قطار الوطنية والمصالحة!

رحم الله الشهداء من المواطنين ومن رجال الأمن البواسل، ورحم الله كل من ساهم وشارك وتعاون بالتشييع المهيب، من المواطنين والحكومة ومن دول الجوار، وهكذا عهدناكم يا أهل الأحساء، فلقد ضربتم أقوى أمثلة الوطنية الحقيقية، وجسدتم أفضل معاني اللحمة والمحبة بين أبناء الوطن، وهذا ليس بغريب، لأنه ديدن آبائكم وأجدادكم.

لقد وضعتنا تلك الظروف على سكة قطار الوطنية والمصالحة والمشاركة، ولغة التعايش والمناصفة بين أبناء الوطن الواحد، والاهم لغة الاعتراف الجميلة بشريك الوطن، مهما اختلفت الثوابت العقائدية والمذهبية لكل عضو منه. ووجهنا بوصلتنا نحو كثير من الأمور التي تجمعنا، كالدين واللغة والدم والأرض، وأهمها « المصالح المشتركة والمستقبل »، وهذا تم بقيادة وتشجيع وانضباط من لدن حكومتنا الرشيدة، وتعاون المواطنين الصادقين والشرفاء من كل شبر من أرجاء وطننا الغالي.

لقد أتصل بي زميل إعلامي من مدينة الرياض، وقال لي: إن لغة إمام مسجد حارتنا بخطبة الجمعة المنصرمة وضعت النقاط على الحروف، ورسمت البسمة على شفاهي، لذلك أتصلت بك، كي أعزيك وأعزي نفسي وأعزي الوطن، ولكي أطمئنك إن كثير من الأمور ستكون نحو الأفضل والقادم أجمل إن شاء الله.

وكذلك بوادر مفرحة تلوح بالأفق بالإعلام المرئي، وهي علامة خير إن شاء الله بتغير اللهجة والصيغة والإشارة والنفس، نحو الإيجاب بالتجاذب والقبول نحو « شريك الوطن »، وهذا عين الثقافة وعين الذكاء الاجتماعي، وعين الإحساس بالمسؤولية، والشعور بالمواطنة، فالوطنية: هي أن تشعر بألآم الوطن وتشارك بطبطبة جراحة، باي بقعة فيه، والاعتراف بشركائه، والذود عنهم في المحن، فإنهم معك في مركب واحد.

نحن أبناء هذه الأرض، ونحن شركائه وأهله، فلنتحاور ونتفاهم « لنتصالح » لما هو الأصلح والأنفع للجميع، نضحك مع بعض، ونتألم مع بعض، لأننا في بطن واحد، ومهما يحدث من شرخ أو ألم هنا أو هناك، « فلا نريد ولن نسمح » لأي أجنبي من خارج الديار أن يتدخل بيننا، ونحن الأولى بعلاج جروحنا وهفواتنا، وكما يقال « كلنا عيال قريّة وكلاً يعرف أخيّه »

ندعوا الله أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، وأن نبقى على سكة قطار الوطنية والمصالحة والمحبة والتعاون بين أبناء هذا الوطن الجميل، وليعلم كل شريك: إن القطار يسير الأن بسرعة على سكته، وإن أي إنحراف أو عودة، سيحدث كارثه لا سمح الله!، وسيقع القطار بأكمله، وكما قالوا أجدادنا: لو ثقب المركب بالأمام أو بالخلف، فإنه سيطبع بمن فيه، ولن ينفع الندم بعد غرق المرساة، والعاقبة للمتقين.. حفظك الله يا وطني وحفظ حكومتك وشعبك، وحفظك من كيد الأعداء.

روائي وباحث اجتماعي