افحصوا هرمون الحب لديكم


الإنسان كائن ذو أبعاد مختلفة يؤثر بعضها في البعض الآخر، وذلك ما يكشفه لنا العلم الحديث يوما بعد يوم. فعندما ننفعل نفسيا، كأن نغضب مثلا، تفرز غدة الأدرينال هرمون الغضب المعروف باسم (الأدرينالين) وترتفع نسبته في الدم مما قد يؤثر سلبا على القلب والشرايين. هكذا تكون استجابة الجسم لانفعال النفس من خوف أو غضب أو ما شابههما بحسب أهل الاختصاص، ولستُ منهم.

ولأننا نتحدث عن الحب، فإن السؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا هو: ماذا يحدث لنا عندما نحب؟ هل هناك أي تغييرات سيكولوجية أو فسيولوجية؟ هل يفرز الجسم هرمونا خاصا بالحب أيضا؟.

الجواب وجدته في مقطع فيديو قصير على اليوتيوب للدكتور وليد فتيحي تحت عنوان (الحب يشفيك). وقبل أن أشارككم ما جاء في المقطع نظرا لأهميته، أود أن أشيد بما يقدمه بعض الجادين من مواد مفيدة على الانترنت مستثمرين الفضاء الافتراضي وما يوفره من نافذة مفتوحة يمكن من خلالها اختصار المسافات المعرفية واختزال حقب التحولات الاجتماعية والثقافية والسياسية لصالح الشعوب.

جاء في المقطع المذكور ما يلي:

خلق الله الإنسان وجعل فيه خاصية القدرة الذاتية الداخلية على أن يعالج نفسه ويشفيها بالحب.

أثبتت الدراسات بما لا يقبل الشك العلاقة الوطيدة بين العقل والجسم. وبينت الأبحاث الكيفية التي يستطيع بها الحب أن يُشفي. فعندما نشعر بالحب، كحب الخالق وحب المخلوقات وحب الكون من حولنا ونعطيه ونستقبله فإن الدماغ يفرز مجموعة من الهرمونات أحدها وأهمها هرمون الأوكسيتوسين أو ما يلقب بهرمون الحب والذي يحث الإنسان على الترابط والتواصل والتلاحم مع الآخرين. ولكن هذا الهرمون يقوم بوظيفة أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها، فهو يحمي من الآثار السلبية الناتجة من الضغوط النفسية والعصبية والفيسيولوجية بشتى أشكالها. ففي دراسات علمية عديدة منها دراسة د. هيلين فيشر -والتي قضت حياتها الأكاديمية كلها محاولة فهم ما يحدث في الدماغ عند الحب- وجدت أنه عندما يركز الشخص على من أو ما يحب فإن أجزاء محددة ومعينة من الدماغ تشع وتضيء مما يعني أن تلك المنطقة قد فُعِّلت، ومنها المنطقة المسؤولة عن إفراز هرمون الدوبامين، والذي يلقب بهرمون المتعة أو السعادة. وتوضح د. فيشر أن هذه الهرمونات التي تفرز في الدماغ وتتناسب مع شدة الحب يمكن أن تغرق الدماغ بكميات كبيرة لتمنح الجسم النشاط والقوة والحيوية والجلَد والتركيز والقدرة على الاحتمال وتجعله قادرا على أن يسهر الليالي دون تعب أو نوم أو يقطع مئات الأميال من أجل غاية أو حتى أن يموت من أجل الشخص أو الشيء الذي يحب.

إن الأبحاث العلمية وبالاستعانة بالتقنية الحديثة استطاعت أن تكشف لنا أمرا عجيبا يحدث أثناء الإحساس بالحب. فعندما نشعر بالحب بشكل عام، يفرز الجسم مادة حليبية بين خلاياه ولا نعرف هوية تلك المادة، إلا أننا نعرف أن الخلايا تتقارب من بعضها بعضا ويتحسن أداؤها وكأن كل خلية أصبحت تحب أختها وتترابط معها لتحسين الأداء الوظيفي. فلا عجب أن تجد المحب يشعر بالنشاط والقوة والحيوية وتجده قادرا على المشاكل مهما تعقدت. والعكس صحيح، فعندما يشعر الإنسان بالحزن فإن هذه المادة الحليبية التي بين الخلايا تختفي وتتسارع حركة الخلايا في الجسم وتتنافر كأنها تبغض بعضها ويتدهور أداء أعضاء الجسم ويشعر الإنسان حينها بالضعف والاكتئاب وانعدام القيمة بل والعجز عن القيام بأي عمل.

إن الحب أغلى وأهم طاقة يمتلكها الإنسان، وهو يعطي الإنسان فرصة ووقتا لإصلاح ما تلف في الجسم، ويعطيه الطاقة اللازمة لإصلاح الخلايا حتى لا يتأخر الإصلاح وحتى لا يدفع الإنسان ثمن ذلك في إحدى صور الأمراض المختلفة والتي منها السرطانية.

حقا لقد خلقنا الله مهيئين للعلاج والشفاء الذاتي، وجعل الحب أنجح تلك الوسائل لتحقيق ذلك الشفاء لأجسادنا وعقولنا وأرواحنا. تقول دكتورة سو كارتر من جامعة إلينوي إن الإنسان يولد بفطرته مهيأ للتواصل الاجتماعي، وعلى قدر تواصل الإنسان بأواصر الحب مع الآخرين، على قدر ما يكون صحيحا جسدا وعقلا وروحا. (انتهى المقتطف من المقطع).

شكرا لكم. افحصوا هرمون الحب لديكم. لا شك أنه في أحسن حالاته لأنكم أهل الحب.

دمتم بحب .. جمعة مباركة .. أحبكم جميعا.

 

 

 

شاعر وأديب