعلامي. وأيضاً لإمكانيات كبيرة أثبتها لنا أصحاب هذه البرامج من شباب سعودي مثقف و واعد, تميزوا بإمكانياتهم هذه حتى على المستوى الخليجي والعربي.

ولكن للأسف يبدو أن البعض إلى الآن لم يستوعب هذه النقلة الإعلامية التي نشهدها ويشهدها العالم أيضاً, وربما الاستيعاب سيكون بطيئاً كما حصل للصحف الإلكترونية. فبدلاً من أن تحتضنهم وتدعمهم وزارة الثقافة والإعلام التي تصرف ميزانيات وقدرها على برامج تلفزيونية تقليدية لا تملك نصف أعداد مشاهدي هذه البرامج اليوتيوبية دعمتهم "موبايلي" واحتضنتهم المؤتمرات الخارجية والمهرجانات السينمائية.

فراس بقنه .. أحد هؤلاء الشباب والذي أثبت لنا في أربع حلقات فقط من برنامجه "ملعوب علينا" تميّزه وإبداعه, فبعيداً عن التطبيل والتهريج تناول قضايا إجتماعية تمس المواطن وهمومه. بأسلوب واعي وإخراج مميز نزل إلى الشارع حتى ينقل لنا وللمسؤولين ما يخفى عن البعض. فمن حلقة ساهر و ارتفاع الأسعار و الشباب السعودي حتى حلقة الفقر التي وصلت لأكثر من مليون مشاهدة على اليوتيوب وهي كانت بداية الحكاية, والتي تناول فيها قضية إجتماعية مؤرقة للصغير قبل الكبير وانتهت بأربعة عشر يوماً من الاعتقال له ولبقية طاقم البرنامج.

بعيداً عن الدخول في التفاصيل عن أسباب الاعتقال. السؤال هل لو أخطأ السدحان والقصبي في طاش بعرض قضية إجتماعية ما, سيكون الحال بهما إلى السجن؟! أم ستكون هناك جهات قانونية مسؤولة عن ذلك من قبل وزارة الثقافة والإعلام نفسها.

هذا الجيل الشاب سيثبت نفسه إعلامياً لا محالة, لذلك على وزارة الثقافة والإعلام استيعابهم ودعمهم "بدون مقص للرقيب" طبعاً, وأن تكون جهة منظمة و مسؤولة عنهم قانونياً يُرجع إليها عندما تحصل هناك تجاوزات أو خلافات, كما حصل مع الصحف الإلكترونية.

بالأمس كانت البهجة تعم مواقع التواصل الإجتماعي لخبر خروج فراس بقنه وأصدقائه, نتمنى ألاَّ تتكرر قصة فراس فهؤلاء شباب لا نساوم على حسهم الوطني وتميّزهم بل أثبتوا للجميع أنهم نبض الشارع بكُل جرأة وشجاعة, اختاروا الابتعاد عن التطبيل والنفاق حُباً وخوفاً على وطن غالي.

حمداً لله على عودة فراس بقنه سالماً وعراباً للإعلام السعودي الجديد, وفي انتظار الحلقة الخامسة من "ملعوب علينا".