جاسم كما عرفته

 

تمر أمام ناظرينا  في مشوار الحياة انماطآ كثيرة من الرجال نتواصل معها ردحآ من الزمن يطول أو يقصر،ثم لاتلبث تلك العلاقة أن تخبو أو تنقطع تحت طيات الزمن وتقلبات الحياة حتى تصبح جزءآ من الذكريات غير أن نمطآ فريدآ من الرجال أعطاه الله من فضله مواهب العلم ،وحسن الخلق ،وسعة التجربة ،وملكة الاخلاص ، يفرض نفسه على بيئته ويترك طابعه على جيله ، وتدفع تيارات الحياة معارفه واخوانه في اتجاهات عدة لكن ذلك الرجل يظل طافيآ فوق المسافات والابعاد يشد اليه الاقرباء  ويغبطه الابعداء ..

ولاشك أن فقيدنا  المهندس جاسم آل قو أحمد، هو أحد النماذج البارزة التي أُّثرت في هذا الجيل ،وعايشت تجاربه ومعاناته وصنعت من كل ذلك رجل مواقف سيذكره بها أجيالا كثيرة....


كان جاسم تجربةً غنية في حياته، قيمةً بعد مماته ...

لا أريد أن أسرد في تجربة حياته لأنني أتحدث أمام أهله وعشيرته ..أمام أناس عرفوه وصدقوه ،وعاش معهم السراء والضراء.. اخواني   أحبتي ..

لقد تعودنا حين نقدم قامة من قاماتنا أن نقول " غني عن التعريف" فذهبت هذه العبارة مذهب المجاملة ترفع من قدر الشخص وتخفف من جهد المتحدث عنه، فتوجز التعريف وتختصر السيرة..

ولكن هذه العبارة إن قلناها عن جاسم فإنها تكتسي معناها الحقيقي ...

إنه بالفعل رجل علم وخلق ..

والعلم والخلق مكونان أساسيان للإنسان ..

وهذا هو إمام المتقين علي عليه السلام يقول " الخلق زينة العلم" فكيف إن ترادف الخلق والعلم مع خدمة الناس والسهر على راحتهم وقضاء شؤونهم دون منة أو طلب شهرة..

إنك يا جاسم إن بذلت للآخرين في مجتمعك عطاءاً نافعاً فسيعطيك الباري عزوجل إن شاء من الأجر الجزيل والثواب الوفير وسيسبغ عليك بعونه تعالى شآبيب الرحمة في دار صدق عند مليك مقتدر.
إن أقل جاسم فمن أجل حذف الألقاب لأن جاسماً كما عرفته أكبر من كل لقب....

أنه يصعب علي يأخوة..

يأخوات أن أحيط ببحر تجاربه وجمال صفاته ..

ومع خشيتي أن أخدش حرصه الدائم على إقتران العمل بالتعفف عن المديح في حياته , فإني أستبيحه عذراً وهو في دار الخلود أن يتقبل ذلك من باب قول الحق في موضعه واسداء العرفان لمستحقيه.

إخواني:
أن ما يجبر مصابنا هو الثقه الغامرة أن مانرثي به جاسم من تعداد للمناقب لهو عبرة للأجيال القادمه أن تنهل من تجربته وتستفيد من سيرته المعطاءة وعمله الصالح الدؤوب في عمارة الأرض والإنسان.

ان القلوب التي يعتصرها الألم تقف اليوم وقفة ترحم وعرفان لهذا الرجل المؤمن الذي أفنى حياته في خدمة مجتمعه ووطنه متمتعاً بالخلق والعلم، والتواضع والحكمة, جامعا للكلمة , معبئآ للطاقات , متفانياً في صنع الخير والنماء..

إنني أقف في إجلال لا تستوفيه العبارات أمام سيرة رجل قد فقدناه , لكن برنامجه وسيرته ومدرسته باقية وسيظل جاسم قدوة في عطائه وتفانيه واخلاصه..


يموت الخالدون بكل فج       ويستعصي على الموت الخلود


 اللهم  لا راد لقضائك ولا مغير لحكمك .

والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته

*ألقيت هذه الكلمة التابينية بمناسبة ذكرى الاربعين لوفاة المهندس جاسم آل قو أحمد
أم الحمام 9/4/1433
الرئيس الفخري لجمعية القطيف الخيرية