رابطةُ المنبرِ الحسيني تنعَى الملا علي الطويل

شبكة أم الحمام

 

بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيم

ِ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَات اللَّه وَ يَخْشَوْنَهُ وَ لَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّه وَ كَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا .

ببالغِ الحزنِ والأسَى تنعَى رابطةُ المنبرِ الحسينيِ بالقطيفِ و الدمامِ للمؤمنينَ و عشاقِ الامامِ الحسينِ و العترةِ الطاهرةِ صلواتُ اللهِ عليهِم رحيلَ أحدِ أبرزِ أعمدةِ المنبرِ الحسينِيِ و قطبٍ من أقطابِ الوعظِ و التبليغِ الدينيِ في منطقةِ القطيفِ، الأستاذِ و المربِي الفاضلِ و الخطيبِ البارعِ الملا عليِ الطويلِ رحمَهُ اللهُ تعالَى.

لقد كانَ الفقيدُ الكبيرُ رمزاً دينياً و اجتماعياً و ثروةً من المعارفِ و إرثاً حضارياً بما كانَ يحملُهُ من معرفةٍ و بما اكتسبَهُ من ثقافةٍ لغويةٍ و ما يتمتعُ بهِ من ذوقٍ أدبيٍ رصينٍ. لقد مثلَ الفقيدُ مدرسةً خطابيةً محكمةَ الأصولِ رفيعةَ المباني شامخةَ العطاءِ يانعةَ الثمارِ مباركةَ النتاجِ تؤتي أكلَهَا كلَ حينٍ بإذنِ ربهَا.

تركَ الفقيدُ الكبيرُ إرثاً مباركاً تمثلَ في جيلٍ منَ الخطباءِ الكبارِ الذينَ أخذوا منهُ منهجَ الخطابةِ الحسينيةِ و نقلوا هذهِ التجربةِ لمن تتلمذوا على أيديهم من خطباء الجيلِ التالي حيثُ لا تزالُ هذهِ التجربةُ ترفدُ المنبرَ الحسينيَ بروائعِ عطائهَا و تمدُهُ بالطاقةِ الشعوريةِ و تفجرُ من جوانبهِ ينابيعَ الولاءِ الصادقِ لأهلِ بيتِ العصمةِ والطهارةِ صلواتُ اللهِ عليهم أجمعينَ.

و اللافت أن عطاءُ الراحلِ الكبيرِ لم يقتصر في بعدهِ الخطابي المتميزِ فحسب، بل تربَى أكثرُ من جيلٍ من أبناءِ هذهِ المنطقةِ تحتَ منبرهِ المباركِ ينهلُ منهُ الحكمةَ و الموعظةَ الحسنةَ و يتزودُ التقوى و يفجرُ مكامنَ اللوعةِ و الأسَى و يؤججُ العواطفَ و المشاعرَ حباً و ولاءً لساداتِ الدنيا و الآخرةِ.

فحين ترجلَ هذا الفارسُ الكبيرُ عن فرسهِ حرصاً منهُ على تميزِ المنبرِ و صوناً لهُ عن العبثيةِ، فقد أعطى درساً عملياً في إخلاصهِ و تقديسهِ لهذهِ المهمةِ و آثرَ أن يستمرَ في العطاءِ و التربيةِ من داخلِ بيتهِ ومن مجلسِهِ العامرِ بألوانِ التربيةِ الروحيةِ و الأخلاقيةِ مروجاً للمعارفِ الدينيةِ يصقلُ الطباعَ بحسنِ اخلاقهِ و يثري الذوقَ الأدبيَ الرفيعَ بروائعِ استظهاراتهِ حيثُ كانَ مرتادوا مجلسهِ يستفيضون من عبيرَ عطائهِ و يستضيؤنَ بألقِ أنوارهِ و بما يستطيبونَ من لذيذِ حواراتهِ.

و أماُ مجالسُهُ الحسينية فتميزت بأساليبه الخاصة و منها على سبيل المثال:

الطريقةُ التقليديةُ:
هوَ آخرُ الخطباءِ الذينَ بقوا على الطريقةِ التقليديةِ بأن يقومُ الطريحُ المعاونُ بالقراءةِ معهُ في قصيدِ العزاءِ نهايةِ المصرعِ.

صوته الشجي؛
و من اداء صوتِهِ الشجيِ الذي يبكِي الناسَ كمَا يقالُ لنَا :- ايامَ شبابهِ ان المستمعينَ ينزلونه منَ المنبرِ لعدمِ تحملهم المصيبةَ التي يصورهَا لهم و ينحت لهم المشاهد الكربلائية الدامية.

تحريكُ المستمعينَ:
معَ انهُ كفيفُ البصرِ إلا انهُ يستطيعُ أن يحركَ الحضورَ للتفاعلِ معهُ و حين يبدأ القراءةَ، يتأكدُ من مقدارِ الحضورِ و تجاوبِهِم، ففي مسجدِ العباسِ بالربيعيةِ و هوَ اخرُ مأتمٍ لهُ في تاروتَ كانَ يقرأُ ذكرى القاسمِ و ذكرَ أبياتٍ لشجاعتهِ فقالَ أحدُ الحضور ( إسمُ اللهِ عليهِ ) فتركَ قصيدتهُ و نزلَ درجةً متجهاً للمتكلمِ وردَ عليهِ قائلاً تقولُ إسم اللهِ عليهِ إسمع :- وذكرَ قصيدةً أخرى : ( إسم الله عليه فرع للدوايب ) فانقلبَ المجلسُ بالبكاءِ و العويلِ و هوَ يقولُ لهُ و يكررُ (انت اللي تقول).

و كان لهُ ذوقٌ عربيٌ فإذا قرأَ الأبياتَ الفصيحةَ يذكرُ معاني الكلماتِ و يوضحهَا لغوياً.

و كانَ آخرُ مجلس حسيني أحياه و قرأهُ الفقيد الراحل في حسينيةِ المصطفى في حي الخامسةِ بالقطيفِ.

رحم اللهُ فقيد المنبر و المجتمع و جزاهُ اللهُ خيرَ الجزاءِ و حشرهُ معَ محمد و آله الأطهار.

رابطةُ المنبرِ الحسينيِ بالقطيفِ والدمامِ.
٥/ ٩/ ١٤٣٤هـ