الإضراب الأخضر


نحن جزء من الأرض أكثر مما الأرض جزء منا... فمنها خلقنا وإليها نعود، والبيئة اليوم على كوكبنا تعاني من تدهور، ويعاني غالبية البشر من قصور شديد في تلبية حاجاتهم الضرورية، ولذلك فإن القضايا البيئية ترتبط ارتباطاً وثيقا بقضايا البشر و مشاكلهم من حرب وفقر و زيادة سكان و نقص في التعليم و ما إلى ذلك، و لاريب أن سياسة إدارة الظهر لمثل هذه القضايا المعقدة ستؤدي الى زيادة المشاكل في هذا العالم المضطرب أساساً.

البيئة مرتبطة بالإنسان، و الإنسان جزء من البيئة، و عليه للبيئة حق الرعاية، و الحفاظ على البيئة حق للأرض، و حق للأجيال القادمة، و من الواجب أن نحاسب أنفسنا على حالة الأرض التي سنخلفها لأولادنا، و هل سيبقى لهم مكان نظيف، و بيئة صحية جيدة للعيش تحوي على هواء نقي ليتنفسوا، و طعام كافي ليتغذوا، و طيور تجمل و تُكمل الصورة البيئية الطبيعية.

وجود الغابات عامل ضروري و مهم لتنفس الأرض و تخليصها من تراكمات ثاني اكسيد الكربون، و لتكون الملاذ الأخير للحيوانات البرية أو البحرية،

و في الوقت الذي تسعى دول نامية إلى المحافظة على البيئة الخضراء، و تدعوا اخريات الى اعتماد سياسة البيئة الخضراء، لأن البيئة لا تعني فقط مكافحة التلوث والحفاظ على صحة المواطنين بل تعني المحافظة على وجودية البيئة، نجد أن السلطات في بلادنا تواصل سياسة العين العوراء عبر تدمير ماتبقى من بيئة في القطيف.

و في الحقيقة أن سياسة العين العوراء ليست مقتصرة على الجانب البيئي المهمل من أساسه، بل المعدوم وجوده في سياسة الدولة الحالية و المستقبلية، فالبيئة هي آخر اهتمامات الأنظمة التي تهتم في جمع المال على حساب المستضعفين.

و ماقام به مجموعة من النشطاء في حماية البيئة محليين و دوليين في تنظيف أشجار القرم التي تعاني في الأصل من الإهمال البيئي، مضافاً عليه حملة تدمير، ماقام به هؤلاء هو عمل رائع، أي حكومة و نظام يحمل قليل من الوعي و الفهم في ضرورة الحفاظ على البيئة سيتبنى ما يقومون به و يدعمه، و يشجع على مثل تلك الحملات التي تزيد مساحة الوعي البيئي عند الشارع، لكن للأسف الإرادة و كما قال السادات تُهدم امام التخلف.

و عبر هذه المقالة أستنكر مواصلة سياسة العين العوراء تجاه الكثير من القضايا البيئية، و السياسية،  و الإجتماعية، و الحقوقية. و إن المواصلة في محو غابات المانجروف من على سواحل المنطقة الشرقية عامة و مدينة القطيف خاصة، ظُلم و ظلامة جديدة في حق المجتمع و الأجيال القادمة. و هنا نعلن تضامننا مع الحملة التي يقودها الأستاذ علي شعبان و الذي أعلن إضرابه عن الطعام في سبيل تخليص غابات المانجروف من سياسة القطع و التدمير المتواصلة. كما أدعوا جميع أبناء الوطن و المجتمع للتضامن معه عبر الهاشتاق الذي اطلقه في تويتر #الإضراب_الأخضر . الكاتب و الناشط علي شعبان مايقوم به اليوم هو تضحية كبيرة يحاول فيها لفت الإنتباه لأهمية تبني القضايا البيئية، لاسيما قضية أشجار القرم التي تمثل مصدرًا للغذاء والمأوى للعديد من الحيوانات البحرية، و ذات أهمية اقتصادية لصائدي الأسماك و الذي يمثل مصدر رزق لنسبة كبيرة من أبناء منطقتنا. لهذا يجب أن يكون لنا لآتنا المعارضة و الواضحة تجاه هذه القضية كما القضايا الحقوقية الأخرى. فلا لقطع أشجار القرم، و لا لتدمير البيئة، و لا لسياسة إدارة الظهر، و لا لسياسة العين العوراء، و لا للعب في أرضنا و بيئتنا التي هي حق لنا و لأبنائنا.